Ok

By continuing your visit to this site, you accept the use of cookies. These ensure the smooth running of our services. Learn more.

Friday, 03 June 2005

إرتديت السواد وركبت القطار - شاهيناز عبدالسلام

كانت لدينا اليوم رسالة أردنا أن تصل للنظام الحاكم في مصر و للعالم كله و هي اننا
بنات و نساء مصر و رجالها شبابها و كهولها مش خايفيين و لن ترهبنا أساليبكم القذرة الشيطانية التي لم تحدث في تاريخ مصر و لم نتخيل أن تصل لهذا الإنحطاط فقد تعدى هذا النظام كل الخطوط الحمراء , جئنا أيضا لنقول ان كل ما يحدث في سجون هذا النظام البوليسي قد أنفضح ورأينا و رأى العالم بأسره منه مشاهد مروعة و نحن نعلم أن ما خفي هو أبشع .


و في طريقي للنقابة الصحفيين قابلت بعض ممن تم ضربهم في يوم الاربعاء الأسود و سألني أحدهم إذا كنت قد أحضرت معي ما أدافع به عن نفسي اليوم حيث أن هذا النظام الفاجر نتوقع منه أي شيء و كل شيء
و مش بعيد يعمل فينا زي ما عمل المرة اللي فاتت و قد كنت بالفعل قد فكرت في اليوم السابق ماذا يمكن أن احضره لأدافع به عن نفسي إذ ربما إعتدى علينا هؤلاء الانذال و لكنني لم أصل لشيء مناسب فنحن نذهب و هدفنا سلميا و لا يمكن أن نلجأ للعنف و في الطريق إقترح علي احدهم
أن أحضر إسبراي مزيل للعرق فإذا تعرضوا لي أرشه في عيونهم و فعلا توقفت أمام صيدلية و قمت بإحضار زجاجة و قد تمنيت ان تكون منتهية الصلحية حتى تصيبهم بالعمى إذا امتدت أياديهم القذرة علي أو على أي إمراة اخرى

ذهبنا للنقابة, الكل يرتدي السواد نساء و رجال و قفنا وسط المتظاهرين و بدأت الهتافات و كان أحدهم يهتف حسني مبارك فنرد "باطل" , "حبيب العادلي" "باطل ,الإستفتاء "باطل" , مجلس الشعب "باطل" ,مجلس شورى "باطل" كمال الشاذلي "باطل", جمال مبارك "باطل" ثم هتفنا مع التصفيق باطل باطل باطل و طالبنا بإقاله وزير الداخلية و محاكمة كل المجرمين الذين إشتركو في إهانة أشرف و انبل نساء و رجال مصر و كانت عدسات القنوات الفضائية و الصحف ووكالات الأنباء تصورنا و لمحت أيضا المذيعة بثينة كامل و هي ترتدي السواد و كانت تقف معنا ثم تحركت بكاميراتها الخاصة لتصور المشهد و لم أتعجب أنها حضرت بالرغم من إنها من أهل ماسبيرو فأمام ما حدث يوم الأربعاء الأسود تسقط كل الاعتبارات و الانتماءات فهو فعل فاضح و مرفوض على كل المستويات و لكن أيضا يشهد بالشجاعة لبثنية كامل حيث أنها كاتبة بجريدة الدستور لاتي أقلقت راحة النظام و كشفت عوراته كثيرا و حضورها اليوم قد يعرضها أيضا لمضايقات

و على سلالم نقابةالصحفيين و أثناء وقوفنا رأيت إمراة تحاول إختراق الصفوف للصعود و تجد صعوبة فمددت يدي أساعدها لأكتشف انها الكاتبة فتحية العسال سالتها "هو حضرتك فتحية العسال" فأجابت "أيوه انا" ,ساعدتها حتى وصلت بجانب الصحفية نوال السيد علي التي إعتدى عليها المجرمون و مزقوا ملابسها و تداولت الكثير من الصحف ووكالات الأنباء صوره أثناء الاعتداء عليها
و على سلالم نقابة الصحفيين أيضا رأيت كل الوجوه التي ضربت و تم الإعتداء عليها و سجلتها الكاميرات فهذه ضربوها و تحرشوا بها و أخرى مزقوا ملابسها و ثانية حبسوها مع أحرين في أحد الصيدليات و ثالثة و رابعة
كلهن حضرن في شجاعة و كنت استمع لقصص و حكايات مرعبة عن ذلك اليوم حتى أن بعضهم كان قد فقد الأمل في الخروج حيا في ذلك اليوم

و بالقرب كانت عبير العسكري الصحفية بالدستور تقف في شموخ و قد ربط احد ذراعيها بعد أن أصيبت بخلع في كتفها من جراء الإعتداء الوحشي عليها
كان في وجهها سلام غريب و كانت نظراتها مطمئنة و هي تنظر لمن حولها و لسان حالها يقول انه" طالما أننا جمعيا معا فلا خوف و لن يرهبنا احد و رغم من إصابتي فانا هنا مرة أخرى" , جاءت عبير في هدوء و هتفت معنا ضد الظلم الذي اصابها و اصابنا جمعيا و هتف كمال خليل مشيرا إليها و إلينا "مصر يا ام بناتك اهم ولادك أهم دول علشانك شالو الهم "
كان ممن رأيتهم أيضا و الذي وقف في المقدمة "محمد عبد القدوس" و أيضا حضر "محمود بكري" وطبعا عبد الحليم قنديل مرتديا السواد .

استمرت المظاهرة أو الوقفة الإحتجاحية ما يقرب من الثلاث ساعات رفعت فيها شعارات تطالب بإقالة العادلي و أثناء ذلك كان هناك مؤتمرا صحفيا في قاعة بالنقابة تحدث فيه بعض الشهود و على رأسهم الصحفية نوال علي و أيضا تحدث كتاب و صحفيين أخرون و بعد انتهاء المظاهرة و انصراف الحشود الأمنية مرت ساعة تقريبا عندما خرج بعض المتظاهرين مرة أخرى و خرجنا معهم و خرج الباقون من باب نقابة الصحفيين و هنا رأينا تخبط اجهزة الأمن فبعد انصراف العساكر و ضباط الأمن المركزي لم يجد ضابط المرور ابو تلات دبابير إلا عساكر المرور ليحيطونا و كان المشهد مضحكا و هو ينظر في كل اتجاه و يستدعي عساكر المرور و يتكلم في اللاسلكي و بعد مرور ربع ساعة تقريبا وجدنا حشود الكلاب قد بدأت تعود مرة أخرى لتلفنا و لكن هذة المرة كان الوقت قد تأخر و كان علي أن ألحق بالقطار فإخترقنا الصفوف و استطعنا الخروج الحمد الله

حالة ألم - زيزي بنداري

ما حدث فى 25 مايو 2005 كان سبباً رئيسياً فى شعورنا بالألم والإكتئاب
بلطجة، تحرش جنسى، وإعتداء على مواطنين.. صورة همجية أجبرت قلوبنا جميعاً على الإتشاح بالسواد
ولكن الألم شديد.. وحالة الإكتئاب عامة أصابتنا جميعاً، وكلما اشتد اللأم كان ذلك نذير خير.. فهو محرك قوى لرفع أسباب هذا الألم . حتى الإكتئاب.. هو شعور يقول أننا لا زلنا نحمل قلوباً آدامية لو تمت بعد

فى كتاب لـ د/أحمد مستجير بعنوان "علم اسمه السعادة" يتحدث عن أهمية الألم والإكتئاب فى حياتنا فيروى حكاية طفلة قائلاً: "هناك قصة
حقيقية عن فتاة من مونتريال عمرها ما شعرت بصداع، أسنانها لم تؤلمها يوماً ما ولا أحست مرة بمغص فى بطنها أو ألم فى أذنها. أبداً لم تحس بحاجتها إلى أن "تهرش" جلدها. لم تعرف معنى كلمة ألم. قد نقول يالها من حياة خالية من المنغصات الجسدية! لكن، أتحب أن تكون مثلها؟


عندما كان عمرها 21 شهراً ظهر بمؤخرة رأسها ورم، فى المستشفى أجريت لها عملية جراحية صغيرة، فلم تصرخ ألماً. وعندما بلغ عمرها ثلاث سنوات أصيبت فى كعبها بإلتهاب نخاع العظام نتيجة تلوث بكتيرى يحدث كثيراً عند كسر العظام. ومثل هذا الإلتهاب يسبب آلاماً مبرحة، ومن ثم فالعادة أن يُعالَج الفرد سريعاً قبل أن سيتفحل، لكنها لم تشعر بشىء واكتشفته والدتها عندما لاحظت إحمراراً وورماً فى كعبها فاصطحبتها إلى المستشفى. مرة كانت فى حجرتها وحيدة فى الشتاء عندما سمعت أطفالاً يلعبون فى الشارع، فاتجهت إلى النافذة وركعت بركبتيها على أنابيب التدفئة لتنظر إلى الخارج. كانت الأنابيب ساخنة جداً لكنها لم تحس ومكثت تنظر بضع دقائق ليكتشف والداها الحروق الخطيرة فى ركبتيها ويحملانها سريعاً إلى المستشفى حيث أجريت لها عملية ترقيع للجلد. فى عمر التاسعة أدخلت إلى المستشفى أربع مرات، كانت إحداها بسبب إصابتها باحتباس فى البول لم تحس به. بدأت الطفلة تفحص نقسها بنفسها كل يوم بحثاً عن أية جروح جديد



......... عندما انتهت من دراستها الجامعية تفاقمت حالتها. كانت مشكلتها الرئيسية هى إلتهاب العظام...... ووقف الإطباء عاجزين إزاء التلوث الخطير الذى عم جسدها. ثم أحست بالألم لأول مرة فى حياتها. لكن لم يعد ثمة ما يمكن أن ينقذها فماتت بعد شهر فى عمر التاسعة والعشرين



:ويعلق د/أحمد مستجير قائلاً
" تذكرنا هذه القصة بأن الألم، رغم فظاعته/ ليس شيئاً سيئاً، بل هو فى الحق ثمين يقدم لنا الإشارات الفورية اللازمة لضمان بقائنا. إن عدم القدرة على الشعور بالألم أمرخطير وقاتل




وماذا عن الإكتئاب؟



يقول "لقد سيطرت علينا بالفعل فكرة أن عاطفة الإكتئاب - بل والحزن - ليست سوى خلل فى طبيعة الإنسان، ولم نعد نتصور أن هذه الخصيصة قد تكون مفيدة، مثل الشعور بالألم. لكن الآم الإكتئاب قد تكون حقاً فى مثل أهمية الشعور بالألم
يقول العلماء إن العواطف الإكتئابية بالنسبة لحياتنا الذهنية هى المعادل للألم بالنسبة لحياتنا الجسدية: هى إشارات ذات معنى تقول إن شيئاً ما يقلل من فرص الحياة والتكاثر والرفاهية.......... ينبهنا الإكتئاب على الأغلب إلى أننا نعانى من أزمة فى اللاوعى، إحباط أو خيبة أو مشكلة تستوجب الإهتمام، لكنها لا شعورية، وإدراك الخسارة أو الأزمة يغير الإحساس......... يخلع المكتئب النظارة الوردية التى يرتديها "العاديون" من الناس، تصبح نظرته واقعية، تصبح له قدرة أفضل على تقييم أدائه مقارنة بالآخرين، يصبح أكثر فهماً لحدوده، وأدق فى مراقبة سلوكه الإجتماعى، يصبح أكثر إدراكاً لمسئوليته عن نجاحاته وعن أخطائه، لا عن نجاحاته فقط. وهذه الوقفة المتأنية لتأمل الحقائق العارية تسمح للفرد بأن يصل إلى تقدير أدق لوضعه مما قد يؤدى به إلى النجاح: للفرد إذن أن ينسحب إلى داخل ذاته، أن يضطجع يقظاً، أن يحلم أحلاماً مقلقة، أن يتباطأ، حتى تحل المشكلة...... له أن يكتئب...... إن التخلص تماماً من قدرة الفرد على الإكتئاب - باستخدام العقاقير - قد يكون فى النهاية أمراً ضاراَ، تماما كاستئصال قدرة الفرد على اللألم. يحتاج كل فرد سليم إلى القدرة على أن يكتئب




أظننا جميعاً مصابون بنوع من الألم والإكتئاب.. أتمنى أن يكون من النوع الذى يحرك للأمام

مش كفاية .. في الخراب متسع - نظال زايد - هيوستون

إلى المناضل وائل عباس مع انحناءة احترام وتحية....
نضال زايد
--------------------------


مش كفاية...في الخراب متسع وفي السجون شواغر...وفي الشوارع مساحة للدم...



يكتبها بالمصري: نضال زايد-هيوستن

الصور التي نشرها "المشاغب" المصري وائل عباس..والذي يحرك بكلماته ولكماته "الشهية الوطنية" تشير إلى أن اعتداء ما وقع على نساء مصريات إحداهن محامية تم تمزيق ملابسها فقام صحفي شهم بخلع قميصه لتستر به نفسها، وأخريات أصبن بعد اعتداء من أسماهم عباس بالـ "البلطجية"..!!

الصحافية نوال تمزقت ملابسها وادعت أجهزة الأمن أنها مزقت ملابسها بنفسها لتورط رجال الأمن والحزب والبلطجية الوديعين المسالمين (شاهدوا الصورة ودققوا فيها لتعرفوا من الجاني)...وعبير العسكري الصحفية في جريدة الدستور أصيبت بخلع في الكتف جراء الضرب...وقال إيه كمان الصحفية شيماء أبو الخير تعرضت هي أخرى للضرب...والمحامية رابعة تم تمزيق ملابسها أمام نقابة الصحافيين...هل تصدقوا هذا الكلام...يعني البلطجية تركوا الرجال وأشبعوا النساء ضرباً..!!!

الصور التي أرفقها وائل عباس الذي أرسلها عبر البريد الالكتروني والمجموعات البريدية ليحرك بملعقة "الشهامة" رواسب "المروءة" تؤكد كلامه ولكن الحكومة المصرية واللواءات ورجال الحزب الذين اتهموا بتحريض البلطجية يحاولون الخروج من هذا المأزق الذي سيحدث انقساما في الشارع المصري، ولا نعرف منذ متى تلك العلاقة التجارية المتبادلة بين رجال السلطة في مصر والمجرمين فكما يروي شهود عيان أن بعض النسوة المسجلات خطر شاركن في ضرب الفتيات وكانت سيارة حكومية قد وزعتهن قبل الاشتباك بقليل ووضعن في أماكن حيوية!! وهذه حقيقة وحتى لا نفتري على البلطجية من رجال الحزب وهذا أمرٌ يبرئ ساحتهم ويبرئ ساحة رجال الامن الذين أشرفوا على الضرب وتمزيق الملابس ولم يشاركوا فيه بشكل فعلي...؟! أصبحنا خبراء في المزغ والبصق والترفيش وتمزيق ملابس النساء حتى لو كُنّ عابرات طريق..!!



اتفقنا على أن بلطجية تلقوا أوامر صارمة بضرب الصحافيات والنساء المصريات وتمزيق ملابسهن، وعلى الأغلب تلقوا (الأوردر) بالإيميل...ولكن الحكومة لا تخطيء أبدا وإن أخطأت يجب أن نتحمل ونتسامح فإن ضُربنا على الخد الأيمن يجب أن ندير لهم خدنا الأيسر...أين نحن من التسامح والصفح...؟ نحن مجرد شعب...



ثم من قال "كفاية"...؟ كلا يا جماعة مش كفاية فللذل بقية والحكاية لم تكتمل وفي السجون تتوفر زنازين خمس نجوم في عز الظهر...وفي الشوارع وجع شكل مجموعات ورفع يافطات وهتف ضد الرئيس الأفخم حسني مبارك...طيب ليه...هل تريدونه أن يتقاعد "الرئيس" وهل رأيتم رئيسا عربيا يتقاعد وينضم إلى صفوف الشعب... هل أنتم بحاجة إلى أن يمشي هذا الرجل على الكورنيش يقزقز لب...فإن أعجبه النيل غدا يشتريه لأبنه جمال...كلا مش كفاية...فالخراب سيعم والنزيف سيتوحد ليصب في النيل في منظر رومانسي غاية في الروعة وقت الغروب وقيل أن فيديو كليب يجري تحضيره لتدجين جماعة كفاية....وربما تمزيق ملابسهم جميعا...

لم التسرع في الحُكم على البلطجية أو الحكومة (وخط رفيع يفصل بين الاثنين)، فهل هذا جزاء الحكومة التي حاولت أن تحل مشكلة البطالة بتوظيفهم كـ "بلطجية" وبتوظيف (الوطنجية) كمساجين وبتوظيف (الشعب) للندب واللطم ؟؟

ما الذي يتوقعه جماعة كفاية من الرئيس المصري حسني مبارك، أن يقول لهم "أي والله يا جماعة كفاية، وصار لازم اترك البلد وأروح أتفسح في الغردقة واشرب عصير قصب من فرغلي وآكل كشري من لوكس)...هذا رئيس وليس مواطنا عاديا وأمامه مهمة تخبيص لم تكتمل بعد وفي عنقه أمانة حملها من البيت الأبيض إلى ميدان التحرير...فهل "يتقاعد" الرئيس مبارك وهو ما زال في عز شبابه...

ثم من الذي اعترض على ضرب الصحافيات والمحامية، الجرائد المصرية لم تعر القصة اهتماما، والأهرامات نشرت قصتها بناء على سرد مراسلهم في كوالالمبور...والإخوان المسلمون اكتفوا بنصح الحكومة (والدين نصيحة) فقالوا للحكومة بلاش تعملوا مشاكل مع المتظاهرين علشان كلام الناس يا هندسة...!!

من الذي اعترض غير البيت الأبيض الذي يحج إليه مبارك وغيره من زعماء العرب والذين يقفون أمام خارجية أمريكا كالتلميذ الذي يقف في طابور الصباح...وبصراحة الحكومات العربية لم تكتف بالصمت بل أرسلت بعضها وفودا من رجال الشرطة ومكافحة الشغب والبلطجية لأخذ دورات وربما للمشاركة ولو قليلا في قمع المتظاهرين وضرب النساء كـ "كورس عملي"...ويا بخت الشعوب العربية...ويا خيبة أمل النساء المصريات اللواتي تعرضن للضرب والإهانة واعتدي عليهن في شارع مصري...وجتكم خيبة يا حكاما مهزومين...

نكتفي بقول الشاعر مظفر النواب:

"يا فرعون مصر يا من خلَّدت أهرامُك الموتى

اسرع...

فهناك من يبتني هرماً للمخازي"

من يصرخ أولا - أسامة الهتيمي

لم يتحمل النظام السياسي في مصر أن تتحرك المعارضة المصرية في إطار المتاح لها في لحظة تاريخية صعبة أكثر من شهرين على أقصى تقدير فبعد أن استشعرت العديد من القوى السياسية أن النظام المصري استيقظ وأدرك حقيقة الموقف الشعبي من تقييمه وان معدلات الرفض وصلت إلى أعلى تقديراتها خلال 24 عاما من حكم مبارك وهو ما سيدفع النظام إلى السماح بتوسيع هامش الحرية في محاولة لامتصاص غضب الشارع وتفريغ طاقات الرفض عن طريق المظاهرات والمؤتمرات والمسيرات السلمية داخل النقابات والجامعات ومقرات الأحزاب والأماكن المغلقة - وهو ماحدث لفترة زمنية قصيرة - ، فؤجئت هذه التيارات بعكس ما كانت تتوقع وتنتظر من النظام الذي خسر في تقديراتها بتصرفاته هذه الشكل الجمالي الذي كان من الممكن أن يتجمل به باعتباره نظام ديمقراطي يتيح حرية الرأي والتعبير ويسمح بوجود منافسة حقيقية وشريفة مع الحزب الحاكم .
لكن النظام أصر على أن يظهر على حقيقته وبصورته الواقعية دون تزييف أو مداراة في وقت أحوج ما يكون فيه إلى هذا التزييف حتى ولو من باب مواجهة الضغوط الأجنبية وخداعا لوسائل الإعلام المسلطة عليه في هذا الظرف التاريخي .
غير أن إصراره هذا جاء كتأكيد لدرجة الغباء اللامتناهية التي أصيب بها النظام السياسي لتشكل حلقة جديدة من حلقات التصرفات والسلوكيات السياسية الغبية في سياق الإنهيار الوشيك الذي لاح في الأفق لكل المتابعين لتطور الأوضاع في مصر .
فالوضع في مصر وصل إلى درجة كبيرة من التوتر والاحتدام لم تشهد له مثيلا خلال سنوات طويلة واصبح الأمر خلال الشهور الأخيرة بخلافه منذ عام تقريبا فقد تحطمت الكثير من الأصنام وانتهكت العديد من التابوهات أو ما كان يعد تابوها لا يمس ولا يقترب منه وارتفع سقف المعارضة إلى الدرجة التي أصبح ينتقد فيها رئيس الجمهورية بكل جرأة وصراحة بل أصبح المسئول الأول عن كل انهيار وتراجع في البلاد وهو ما لم يكن موجودا في أي مرحلة من المراحل على جدول المعارضة المصرية التي كان عرفا بينها انتقاد الحكومة ورئيسها وعدم التجاوز إلى رئيس الجمهورية حتى استغل الوزراء ورؤساء الحكومات ذلك العرف فرددوا جميعا أن ما يقومون به ما هو إلا بناء على توجيهات السيد الرئيس بل وصل الأمر بأحدهم إلى أن يعتبر نفسه سكرتيرا عند رئيس الجمهورية .. ولم يقتصر الامر عند هذا بل تطور وامتد للدرجة التي تعالت فيها الأصوات لأول مرة في تاريخ وزراء ورؤساء الحكومات ذلك العرف فرددوا جميعا أن ما يقومون به ما هو إلا بناء على توجيهات السيد الرئيس بل وصل الأمر بأحدهم إلى أن يعتبر نفسه سكرتيرا عند رئيس الجمهورية .. ولم يقتصر الامر عند هذا بل تطور وامتد للدرجة التي تعالت فيها الأصوات لأول مرة في تاريخ وزراء ورؤساء الحكومات ذلك العرف فرددوا جميعا أن ما يقومون به ما هو إلا بناء على توجيهات السيد الرئيس بل وصل الأمر بأحدهم إلى أن يعتبر نفسه سكرتيرا عند رئيس الجمهورية .. ولم يقتصر الامر عند هذا بل تطور وامتد للدرجة التي تعالت فيها الأصواتيد ليعرفوا قيمة ما كانوا عليه وأنهم كانوا يحيون عصر الحرية والديمقراطية ذلك العصر الذي لم تغلق فيه صحيفة ولم يصادر خلاله قلم .
وبهذا فستعود المعارضة للبدء في الحلقة من جديد وبدلا من أن تهاجم وتنتقد رئيس الجمهورية وتطالب بتنحيه فستكون أولوياتها هو الحصول على حقها في الوجود واعتبارها ككيان له حق الحياة .
المرحلة القادمة إذن هي مرحلة الموت أو الحياة فالنظام سيشد الحبل إلى أقصى درجة وسيستميت في الدفاع عن نفسه مستخدما كامل أسلحته القمعية والإغوائية والدعائية في الوقوف أمام هذه الحفنة الضالة والمضلة التي استخدمت مناخ الحرية أسوأ استغلال من أجل إثارة البلبلة والفوضى وتعطيل مسيرة التنمية التي وضعت مصر فى المرتبة 120 على قائمة تقارير التنمية البشرية في العالم فجاءت بعد عدة دول أفريقية كانت تحيا في قمة التخلف الاقتصادي والسياسي .
ستشهد مصر إن لم تكن قد بدأت فعلا عمليات اعتقال بالجملة من كافة التيارات والقوى السياسية والمشبوهين الذين لم يشرفوا بأن يكونوا من أصحاب الملفات والتقارير في أجهزة مباحث أمن الدولة .... وستلفق القضايا للعديد من قيادات الحركة الوطنية إن لم يكن بهدف السجن والاحتجاز فليكن من أجل الاستنزاف والإشغال ...ستعقد الصفقات وتعرض المنح والعطايا من أجل شراء الزمم والضمائر وحبك عمليات التأمر والتخريب داخل التيارات والقوى السياسية الصامدة .... لن يذق رجالات النظام النوم خلال المرحلة القادمة حتى يحققوا مآربهم ويطمئنوا إلى عودة الأمور إلى نصابها .. فهل تستسلم المعارضة ؟ وهل يمكن أن تفرط فيما حققته عبر تضحياتها ؟ فطارق غنام لن يكون آخر شهداء الديقراطية كما يحلو للبعض أن يسميه بل هو البداية فهل سيكون عند هذه المعارضة القدرة على الاستمرا في مسيرة تقديم التضحيات حتى تحقق هدفها وينعم المصريون بحياة الحرية ؟.
في تقديري أن شرارة الاحتراق الأولى انطلقت ولم يعد هناك من يستطيع منع حدوث فعل التغيير وهذا ما لم يدركه النظام ويتعامل معه بغباءه الذي أشرنا إليه آنفا ... فقط المزيد من الصبر والعمل الذين سيكونان الفيصل الرئيسي في أن يصرخ أحد الطرفين قبل الآخر .
تناقض غبي
حقيقة ثبت أن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم أضعف حزب سياسي في مصر على الرغم من كل الإمكانيات والمقدرات المالية والمادية والبشرية التي تتيح له أن يكون أكبر حزب عربي عدة وعتادا ... فقد خرجت عناصر الحزب أو الذين من المفترض أن يكونوا عناصره لتشارك خلال الأسابيع الماضية في مسيرات تأييد ودعم لإعادة انتخاب مبارك لولاية خامسة حيث سعت للتواجد في نفس الأماكن التي تتجمع فيها قوى المعارضة لتضرب عصفورين بحجر واحد أولهما التضييق على المعارضة وتضييع فرصة الاحتكاك بالجماهير وثانيها الظهور وكأن آلاف المصريين خرجوا يعلنون دعمهم للرئيس مبارك ضد الحركات المناوئة لإعادة انتخابه ... فكان ما قام به الحزب سوءة جديدة تضاف إلى سجل السواءات التي لطخت العمل السياسي في مصر فلم تكن تلك العناصر المختارة أو المكلفة بالمهمة إما نظير أجر يومي كشفت عنه الكثير من المصادر الصحفية أو نظير وعود وظيفية مرتبطة بالعاملين في الشركات والمصانع التي جاءوا عبر سياراتها الخاصة أو حتى وعود للكثير من الشباب الغلابة لم تكن هذه العناصر على قدر من الفهم والوعي السياسي الذي يؤهلها للتعامل مع الموقف دون افتضاح أمرها فردد هؤلاء من الهتافات التي تسئ للنظام أكثر مما تفيده والتي ربما يخجل النظام ذاته منها عند سماعه لها .. وحاول بعض هؤلاء الاشتباك والاحتكاك بالمعارضة ما أعطى انطباعا سيئا أمام وكالات الأنباء والفضائيات العربية عن هذه العناصر حتى أن البعض اعتبر هؤلاء من البلطجية والفتوات والعاطلين المستأجرين نظير مقابل مادي .
وزاد الطين بلة بأن قام هؤلاء المدافعين عن مبارك ونظامه باتهام قوى وحركات المعارضة بالعمالة وتلقي التمويل الخارجي من أمريكا وأوروبا في حين تناسى هؤلاء ما يردده مبارك ذاته ليل نهار عبر وسائل الإعلام الرسمي المختلفة عن عمق علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية وصداقته الحميمة مع الرئيس جورج بوش فضلا عن استضافته لرئيس الوزراء الإسرائيلي إرييل شارون وكأنهم بذلك قد أغشيت عقولهم .
ولا شك في أن هؤلاء برغم كل هذا لم ينطقوا عن هوى وإنما كان ما رددوه معدا سلفا ومتفقا عليه بل أعتقد أنه قد تم التدريب عليه خلال بروفات هزلية سبقت كل عرض وفي ذلك إشارة جديدة على الغباء والتناقض فلو أن هناك من يمكن اتهامه بالعلاقة مع أمريكا وتلقي الدعم من الخارج فليس أكثر من النظام ذاته الذي يتشدق بمتانة علاقته بأمريكا .
لذلك فقد أثبت الحزب خلال هذه التجربة أنه حزب هش وضعيف .. ربما يضم عدد كبير بعضوية الاستمارة وتولي المناصب والمواقع السياسية والوظيفية لكنهم الأعضاء الذين ليس لديهم استعدادا للمارسة السياسية من منطلق الإيمان بما يطرحه الحزب فالأمر لا يعدو مجرد تحقيق المنفعة والمصلحة الشخصية .
إن كل مصري يمكن له أن يتوجه بالسؤال إلى أحد قيادات الحزب الوطني أو كوادره النشطة عن برنامج الحزب وأفكاره الرئيسية ليتأكد بعدها أنه لا برنامج ولا أفكار والأمر برمته يعود إلى خيارات النظام الذي يتحرك وفق رؤيته الخاصة دون حتى استطلاع آراء أعضاء وقواعد الحزب الحاكم .
وما وصل إليه الحزب الوطني من تدني هو جزء من خطة النظام في إضعاف الحياة السياسية في مصر التى تتحقق بتهميش دور الأحزاب ومنها الحزب الوطني الذي يمكن أن يشكل بفاعلياته حتى لو اتفقت مع ما يطرحه النظام إلى تفعيل الحياة السياسية وهو مكمن الخطورة ... فكان الإضعاف الذي أول من تضرر منه هو النظام نفسه الذي عندما احتاج إلى دعم الملايين من أعضاء الحزب اكتشف أنه لا حزب ولا يحزنون وأن الأمر برمته مجرد أسماء على ورق .
أيمن نور
أصاب بنوبة شديدة من الضحك تعقبها نوبة من الضيق والضجر عندما أجد بعضا من الناس السذج يتحدثون عن المعركة الطاحنة بين النظام والدكتور أيمن نور ثم ينسحبون لتفسير ذلك بأن نور ينافس مبارك وأن النظام يخشى من تفوق نور ... وكنت وما زلت أؤقن - مع احترامي للدكتور أيمن برغم الاختلاف معه - أن النظام ذاته ساهم وبقدر كبير في تلميع الدكتور أيمن وجعله أسطورة تصور للناس إمكانية منافسته وتفوقه على الرئيس مبارك في المعركة الانتخابية على الرئاسة ولولا ذلك الدعم الأمريكي المفاجئ لنور لاستمر النظام نفسه في سياسة التلميع هذه حتى يصنع بطلا من ورق يمكن الانتصار عليه وهزيمته وفي ذات الوقت يتم تصوير الأمر وكان النظام قبل المنافسة الشريفة على موقع رئيس الجمهورية .
إن النظام لو رغب في في عدم السماح بخروج حزب الغد برئاسة نور منذ البدء لفعل ولن يزيد الأمر عن كونه رفض إنشاء حزب سياسي من بين ما يقرب من سبعين حزب تم رفضهم من قبل ... لكن النظام - مع علمه الكامل بقدرات الحزب ورجالاته وإمكانياته المادية - وافق على تأسيس الحزب وبعدها بشهور قليلة حدثت الأزمة بين النظام وحزب الغد التي احتجز نور على أثرها على ذمة اتهامه بالتزوير وهي التهمة التي يتوقع خبراء القانون سقوطها ... ليس من المنطقي إذا الحسم في تحليل ظاهرة أيمن نور لكن من غير المنطقي اعتبار أن ما حدث هو ما يصوره نور نفسه فالدكتور ايمن والنظام يدركان جيدا حجم الدعم الشعبي وقبول الشارع المصري لنور أو لبرنامج حزبه وهو ما يؤكد بحسم عدم امتلاك الرجل لما يمكن أن يكون تهديدا للنظام أو حتى إمكانية تشكيل ضغط عليه .
لقد تصور نور وحزبه وبعض المخطئين في التحليل أن رد الفعل الحكومي هذا تجاه أنشطته وتحركاته ينبع من قلق حقيقي وتخوف له أسبابه من حزب الغد مما يؤكد لدى هؤلاء أن نور وحزبه يمكن أن يكونا فرس الرهان المقبل عند الأمريكيين أو الاتحاد الأوروبي ...
غير أنه لا يمكن مطلقا تفسير رد الفعل الحكومي أو النظامي القمعي - إن جاز التعبير - إزاء أنشطة الحركات والقوى السياسية بهذا التفسير وإلا لما حاصر النظام نشاط حزب العمل وجمد حركته وأغلق صحيفته طوال خمس سنوات ماضية وما ضيق على التيارات اليسارية ضعيفة العدد والعتاد وما اعتقل ألآلاف من عناصر جماعة الإخوان المسلمين .
النظام يخشى من نفسه ووصل إلى درجة من الرفض العام لأي صوت مخالف فلم يعد يطيق أو يقبل أن ينازعه أحد أو أن يتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها وتعارفت عليها الحركات السياسية حتى لو جاء ذلك عبر حزب ساهم هو في صنعه وتقديمه للجماهير.
دعاية مستفزة
وأعجب من هذه المسخرة الحادثة هذه الأيام في التلفزيون المصري .. نعم ربما ليست جديدة لكنها تزايدت هذة الفترةالأخيرة إلى الدجة التي تجعلك في حالة من القرف والرغبة في القيام بكسر التلفاز الذي تشاهده... برامج حوارية ونقاشية كثيرة واستضافات بالجملة للعديد من الشخصيات السياسية والأكاديمية - من غير المغضوب عليهم طبعا - ليدلوا بأراهم وليعبروا عن مضامين أفكارهم في إطار التأكيد على الحرية والتغيير الذي هلت بوادره ... غير أنك تفاجأ بهذه الشخصيات التي تظهر مستأسدة عبر مقالاتها التي تنشر في صحفها مجرد فئران ضعيفة وذليلة على شاشة التلفاز وكأن المسئول الحكومي أو بوق النظام قد سحر لها فحولها من شخصية كلمنجية إلى رجل متلعثم وخجول غير قادر على الرد على أقل ما يثيره هذا المسئول عبر حوار النفس هذا .
ولعل ذلك السلوك الخبيث كان واحدا من الأدوات التي استخدمها النظام عبر مراحل مختلفة لخداع جماهير البسطاء والرد بها على واحد من ملامح قليلة تشير إلى أن نظامنا السياسي كان يتحلى بقدر من الذكاء في مراحله السابقة .
لكن ذلك السلوك لم يعد قادرا على استمرار خداع الجماهير فالشارع المصري يعرف جيدا ما هي معايير اختيار الشخصيات المستضافة ومن يواجهها وكيف يمكن احاطتها الى الدرجة التي تفقد معها صلاحيتها وقدرتها على الرد ... فضلا عن أن الكثيرين من هؤلاء المحسوبين على المعارضة ما هم إلا جناح ديكوري لاستكمال الشكل يمكن أن يرتضوا بالفتات .
مبارك وأمريكا
ما زال نظام الرئيس مبارك هو الأجدر على أن يكون عونا للإدارة الأمريكية في إدارة أزماتها المستفلحة في منطقة الشرق الأوسط والتعامل مع أخطر الملفات في العالم ومنها القضيتين الفلسطينية والعراقية ... وهذا ما يدركه الجميع أمريكا وغيرها وما زيارة عمر سليمان وجمال مبارك ومن بعدهما رئيس الحكومة أحمد نظيف إلا من باب التذكير بالشئ الذي لا يعتقد أبدا أن البيت الأبيض غفل عنه للحظة واحدة .
غير أن الإدارة الأمريكية تنظر للقضية بنظرتين الأولى أن النظام المصري في عهد مبارك قدم خدمات جليلة لا يمكن مناقشتها ومازال قادرا على العطاء في هذا الاتجاه أو على أقل تقدير فإنه لا يتوقع أن يخرج عن الإطار المرسوم من قبل الإدارة الأمريكية خلال المرحلة القادمة وإن كاالإدارة الأمريكية تنظر للقضية بنظرتين الأولى أن النظام المصري في عهد مبارك قدم خدمات جليلة لا يمكن مناقشتها ومازال قادرا على العطاء في هذا الاتجاه أو على أقل تقدير فإنه لا يتوقع أن يخرج عن الإطار المرسوم من قبل الإدارة الأمريكية خلال المرحلة القادمة وإن كاالإدارة الأمريكية تنظر للقضية بنظرتين الأولى أن النظام المصري في عهد مبارك قدم خدمات جليلة لا يمكن مناقشتها ومازال قادرا على العطاء في هذا الاتجاه أو على أقل تقدير فإنه لا يتوقع أن يخرج عن الإطار المرسوم من قبل الإدارة الأمريكية خلال المرحلة القادمة المتحدة وهو ما رسخ الكراهية والرفض لأمريكا فضلا عن النظام .. وهذا ما يدفع البيت الأبيض إلى السعي لإحداث انفراجة ديمقراطية في مصر تسمح للمصريين باختيار حكامهم وتحديد آليات العمل السياسي في الوقت الذي يجب أن يتحرك فيه الأمريكان لضمان أن البديل لن يكون معاديا للمشروعات الأمريكية التي تستهدف الحفاظ على أمن إسرائيل ... ولعل ذلك هو ما يفسر دوافع الضغوط التي يمارسها الأمريكان على مصر في الشهور الأخيرة من أجل الدفع بعجلة الديمقراطية والسماح بأن يدلي عدد من متخذي القرار بتصريحات في هذا الاتجاه في حين لم يعلن الأمريكيون صراحة عن رغبتهم في تنحي نظام مبارك ... فمبارك ليس مرفوضا لشخصه وحبذا لو جاءت به الانتخابات الرئاسية .
المعارضة وأمريكا
لقد انتهزت أغلب الأحزاب السياسية العلاقة الوطيدة بين نظام مبارك وأمريكا كواحدة من أهم نقاط الاختلاف مع الرئيس مبارك باعتبار أن هذه العلاقة تأتي في عكس مصلحة الأمة وأن دور مصر المحوري تم تسخيره من أجل تحقيق المخططات الأمريكية الهادفة إلى السيطرة والهيمنة على مقدرات المنطقة العربية والإسلامية حيث كان يمكن أن تقوم مصر بدور مؤثر في مقاومة هذا المخطط بل والعمل على إفشاله وهو ما لم يلتفت إليه النظام المصري بل أصر على أن تدوم علاقته مع الأمريكان لاعتبارات موازين القوى والرغبة في تحقيق الاستقرار من منطلقات الأنانية السياسية التي أصبحت فلسفة المجتمع الحديث .
وهو ما وتر العلاقة بين أمريكا والمعارضة ليس في مصر فحسب بل في أغلب الدول العربية وأصبحت علاقة مصر بأمريكا واحدة من أهم النقاط المطروحة لدى برامج هذه الأحزاب كما أصبحت محورا هاما للنقاش والحوار على الموائد المستديرة وصالونات الثقافة .
غير أنه لا يمكن القول بأن معدل العداء والكراهية لأمريكا ظل على درجته بعد التوتر الحادث بين إدارة بوش ونظام مبارك فقد استطاعت واشنطن أن تستقطب عددا ربما ما زال محدودا حتى الآن من النخبة والجماهير في الاتجاه العكسي للكراهية والاعتقاد برغبة أمريكا الحقيقية في تحقيق الديمقراطية وهي الخطوة الأولى التي يتبعها اعتبار أمريكا المخلص المنتظر .
وعلى الطرف الآخر فإن المعادين لأمريكا والرافضين لها بل المرتفعة أصواتهم بالهتاف ضدها تلتفت أنظارهم بين الحين والآخر إلى أمريكا تراقب تطور العلاقة بين أمريكا والنظام ومدى جدية أمريكا في طرحها حول تحقيق الديمقراطية في الوقت الذي تعلو فيه أصواتهم بضروة إحداث التغيير من قلب المصريين وبإرادتهم دون الاستقواء أو الاستعانة بالخارج ... وهو ما يفسر اهتمام هؤلاء برضا أمريكا أو عدمه على النظام المصري .
وبالطبع لا يشكك هذا السلوك في حسن نوايا هؤلاء وجديتهم بل وتضحيتهم من أجل تحقيق مجتمع أفضل ديمقراطيا لكنه يفسر استمرا ر الدور الأمريكي اللاعب بقوة في قلب الأحداث وأن الرهان عليها ما زال مطروحا في لعبة الشد والجذب بين المعارضة والنظام .
من ينتصر
ليس سوى أحد احتمالين يمكن أن نتوقعهما خلال المرحلة القادمة الأول منهما هو أن تتصاعد حركة الشارع التي بدأت مع مطلع العام الحالي حتى تصل إلى تحقيق هدفها من إحداث التغيير أو استكمال عمليات الإصلاح السياسي التي تضمن تدوال السلطة وانتقالها بشكل سلمي وهو ما ينهي حالة الاحتقان الشديدة التي وصلت إليها البلاد ويكفيها شر حدوث انفجار بات يتوقعه الجميع من غير أتباع النظام الذين لا يريدون أن يروا .
والاحتمال الثاني أن يشدد النظام من قبضتة فوق ممارساته الغير قانوية أو الدستورية فيوسع من الاعتقالات ويمنع المظاهرات ويحد من التجمعات حتى يستتب له الوضع ويحقق السيناريو الذي تم إعداده سلفا سواء كان التمديد أو التوريث .. وهذا بالطبع سيكون تحت سمع وبصر الأمريكيين .. كما سيعني ذلك حدوث ارتداد ديمقراطي بعد أن بدأت اللحظة وارتفع سقف المعارضة كما أشرنا سلفا إلى حد غير مسبوق في الممارسة المصرية .
ثلاثة أو أربعة شهور صعبة ستمر بها مصر بمرحلة عصيبة ودقيقة ... فالكل يضع يده على قلبه تساوى في ذلك النظام أو المعارضة أو الأغلبية الصامتة من المصريين الذين ما زالوا في طور الصمت لم تتحرك جموعهم لا بالسلب ولا بالإيجاب ...
اللهم أحمي مصر واكفها شر البلاء

الفحاشين - طارق جابر

منذ عدة سنوات كانت دور السينما تعرض فيلما هوليوديا للمثل نيكولاس كيج بعنوان 8 مليميتر، وقد حدث أن حضرت عرض الفيلم بدعوة من صديقة صحافية متخصصة في النقد الفني والسينمائي، وقد كان الفيلم موضوع نقاش طويل بيني وبينها ( صديقتي الصحافية )، لم تزل خططه العريضة ماثلة في ذاكرتي إلى يومنا هذا.





الفيلم بإختصار شديد كان يدور حول سيدة يتوفى زوجها الثري وتجد في خزينة متعلقاته فيلم مصور على خامة 8 مليميتر، وهو نوع خاص من الأفلام يحتاج إلى آلة عرض معينة وباهظة التكلفة، المهم أن هذه الأرملة تفاجأ بأن هذا الفيلم عبارة عن فيلم بورنو سادي يتم فيه إغتصاب فتاة والتمثيل بها وقتلها في النهاية.



تكلف الزوجة المحقق ( نيكولاس كيج ) لفك لغز وجود هذا الفيلم في خزينة زوجها الرجل المهذب اللطيف الكريم، ومن خلال محاولة فك هذا اللغز يدخل الفيلم عالم صناعة أفلام البورنو والانحراف الجنسي بأشاكله، ويكتشف أن ذلك الرجل الفاحش الثراء المعروف بحسن الخلق والسيرة قد مول إخراج هذا الفيلم ليصوره مخرج منحرف المزاج ( نموذج بولانسكي الشهير ) لحساب هذا الثري الخاص، بمعني أن يصور الفيلم حتى يشاهده هذا الثري لمتعته الشخصية.



المهم أن رحلة البحث عن أبطال هذا الفيلم من المخرج المريض إلى الفتاة الضحية إلى السفاح الذي إغتصبها ومثل بها وقتلها في النهاية والكاميرا تصور كل التفاصيل، هذه الرحلة تنتهي بالمحقق إلى السفاح الذي قام بدور المغتصب القاتل، ويقدمه الفيلم في صورة انسان وديع الملامح ذو نشأة دينية ومنتمي إلى إحدى الجمعيات المسيحية الخيرية، بمعنى أنه شخص أبعد ما يكون عن صورة المجرم أو خلفيته أو دوافعه، تماما كذلك الثري الذي مول الفيلم لمتعته الخاصة.



وفي مشهد من المشاهد الأخيرة في الفيلم عندما يستدل المحقق على شخصية الجاني السفاح ويدور بينهما عراك يكاد خلاله السفاح أن يفتك بالمحقق يسأله المحقق هذا السؤال البسيط، لماذا يقتل؟ لماذا عذب تلك الفتاة المسكينة وفتك بها كما فعل؟ وتكون الاجابة الأكثر بساطة وتركيبا هي أن السفاح لا يجد شيء في الحياة أكثر متعة من النظر في عيني ضحيته وهو يعذبها ويقتلها ويراها في لحظة الفزع والانهيار واليأس.



**





كانت رسالة الفيلم هذه هي موضوع الحوار والنقاش الطويل الذي جمعني مع صديقتي الصحافية أثناء تناولنا القهوة بعد مشاهدة الفيلم، فقد كنت أرفض بشكل قاطع فكرة أن يقتل الانسان لمتعة أو يجد في تعذيب الآخرين لذة، بينما كان رأي صديقتي الرقيقة على العكس تماما، فهي ترى أن هناك بشر طبيعتهم جبلة على ذلك، وأخذت تستدل وتبرهن على رأيها من خلال تجاربها الشخصية والعملية ومنها تحقيقات أجرتها في البوسنة والهرسك أثناء حرب الصرب التي قادها ميلوسوفيتش ضد المسلمين، والتي شاعت خلالها ممارسات أحدثت صدى رهيبا في وقتها من قتل وإغتصاب جماعي وحقن المسلمات بمني الكلاب إلخ.



كانت صديقتي تقول لو أن المسألة مسألة قتل وتصفية وحسب لما إرتكب جنود الصرب هذه الأشكال من الانتهاكات، وهذا دليل على أن هناك بشر لهم طبيعة مختلفة، ربما نصفها بالمنحرفة أو نصفهم بالمرضى، لكن الحقيقة أنهم مجرد نوع من البشر بمزاج مختلف وتكوين شخصي ونفسي مختلف.



**



كان كلامها صادما لي بدرجة كبيرة، وأذكر أن النقاش احتدم في لحظات من فرط إنكاري لهذه الفكرة وعدم استيعابي لها، لكن الصدمة التي أحدثتها آراء وحكايات صديقتي لي جعلت الموضوع يعلق بذاكرتي طوال هذه السنين، قبل أن أجد من الشواهد والتجارب الشخصية ما لا يفسره سوى رأي تلك المخلوقة البديعة الرقيقة التي ما كنت أتخيل أن ينضوي عقلها على مثل هذه الحقائق المفزعة.



**



لعل أكبر صدمة عصفت بذهني لتنحت تلك الفكرة فيها بإعتبارها حقيقة كانت عندما عرفني أحد الأصدقاء على شاب كان بصحبته وجمعتني به جلسة عامة عابرة، وقد قدمه لي صديقي على أنه ضابط شرطة.



المفاجأة أتتني عندما تكرر رنين الهاتف الخلوي لذلك الضابط أثناء جلستنا، وقد لفت إنتباهنا جميعا تلك النغمة التي يرن بها هاتف الضابط وكانت غريبة وشاذة جدا كأنها صرخة زاعقة حادة توشك أن تشرخ ما حولها، حتى أن أحد الحاضرين إلتقط الفضول من عيوننا جميعا وسأله عن هذه النغمة، قبل أن تنزل علينا إجابته كالصاعقة عندما قال إنها صرخة إمرأة قام بتعذيبها وصعقها أثناء استجوابها في قضية.



شعرت عندها بغصة وتخيلت أن صفعة حادة نزلت على وجهي ومع ذلك كانت برودة عجيبة كأنها برودة الموت تتسرب إلى كل بقعة من جسدي، مصحوبة بقشعريرة، وتذكرت لميس ( صديقتي ) ونبرتها الحاسمة الواثقة في تلك المناقشة التي جمعتنا بعد 8 مليميتر.





**





في وقت ما قرأت رواية الراحل عبد الرحمن ونيف شرق المتوسط، وكانت رغم قيمتها الأدبية وهامة كاتبها الرفيعة ( صاحب مدن الملح وأرض السواد وقصة حب مجوسية والنهايات وشرق المتوسط ) من أشد الكوابيس التي عاينتها، والرواية باختصار كانت تدور حول تجربة معتقل سياسي مع التعذيب والاستجواب، تنتهي بموته من أثر التعذيب المستمر والوحشي.



لولا أن الواقع هو الملهم في هذه الرواية ومثيلاتها ( رواية الكرنك الشهيرة على سبيل المثال لعمنا نجيب محفوظ ) لدار عقلي في فلك اتهام الكاتب بالجنون والانحراف، وهل يمكن أن تطرأ على خيال كائن سوي أن يجري تعذيب كائن حي بغرس إبرة ضخمة في خصيته بعد عصرها في قبضته؟



كانت لميس تطل علي مع كل صفحة من صفحات الرواية، إبتسامتها واثقة، وسذاجتي أمامها لا يمكن إنكارها، والحقيقة أن هناك نوع من البشر يجد متعته في هذه الأعمال الوحشية الوضيعة، المتعة التي تخول وتلهم ملكات التفنن والابداع في صنوف القسوة والتعذيب.





**



يا لميس، مذ حوارنا الذي مثل صدمة لعقلي الساذج في حينها وأنا أتلقى الصفعة تلو الصفعة، والركلة تلو الركلة، بلا تمييز، فبينما تأتي الصفعات أحيانا على الأوداج أو على القفا، وتذهب الركلات غالبا إلى البقاع الحساسة المؤثرة، إلا أن فرط القسوة والسادية تحيل الصفعات أحيانا إلى قبضات لاكمة في الأماكن الحساسة من بدني وتنتهي بالركلات في وجهي وصدري.



تذكرتك يا لميس وأنا أشاهد صور يوم الاستهزاء الهزيل، تذكرت يقينك والدموع تترقق في عيني وأنا أرى ملامح الفزع وصراخ الضحايا التي أستبيحت حرماتها من أجل متعة الجنس الثالث وتصورت أن مجادلتي لك كانت محض حمق مني تعاقبني عليه الحقيقة بتكرار وتأكيد رأيك كل يوم وكل ساعة، وخيل لي أن الحقيقة تعاقبني على جهلي وتضغط على كل نقاط كياني الحساسة وتصعقني حتى أقر وأعترف بأن فكرة الفطرة الخيرة والطيبة لم تكن سوى خيالات طفل صغير على شاطيء محيط أسود.



**



رغم أني على يقين أن غعترافي لن يوقف مشاهد التعذيب في أي مكان، كما أنه لن يوقف تناسل هذا الجنس بيننا، إلا أن كاهلي ينوء بثقل الحقيقة يا لميس، وأتمنى أن أخر منهارا أمام محققي وأقبل أطراف أظافره الناصعة وألعق حتى برازه وبوله عله يتشفى وينال وطره ويوقف هذا المسلسل الرهيب.



لم أعد أحتمل يا لميس...لم أعد أحتمل.

سقطت ورقة التوت - محمد منير

ماحدث فى مصر خلال يوم 25 مايو من هذا العام لابد وان يؤرخ له ضمن الايام ذات الملامح النادرة فأحداث 6 ساعات فى هذا اليوم كشفت عن زيف 25 عاماً من الادعاء بالديموقراطية والتحضر ، وأكدت لنا ان اليوم الوحيد التى ظهرت فيه حكومتنا على حقيقتها منذ 25 عام هو يوم الاربعاء 25 مايو 2005، اما باقى الايام والسنوات فكانت بمثابة فاصل درامى تقدمه الحكومة المصرية امام العالم لثبيت قواعد عرش السلطة ، ووضع سبل واطر لمزيد من النهب والفساد فى ثوب من التحضر والرقى .

صور من باقيا الوطن :

ولكى يتضح المعنى لابد وان نعاين صورة ماحدث فى شارع عبد الخالق ثروت بعد ظهر يوم الاربعاء ، عندما التف آلاف من جنود الامن المركزى حول مظاهرة من عدة مئات من الذين صدقوا دعاوى الحكومة بأحترام الحقوق المدنية ، واخذوا يهتفون فى مظاهرة سلمية بما تجيش به نفوسهم من هم وكرب ، وكان مثل هذا الامر يتكرر فى الايام السابقة وسط تحرشات امنية طفيفة ، إلا ان فى هذا اليوم استجلب السادة قيادات وزارة الداخلية مجموعات من اسوأ النماذج المجتمعية قوادين و تجار مخدرات ولصوص على جميع الانواع ومتسولين ، جمعتهم لا لتقومهم او تهذبهم بل لتشجعهم على تنشيط سلوكهم الاجرامى ، واطلقوهم على المتظاهرين الذين حوصروا ما بين الامن وجيوش المنحرفين ، وبدأ الضباط يشاهدون الصراع وهم يضحكون ويتندرون فى مشهد اشبه بمشاهد عهود الاضطهاد المسيحى عندما كان الاباطرة يلقون بالعبيد المضطهدين فى حلبة المصارعة ويطلقون عليهم الوحوش تنهش لحومهم وسط سعادتهم وشذوذهم ، نظرات التلذذ الشاذة كانت تملأ عيون قيادات الداخلية ولواءات امن الدولة ، وهم يلفتوا نظر بعضهم لبعض المشاهد، كمشهد متظاهر تم حمله ليلقى اعلى فى الهواء ويتلقفه اخرون على الاحذية والعصى ، أو وضع عصى فى مؤخرة أخر وهم يضحكون بشدة ، ولكن المشهد الاعظم والواضح هو المبالغة فى الاعتداء على النساء تحت اشراف الحكومة واحياناً بتوجيه منهم ، فى مشاهد اغتصاب واضحة تنم عن كبت جنسى شديد لدى المعتدى والمشاهد الذى لم تنتابه أى لحظة ألم من صرخات النساء وهن واقعات تحت العشرات من المجرمين يخلعون عنهم ملابسهم ويعملون فيهم ايديهم بل وجد الشواذ من هذه القيادات فى المشهد صورة مبهجة ربما تعوضهم عن اشياء كثيرة محرومون منها .





ست ساعات هزت مصر :

فى السبعينيات من القرن الماضى كنا نتظاهر ، وعندما كان الامن يدخل لتفريق المتظاهرين كان من الصعب ان ترى مشهد عسكرى او ضابط يعتدى على سيدة ، ولكن يبدوا ان مؤسسة الحكم الحالية لم تجد مكاناً لها وسط القيم والمبادئ ففضلت ان تقف متلاصقة كتفاً بكتف مع المجرمين والشواذ والذى ترى فيهم جمهورها الحقيقى .

مجموعة من المجرمين تحاصر مبنى نقابة الصحفيين، نقابة القلم، وهم يتحدثون مع كتاب وشخصيات محترمة بألفاظ نابية ، فشخص يجذب الكاميرا من يد مصور صحفى ، واخر يطلب من احد الصحفيين ان يحمل صورة مبارك بالقوة ، اما العديد منهم فكانوا يبحثون عن النساء ليمارسوا معهم شذوذهم من جذب وتقطيع ملابس وغيرها ، ووصل الامر الى سرقة الحلى والحقائب الخاصة ، الغريب ان هذا لم يكن فقط تحت نظر الامن بل كانت تحت توجيهم فمعظم النساء اللاتى تم الاعتداء عليهن كان بسبب اشارات من ضباط الامن والمباحث.

المعادلة :

عندما "حَضّر" السادات عفريت الارهاب بين الجماعات المتأسلمة لم يستطع ان يصرفه وقضى عليه ، اما العفريت الجديد وهو عفريت المجرمين والمنحرفين فسيقضى على المجتمع كله ، فإذا ما افترضنا ان كل ضابط مباحث احضر من قسمه عشرة مجرمين ليساهموا فى تأييد الريس وضرب المعارضين ، فيكون بذلك عدد المجلوبين من اقسام العاصمة فقط يزيد عن الف مجرم ، قدموا خدماتهم للباشا الحكومة ويريدون المقابل ، والمقابل هنا ليست السندوتشات وزجاجات المياه التى قدمتها قيادات الحزب الوطنى لهم اثناء المعركة ، ولكن الخدمات تكون غالباً فى نفس المجال الذى يعمل فيه المجرم سواء نصب او اتجار فى المخدرات او سرقة او اغتصاب ألخ .... فكيف يمكن ان نتصور الوضع الامنى فى مصر بعد شهور عندما يُجبر رجال المباحث ان يقدموا الثمن للمجرمين من أمن الوطن ؟ .

المعادلة الثانية المحيرة هى وقوف شخصيات من المفروض ان يكون لها وضعها الادبى والاجتماعى مثل الدكتور مجدى علام مساعد رئيس جهاز شئون البيئة والمنوط به استئصال القاذورات من المجتمع ، فيهبط منحطاً ليشرف على جيوش البلطجية والمنحرفيين فى مواجهة أى معارض لرئيس الدولة الذين نعموا فى عهدة بفرص فى النهب والسرقة والانحراف ، والدكتور مجدى يعرف شخصياً ماذا اقصد ؟

اما رجال الامن فحدث ولا حرج فهم اسوأ من " الصيع " شكلاً ومضموناً هم نوع من البلطجية المتعلمون والمتنكرون فى ابهى الحلل ، فرجل امن محترم يرتدى بذلة انيقة و "مسشور " شعره على احدث موضة يدفع صحفى قائلاً له " زق الجثة " طبيعى..... فكل إناء بما فيه ينضح .

فى هذا اليوم تساوت الرؤوس الباشا والمجرم فكلاهما "بلطجى" .

وورقة التوت لم تسقط فقط عن حكومتنا فالزميل الذى نشر فى الاهرام ان صحفية مزقت ملابسها لكى " ترمى بلاها " على الحكومة ، عليه ان يسأل زملائه فى نفس الجريدة والذين شاهدناهم يحاولون انقاذ زميلاتهم من بين ايدى المغتصبين دون جدوى ، لحساب من يكذب هذا الصحفى ، والصحفى الذى يتشفى فى فنان تعرض لحادث خيانة زوجية مشيراً الى أن الانشغال فى المظاهرات والسياسة ادى الى مشكلته ، نسأله مالذى يؤديه الانشغال فى البحث عن طرق الصعود السهلة لغير اصحاب المواهب مثلة ، وماالذى قدموه ليصلوا لهذه المناصب دون سند من الامكانية .

إعترافات قاضي - أحمد محمد

لقد أحزنني جدا و هالني ما تم من تزوير فاضح للاستفتاء ، بل و قتلني كمدا و غيظا ما رأيته من تهليل إعلامي غير عادي لما حدث و تصويره – و بكل بجاحة - على أنه إرادة الشعب المصري و ذلك على غير الحقيقة التي رأيتها بعيني و هو ما دفعني لكتابة هذه السطور .

أولا أعرفكم بنفسي ، أنا قاضي مصري ، انتدبت للإشراف على الاستفتاء في أحدى اللجان و سأوضح في كلمتين ما هي الانتخابات في مصر حتى تستطيع فهم كلامي الذي سيليه

تقسم اللجان الى نوعين : 1- لجان فرعية و هي اللجان التي يوجد بكل منها صندوق انتخاب و المفترض أن يكون رئيسها قاضي يأخذ الأصوات بحيدة دون تحيز و يطمئن على وضعها في الصندوق و إغلاقه في نهاية العملية الانتخابية الساعة السابعة مساءا ثم فرزه بمعرفته شخصيا و تسليم النتيجة إلى اللجنة العامة

2- اللجان العامة فهي تكون لجنة مكونة من قضاة أيضا تشرف على حوالي مائه أو مائتين لجنة فرعية ، تأخذ منهم النتائج و تجمعها و تعلن النتيجة على مستوى هذه اللجنة ، ثم بعد ذلك تجمع كل النتائج بمعرفة الجهة التي تدير الانتخابات و تعلن النتيجة على مستوى الجمهورية .

أما ما حدث في هذا الاستفتاء الظالم ، أنه قد تم بالفعل ندب 11 ألف قاضي و وكيل نيابة و عضو هيئات قضائية مثل مجلس الدولة و النيابة الادارية و قضايا الدولة ، و لكن هل تم توزيعهم على اللجان الفرعية ؟ لا ، لم يحدث هذا بل أن الذي حدث أن تم توزيعهم على اللجان العامة و على نسبة لا تتعدى 3% من اللجان الفرعية ، ثلاثة بالمائة فقط ، أم باقى كل هؤلاء القضاة فقد تم وضعهم احتياطي لبعض ، فمثلا رئيس اللجنة العامة له أربعة رؤساء محاكم احتياطي له لا عمل لهم – الا المساهمة في زيادة عدد القضاة حتى يبدوا الأمر كما لو كانت الانتخابات تحت الاشراف القضائي الفعلي .

هذا عن رقم 11 ألف قاضي ، أما الكم الأكبر من صناديق الانتخاب أي اللجان الفرعية التى تأخذ أصوات الناس بالفعل ( حوالى 97% من هذه اللجان ) فقد وضعت تحت رئاسة موظفين غلابة من الدولة ، لا حصانة تحميهم و لا يجرؤن على عدم تنفيذ أي أمر ، و صدرت لهم أوامر صارمة من جهة عملهم و من مأموري أقسام الشرطة بتزوير الانتخابات ، فكيف حدث هذا ؟

كيف تم التزوير ؟

ما حدث في كافة اللجان ( باستثناء الكام لجنة اللى فيهم قضاة ) أن الموظف رئيس اللجنة ينتظر حتى قبل موعد الاغلاق ( مثلا حتى الساعة سبعة الا ربع ) و تكون اللجنة التى تتكون مثلا من سبعمائة اسم ( الأسامي المدونة في الكشف للمقيمين في هذه المنطقة الذين لهم حق الانتخاب في هذه اللجنة ) تكون هذه اللجنة ، كل من حضر من هذه الأسماء حوالى عشرة مواطنين فقط ، هذه هي النسبة الحقيقية للحضور ، فيقوم رئيس اللجنة قبل الاغلاق بملء خمسمائة قسيمة انتخاب أو ستمائة مثلا كلهم بعلامة "موافق" مع مراعاة مثلا أربعة أو خمسة بعلامة " غير موافق" .... حتى تكون محبوكة يعني ، و وضع هذه البطاقات الانتخابية في الصندوق ، ثم التأشير عشوائيا على ستمائة اسم في الكشف و تقفيل اللجنة بهذه الحالة .... فيكون حال هذه اللجنة التى لم يحضر بها سوى سبعة أو عشرة أشخاص أن نسبة الحضور بها ستمائة مواطن و عشرة مثلا ، قال منهم 8 أو 10 غير موافق ، و قال منهم 600 موافق ... كل هذا بعيدا تماما عن رقابة القضاء الذي يجلس في اللجان العامة و يفاجئ بالصناديق تأتية على هذه الصورة .

كيف عرفنا هذا ؟

من جلس منا – نحن القضاة – في اللجان العامة فوجئ بأن اللجنة الفرعية التى يرأسها قاضي يصل اليه صندوقها مع هذا القاضي و نسبة الحضور حوالى أربعة أو سبعة أو على الأكثر عشرين مواطن ، ثم يصل اليه الموظف الذي يرأس اللجنة الفرعية المجاورة للجنة القاضي و الحضور الثابت عنده ستمائة أو سبعمائة فكشفت الحقيقة الفاجرة التى يعرفها الجميع و لا يجرؤ أحد على اثباتها

و ماذا عن معلوماتي أنا شخصيا ؟

كنت عضوا في إحدى هذه اللجان العامة و فوجئت بأن (الكام لجنة ) القضائية (أي التي يرأسها قاضي) يأتون و صناديقهم بها عشرة أصوات أو سبعة و يقصون علينا كيف كانت نسبة الإقبال معدومة و لم يحضر أحد تقريبا طوال اليوم ، و أحيانا لم يحضر أحد نهائي

ثم تأتي أفواج اللجان التي يرأسها الموظفين الغلابة و الحضور عندهم 600 و أكثر ، بل و بعض هذه اللجان في نفس المكان الذي به اللجان القضائية ، ( مثلا لجنتين في بلد واحدة ) ، فكان الأمر مضحكا باكيا ، و صرنا جميعا قضاة و موظفين بل و ضباط شرطة موجودين نتندر على ما يحدث من تزوير مفضوح إلى هذا الحد

أما النكتة الحقيقية فهي أن الموظفين كانوا لا يتقنون التزوير ، فيكتب أحدهم أن الأصوات الصحيحة عددها مثلا 650 قال منهم نعم 650 و قال لا 20 ، فيغيظني غبائه و أقول له و أنا أراجع الأوراق قبل استلامها كيف وصلت لهذه النتيجة المستحيلة فيأخذ أوراقه و يذهب بعيدا لينقحها و يعدلها حتى تكون منطقية ثم يعود لتقديمها ، و من فرط غيظي و من وضوح هذا الموقف الفضيحة سألت بعض الموظفين رؤساء اللجان الفرعية الواقفين أمامي لأراجع و أستلم منهم النتائج ، قلت لهم " تعالوا نتكلم بصراحة ... الحكاية واضحة ، بيني و بينكم إيه اللي حصل " فقالوا كلهم تقريبا في نفس واحد " يا باشا حنعمل إيه ، كل الجهات و الشرطة و المباحث أعطوا الأوامر بكده ، قالوا قفلوا اللجان ، و النسبة مش أقل من ثمانين في المائة " ثم شرحوا لي طريقة التقفيل التي أوضحتها .

و قد عدت من هذا القرف الذي و بصفتي قاضي لم أعتاد عليه و لم أعتاد على هذه الوساخة المفضوحة ، و لم أشاهد التلفزيون في نفس اليوم ، إلا أن ما أصابني هو حالة عصبية بل حالة انهيار في اليوم التالي – و انا أحكي هنا بالتفصيل حتى يشعر من يقرأ بما شعرت به تماما – أقول في اليوم التالي وقع بصري ( عالصبح ) على جريدة الأهرام ، و هالني ما رأيت من صفحات من الكذب الصريح و المباشر و وصف "التفاعل الشعبي" و "الإقبال الجماهيري" و "الشعب الذي تحرك ليقول نعم و رفض السلبية" و "الإشراف القضائي الكامل"

آة يا كدابين ، آة يا كدابين يا ظلمة، ده حرام ، محصلش ، ظللت أصيح و أقفز كالمجنون ، لقد كنت هناك ، لقد كنت هناك ، كم مرة سمعت عن كلام الجرايد ، و عن الحقائق الخفية وراء ما يقال ، و لكن هذه أول مرة أشوف بعيني بهذه الطريقة و بهذا الافتراء و الفجور

يا سادة ، ماحدش حضر ، محدش راح الاستفتاء ، و الله ما حد راح الا عدد لا يكاد يذكر كلهم تقريبا من عتاة كلاب الحزب الوطني ( أمين الحزب هنا و هناك ، بتاع المحليات ، عمدة تحت السيطرة ) أما الشعب ، فلم يحضر أحد ، يا سادة محدش راح، و لا حد وافق ، و لا كان فيه إشراف قضائي كامل و لا حاجة

كمال الشاذلي يقول في التلفزيون نحن البلد الوحيد في العالم الذي تجرى فيه الانتخابات تحت إشراف قضائي كامل ( و هو يعلم الحقيق بل و أمر بها )

حسني مبارك هو الذي أمر بكل هذا و يجرى بمعرفته و أوامره

حبيب العادلي يطل علينا في الجرائد لامعا و مبتسما بثقة و هو الذي أمر بكل هذه القذارة

وزير العدل – مع الأسف – هو الذي أمر بندب كل هؤلاء القضاة مع توزيعهم بهذه الطريقة حتى يظهرون أنهم كثرة تشرف على الانتخابات و هم لا يشرفون و لا حاجة

أيها السادة ، هل هذه العصابة هي التي تريدون منها أن تستمر في حكم مصر ؟ الإجابة لكم ...

أما الشيء المهم ، بل و المهم جدا جدا جدا ، هو كيف تعرف أن كلامي هذا صحيح و أن هذا هو ما حدث فعلا ، كيف تتأكد من صحة هذا الكلام و أنه ليس أكاذيب مدسوسة؟

الإجابة بسيطة و يمكن لكل شخص أن يتأكد بسهولة ؛ ألا تعرف وكيل نيابة ، أو قاضي أو عضو نيابة إدارية أو مجلس الدولة أو هيئة قضايا الدولة ، أكيد تعرف حد من دول أو لك قريب أو جار أو صديق أو صاحب قريبك أو أي حد ، فقط اسأله بصورة شخصية بينك و بينه عن هذا الكلام أو أطلعه على هذه الرسالة ، و سيقول لك ما أقوله بالحرف ، فكلنا ( القضاة ) ( عددنا حوالي عشرة الآف ) نعرف الحقيقة و لكن لا أحد يستطيع قولها بصورة رسمية و إلا يضيع ، فقط اسأله بصورة شخصية و سيؤكد لك كل كلمة قلتها ، و إن لم يفعل فأنا كذاب ، و لكنه سيفعل و سيعرف كل إنسان ما حدث.

أتمنى أن تصل هذه الرسالة إلى كل إنسان في هذا البلد الذي تحكمه عصابة من المجرمين ، فيرتاح ضميري الذي عرف العذاب لأول مرة في ذلك اليوم ، و أكون قد كفرت عن هذه الجريمة التي شاركت فيها مضطرا و أتمنى أن يسامحني الله عليها

ختاما : مساعدتك ... و دورك أيضا ، أن ترسل هذه الرسالة لكل من تعرفه ، و من لا تعرفه أيضا ، حتى تظهر الحقيقة و يعرفها الجميع

هل يصل شارون لحكم مصر

يخيل إلىّ أننا ما دمنا بصدد الإصلاح فيجب علينا أن نصلح منظومة الحكم كلها إصلاحا صحيحا يتوافق مع أحدث إصدارات نظم تشغيل الدول الموجودة فى السوق العالمى...فوجود منظومة حكم قديمة مشابهه لإصدارة الويندوز3.3 لإدارة دولة فى حجم وثقل مصر، تتعامل مع نظام عالمى يدار معظمه بأحدث الإصدارات السياسية، لابد وأن ينتج عنه مشاكل لا حصر لها، مثل عدم التوافق مع أى نظم تطوير، وبطء شديد فى التشغيل، وعدم قدرة على استيعاب البرامج الحديثة فى أى مجال، وربما تكون نهاية المطاف أن (تهنّج) الدولة، وتتوقف عن العمل تماماً!!

وأنظمة التشغيل الحديثة، تتمتع بمميزات عديدة، أهمها أن سلطات رئيس الجمهورية تتضاءل فيها بدرجة كبيرة، لأن هذه السلطات تتوزع على مؤسسات الدولة المختلفة، وتخضع لنظم رقابية صارمة، مضادة للاختراق ومحصنة ضد الفيروسات البشرية، وهو الوضع الذى تقل معه أهمية شخص رئيس الجمهورية إلى حد كبير، قد لا يفرق فيه ساعتها إن كان زيد أو عبيد أو نطاط الحيط، فهو فى هذه الحالة مجرد موظف عام لدى الشعب لمدة محددة، يقوم فيها بالتنسيق بين السلطات، وتنفيذ سياسات موضوعة سلفاً من قِبَل مؤسسات متخصصة، ويمكن تطلع فى دماغ الشعب يخصم له يومين من مرتّبه لو ذهب لقصر الرئاسة متأخرا، أو مش حالق دقنه!!..أمّا إذا تركزت السلطة فى يد شخص واحد أو حتى مجموعة صغيرة من الأفراد، كما هو الحال فى النظم القديمة، فلابد وأن يشوب الأداء قصور واضح، و تتباطأ معدلات التنفيذ، لأن الحاكم ليس سوبرمان، أنه أولا وأخيرا بشر له طاقات وقدرات محدودة، حتى وإن كان بطلاً قومياً وصاحب ضربة جوية ساحقة ماحقة لم تصد ولم ترد!.

لهذا ففى تصورى أن تركيز جهود أغلب حركات المعارضة على تغيير شخص الرئيس مبارك فقط تحت شعار (كفاية)، ودون تغيير مُسبق للمنظومة السياسية بأكملها، ودون أن يملك أصحاب الدعوة أى تصوّر لمستقبل ما بعد هذه الكفاية، هو نوع من قصور الرؤية السياسية، حتى لو تمتع أغلبهم بدوافع مخلصة ونوايا حسنة، ولكن منذ متى والنوايا الحسنة وحدها كانت تكفى؟..إن الحركة فى حالة نجاحها فى تحقيق هدفها (الكفاية) سيتعين عليها فى الغالب تشكيل حركة جديدة بعدها تسمى (هه وبعدين؟)..أو حركة (حوسة!).. أو (لايصين وهنعمل إيه؟!).

إن قصورا فى الرؤية إلى هذا الحد قد يصل إلى مرتبة العبث بمصلحة هذا الوطن وأمنه القومى لأن عدم تحديث منظومة الحكم نفسها لن يجدى معه تغيير شخص الحاكم إطلاقا، حتى لو حصلنا على حاكم بأعلى المواصفات والقدرات البشرية..لأننا هنا كأننا ننصّب مثلا أحدث جهاز مالتى ميديا على نظام سوفت وير قديم جدا، ووضع كهذا سيتسبب فى الكثير من الإضطرابات الأمنية الهائلة على المستويين الداخلى والخارجى، مما سينسف معه بالتأكيد أية نتائج طيبة (ولكن بطيئة) وصلنا إليها فى ظل المنظومة القديمة الحالية.

فإذا ما تصور المعارضون أن مجرد تغيير الرئيس مبارك وإنهاء حُكمه سوف يأتى لنا بشخص جديد يكون لديه القدرة وحده على تطوير منظومة الحكم كاملة، وفى نفس الوقت يقوم بتغيير وعى وثقافة أمّة بأكملها!!...يعنى واحد يقوم بالليلة كلها، وكأنه واخد العملية مقاولة تسليم مفتاح!!..فإنهم سيكونون أشبه بالنعامة التى تدفن رأسها فى الرمال، لأنهم يتعامون عن الأسباب الحقيقية لما نحن فيه، الأسباب الكامنة فينا جميعا من تأصل لثقافة القهر والتسلط والديكتاتورية، و تجذرللتعصب القبلى والطائفى،... وحب لنانسى عجرم!

ثم أين هو هذا الشخص؟؟...إن جميع لاعبينا السياسيين المعارضين يبدو وكأنهم قد فوجئوا بموعد المباراة، رغم علمهم بموعدها منذ سنوات!!..فأين كانوا من قبل؟ ..هل آثروا السلامة خوفا من بطش قانون الطوارئ كما يقولون؟..حسب معلوماتى أن قانون الطوارئ مازال ساريا حتى الآن!..فلماذا بدأوا بالتحرك الآن فقط؟..هل كانوا فى انتظار إشارة أمريكا بأنها غير راضية عن نظام الحكم فى مصر؟ وهل هذا يعتبر إقرارا منهم وموافقة بأن أمريكا تمتلك 99% من أوراق اللعب فى المنطقة؟... ألم يسأل أحدهم نفسه ويحلل بدقة لماذا غضبت أمريكا الراعى الرئيسى لجميع حفلات الهيمنة فى المنطقة والتى تنظمها إسرائيل؟

إن تغيير مبارك فى ظل عدم وجود مرشح (جاهز) للرئاسة فى هذا الوقت الضيق، والذى لا يسمح أبداً باختيار سليم لمن يشغل منصباً خطيراً كهذا، يصبح نوع من المقامرة بمستقبل هذا الوطن، فإما أن نفوز بما نتمناه، وهو احتمال ضعيف جدا فى ظل تمسكنا بموروثات عصبية صارخة، وإما أن نلبس خازوقا محترما لا نستطيع الفكاك منه على الأقل لمدة قرن من الزمان، وهو الاحتمال الأرجح!!... وأقول مرشح (جاهز) حتى لا يتبادر إلى الذهن مقولة شلة المنافقين و كدابى الزفة بأنه لا يوجد بمصر كلها من يصلح للحكم غير الرئيس مبارك...ونحن لا نقول بذلك أبداً، ففى هذا تسفيه لشعب بأكمله وتسفيه أكبر لعقل من توجه إليه هذه المقولة، ولكن فقط نتساءل أين هو هذا البديل فى وقتنا الحالى، وكيف سنصل إليه؟!

ولتوضيح الصورة أكثر أطرح سؤالاً...هل من الممكن فى ظل دستور حالى أشبه بلوائح دورى المظاليم، ومنظومة حكم مليئة بالثقوب وكأنها مصفاة طماطم، أن يصل إلى الحكم شخصا سويا يملك الحد الأدنى من المواصفات التى نتمناها فى رئيس مصر، دون أن يزاحمه، ويكسبه، نصّاب أو مُدّعى يخدعنا ويُلبسنا العِمَّة ويجعلنا فى النهاية أقفاص جوافة؟!!.

إن الوصول لكرسى الحكم فى أى دولة فى العالم حتى ولو كانت ميكرونيزيا أو بامبوزيا العظمى لابد وأن يكون من خلال قوة هائلة تدفع شخص ما لهذا الموقع، وفى نفس الوقت تتمكن من حمايته من الإزاحة فى أى لحظة من قِبَل الذين كانوا وسيظلوا يطمعون فى موقعه من فصيلة عبده مشتاق وعزيزة نفسى فيه!!

ولا شك أن أكبر وأهم قوة تمتلك هذه القدرة هى قوة شعب واع بالفكر الديمقراطى ويمارسه فى أدق شئون حياته على مستوى الفرد والأسرة، شعب لا تؤثر فيه النعرات الطائفية، ولا الخطب الحماسية، أكثر مما تؤثر فيه لغة المنطق والعقل، شعب كهذا يستطيع بمنتهى السهولة اختيار رئيسه من بين عدة مرشحين يمثلون مختلف الاتجاهات والتيارات السياسية، ويعرض كل منهم برنامجه الكامل وتصوراته للمستقبل فى حرية تامة، مع إتاحة فرص إعلامية متساوية وعادلة بين جميع المرشحين لعرض هذا البرنامج بكافة تفاصيله الدقيقة، و تنظيم مناظرات علنية متعددة بين المنافسين وبعضهم البعض، تديرها كوادر إعلامية مميزة، ومن خلال ذلك يسقط من يسقط خلال السباق، ويصل الأفضل منهم إلى كرسى الحكم مدعوماً بقوة الشعب الذى اختاره، فإذا ما اكتشف الشعب فى أى لحظة أنه أساء الاختيار، فما أسهل عزله دستوريا، دون الحاجة لعزرائيل أو تصويره بملابسه الداخلية!.

ولكن فى غياب منظومة تحقق هذا التصور، تصبح قوة الشعب لا محل لها من الإعراب، وتتصدر الساحة قوى أخرى تحاول الدفع بمرشحها بأى طريقة، عبر أى ثقب أو ثغرة تتمتع بها منظومتنا الحالية المهلهلة، وثقافتنا القبلية البالية، والتى يمكن من خلال ثقوبها أن ينفذ شارون نفسه ليجلس متربعا على عرش مصر، بمجرد أن يلعن أبو إسرائيل فى صرختين مدويتين، و يعلن أنه بعد جلسة مع عدلى القيعى اكتشف أنه أهلاوى منذ الصغر، وكان يبكى على حائط المبكى بحرقة لأنه لا يملك فانلة حمراء، وستجد ساعتها من يدافع عنه بمقالات نارية تمجد فى قدراته كصانع ألعاب دولى ممتاز وأنه فى عالم الاحتراف لابد وأن ننسى له أى ميول سابقة !!.

إن ما يحدث فى مصر الآن فى الحقيقة ما هو إلا صراع على السلطة بين هذه القوى التى أقصدها، وهو الصراع الذى يجب أن ننتبه له جميعا، ونحدد أطرافه بدقة، ونضع أيدينا على دوافعه الحقيقية حتى لا يستخدمنا أحد أطرافه لتصفية بقية القوى نيابة عنه!.. و أولى أطراف هذا الصراع هى القوى الخارجية التى لا تعدم وسيلة أبداً لتحقيق مصالحها أولا،ً وقبل كل شئ، سواء كانت الوسيلة مشروعة تحت شعارات براقة، كتحقيق الديمقراطية والعدل و المساواة، أو غير مشروعة كما يحدث بالعراق، بينما هى فى الحقيقة لا تضع مصالح الشعوب فى أجندتها على الإطلاق، فإن تلاقت مصالحها مع مصالح الشعوب فلا ضير، و إن تقاطعت فما أسهل أن تكافئ رموز أى شعب برحلات ترفيهية إلى مصايف أبو غريب، لترفع عن كاهلهم تكلفة الملابس فى ظل هذا الغلاء الرهيب!!.

وعلى المستوى الداخلى هناك قوة الإسلاميين كطرف لا يمكن تجاهله، لأن من المؤكد أنهم لن يجلسوا على مقاعد المتفرجين فى هذه اللعبة، بل أنهم يعلنون صراحة سعيهم للحكم منذ نشأتهم، فلماذا يتقاعسون عن فرض رؤيتهم الآن؟ والتى وإن كانت حتى الآن غير واضحة المعالم لأى متابع، على الأقل بالنسبة لى، إلا أن من يدقق قليلا يجد أنهم فى الحقيقة عدة قوى وليسوا قوة واحدة، وتتباين رؤاهم بدرجة كبيرة، حتى أنهم يختلفون بشدة على الشكل الأمثل لنظام الدولة، بداية من مؤيدى النظام التركى، وانتهاء بمن يفضلون نظام الخلافة!.. ولكن الشئ المؤكد أن عدم اتفاقهم على تصور واحد معلن، يشعرنا بالقلق من احتمال أنهم يخفون تصوّرا يعرفون أنه سيواجه بالرفض، لذلك يخشون إعلانه، أو أنهم لا يملكون أى تصور من الأصل، وسوف يتركون كل شئ على ما هو عليه، مع تقديم أهل الثقة من الجماعة، على أهل الخبرة من خارج الجماعة، و التمسك ببعض المسميات واللافتات الإسلامية فى ظاهرها، دون أى تغيير جوهرى يُذكر، فنصبح كمثل من استبدل بيبسى كولا بمكة كولا، ونام مطمئنا لأنه أصبح من المجاهدين !

أمّا قوى أحزاب المعارضة الموجودة على الساحة فهى بحالتها الحالية مجتمعة لا تمثل وزناً ولا ثقلاً يمكن الالتفات إليه، ولا تملك رصيدا لدى جموع الشعب، فضلا عن أننا لم نر أى منها يطبق نظاماً داخلياً نلمس منه إيمانهم بما يرفعونه من شعارات، و أيا كان السبب فى ضعفهم بهذه الصورة سواء كان الحزب الحاكم كما يدّعون، أو فقر الفكر السياسى لديهم كما يقول المحللون، فنحن لا تهمنا الأسباب حالياً بقدر ما يهمنا أن فى ضعفهم عدم القدرة على الدفع بشخص واحد يتفقون عليه، يحمل فكرهم إلى كرسى الحكم، إلا لو استطاعوا الاتفاق على مرشح يحمل فكراً اشتراكياً، رأسمالياً، ليبرالياً، تقدمياً، أهلاوياً، وزملكاوياً فى نفس الوقت!!.

فإذا أتينا لأكثر القوى المتصارعة خطورة، رغم أنها الأقل عدداً على الإطلاق!!..نجد أنها مجموعة المومياوات المسيطرة على الحزب الوطنى منذ عهد الفراعنة، وتكمن خطورتهم فيما يملكونه من وسائل وإمكانات التسلط وفرض الهيمنة على الشعب المغلوب على أمره، وهم يقاومون باستماتة شديدة أى تغيير للأوضاع، لأن فى ذلك خطر داهم على مراكزهم و مكتسباتهم الناتجة عن بقائهم فى السلطة لعقود طويلة، كانت كافية لأن ينمو كل منهم بتوحش ويتحول إلى مؤسسة شرسة تقتات على الفياجرا حتى تستطيع انتهاك عرض كل من يتعرض لهم فى قلب ميدان التحرير!!.

وأعتقد أن هذه المجموعة الأخيرة هى العقبة الحقيقية فى طريق الشعب نحو عودة الوعى والإصلاح، ولكن لأن الرئيس مبارك لسبب أو لآخر لم يخلص الشعب منهم، حتى أن الآمال التى بناها الشعب مع بداية ظهور ابنه جمال على المسرح السياسى، بأنه سيكون المخلّص المنتظر، ذهبت كلها أدراج الرياح، مما جعل المعارضين يتجهون مباشرة بيأسهم نحو مهاجمة شخص الرئيس نفسه، لأنه الوحيد فى نظرهم الذى يستطيع التطهير و الإصلاح الجاد، ورغم ذلك لا يفعل!!..أو ربما يفعل ببطء شديد تتجاوزه قدره الشعب على الصبر والاحتمال!.. ونحن قد نتفهم دواعى ثورة هؤلاء، ولكن التفهم هنا لا يجعلنا نتجاهل صوت العقل والحكمة الذى يفرض على الجميع التروّى وعدم الاندفاع حتى نجنب الوطن أية مخاطر قد يتعرض لها، كما يفرض علينا أن نوجه جهودا أكبر نحو مطالبة الرئيس مبارك بتنظيف مؤسسات الحكم، نظافة تزغلل!...لنبدأ مرحلة جديدة انتقالية، يعيد فيها الشعب بناء نظامه السياسى المنهار على أحدث نظم مفهوم إدارة الدولة، ويقوم بإعادة تشكيل وعيه حضاريا، من خلال الاستخدام الأمثل لمنظومتى التعليم والإعلام، مما لا يسمح لأى قوة بعد ذلك، غير قوة الشعب، أن تفرض علي الوطن ما هو ضد إرادته، حتى ولو كان الفيفا نفسه!

وتخيلوا لو تجمعت كل جهود القضاة وأساتذة الجامعات وحركات المعارضة على اختلاف توجهاتها من أحزاب وكفاية ولابد ومافيش وترسانة ودراويش، وغيرهم من الفئات الأخرى التى تقف حتى الآن صامتة، لأنها لا ترفض التمديد لشخص مبارك، لكن ترفض التمديد لكهنة كل العصور.. لو أن كل هذه الجهود تجمعت واتخذت كافة الوسائل السلمية الممكنة لتطالب الرئيس مبارك بالإصلاح، طبقا لتصورات شعبية معدّة جيدا، ومدروسة بعناية على يد خبراء ومتخصصين فى كافة المجالات، ومن كافة الاتجاهات، فلن يكون أمام الرئيس سوى الاستجابة لإرادة هذه الجموع، وتخليصهم من الكهنة، أو على الأقل رفع يد الحماية عنهم، بتخليه عن رئاسة معبدهم، ووقوفه محايدا بين جميع القوى والتيارات، تاركا الخيار للشعب..والطماطم بالمرّة حتى نفعصهم بها، وعندئذ سيقول الشعب كلمته فيهم، ويضع نهايتهم بنفسه، ويتخلص منهم بطريقته الخاصة فى أسرع وقت ممكن قبل أن تنضم مصر لاتفاقية حظر رمى النفايات البشرية فى المجارى!.

شيوخنا والاستفتاء - د. عمرو اسماعيل

بعد أحداث الاستفتاء ومظاهرات كفاية والاعتداء علي أعضائها والاختلاف حول المشاركة أو المقاطعة حتي وصل الأمر الي أصدار الفتاوي سواء عن طريق شيخ الأزهر والسيد المفتي ..في أمر سياسي ليس له علاقة بالدين فوضع الدين

والأزهر ودار الأفتاء بين ;ومة والمعارضة فنالهما ما كان يجب أن يترفعا عنه احتراما للدين وللمؤسستين اللتان يتشرفان برئاستها ..
نتساءل جميعا ما هو الحل لوضعنا المزري الذي لا يستطيع أن ينكره أحد
فالحقيقة المرة اننا شعوبا قبل حكومات نتحرك في اتجاه و الانسانية كلها تتحرك في اتجاه آخر...
الحقيقة المرة أننا اصبحنا أكثر شعوب الارض تخلفا ..واقلها انتاجا ..وحكوماتنا هي اكثر حكومات الارض استبدادا و فسادا..وشعوبنا تزداد خنوعا .. وتتحكم فيها مفاهيم خاطئة ..ترجع بها الي الخلف و تعمي عيونها عن رؤية الحقيقة

الحقيقة المرة ..
اننا اصبحنا لا نعرف الفرق بين الوطن والحاكم , ولا نعرف الفرق بين الوطن والطائفة و لانعرف الفرق بين الوطن والقبيلة ولا بين رئيس الحزب وشيخ القبيلة .. حتي تحولت الأحزاب السياسية عندنا الي أحزاب قبلية .. لا فرق بينها وبين الحكومة .. الرئيس فيهما قابع الي الأبد في منصبه من منطلق ثقافة القبيلة وولاء الأتباع لشيخها ..
الحقيقة المرة يا سادة اننا نسينا طعم الحرية واستمرأنا العبودية .. نهرب من طاغية الي آخر طالما يثير فينا مشاعرنا البدائية ويخدعنا بشعارات شرف القبيلة ..
الحقيقة المرة يا سادة .. أننا لا ننظر حولنا ومرآتنا لا تعكس الحقيقة.. لانري الشعوب حولنا كيف تعيش في اوطانها آمنة تختارحكامها وتنتج غذاءها كما تنتج سلاحها ولباسها ومصانعها ..
الحقيقة المرة يا سادة.. أننا لا نري الحقيقة .. حقيقة من المنتصر و من الذي انهزم .. حقيقة أن الذي انتصر هو مفهوم ان الحاكم هو خادم لشعبه .. أن الحاكم يصل الي السلطة من خلال رضي شعبه و لا يبقي في منصبه الا من خلال أرضاء شعبه.. حقيقة بسيطة ولكننا لانستطيع ان نراها .. حقيقة لا تستطيع شعوبنا قبل حكامنا ان تعيها ولذا سنظل نردف في تخلفنا .. فهنيئا لنا به ..
نريد حلا ..
الحل أمامنا في كل مكان ولكننا نصر أن نتعامي عنه لأننا نصر الا ننظر في المرآة ألا لأنفسنا ..
الحل أمامنا .. في ماليزيا و أندونيسيا وكوريا .. وقبلهم في اليابان ..حتي في الصين الحل موجود .. والاهم من هذا أن الحل تحت قدمينا .. لأننا لم نفكر ابدا لماذا انتصرت علينا اسرائيل ومازالت..
وهو حل ليس ضد الاخلاق ولا يتعارض مع الدين ولا الاسلام.. هو حل تبنته كل الشعوب التي حققت تقدما
.. ..
ولكننا نصر أن نبحث في كل الحلول الا تلك التي أثبتت نجاحها .. الحل الذي اثبتت لنا اوكرانيا منذ مدة قصيرة جدواه ا ..
وحتي نتخلص من مرآتنا النرجسية التي لا تعكس الحقيقة .. فلن نجد الحل

لأن الحل هو أن نبدأ من حيث انتهي الآخرون .. الحل هو أن نستفيد من التجارب .. الحل هو العمل والانتاج وأن يستمد الحكم شرعيته من صناديق الانتخابات والاهم أن يستجدي من شعبه البقاء في السلطة مثلما يفعل .. هذا هو الحل يا سادة .. ولهذا ومنذ 73 ينتهك شارون كرامتنا .. ونحن مازلنا نتسائل اين الحل
فهنيئا لنا بشعاراتنا التي لا نجيد غيرها.. كفاية ومش كفاية .. .. و سيظل شارون ينتهك كرامتنا ..
.. فالحقيقة مؤلمة وموجعة ولكن ان لم نتجرع مرارتها .. فسنظل كما نحن لا نستطيع عمل شيء الا كتابة الشعر وأطلاق الشعارات واتهام العالم كله بالكفروالفخر بأننا خير أمة أخرجت للناس رغم أن الواقع يقول أننا اصبحنا أكثر أمم الأرض تخلفا ..
نفخر اننا شعوب تحب الموت وهم شعوب تحب الحياة .. وللأسف لايموت أبدا من يطلق هذه الشعارات الجوفاء وهو يعيش حياة البذخ .. بل يموت الغلابة من الشباب الذي يحلم بأرضه ووطنه ولن يحصل علي مايريد .. لأننا نسينا المقولة الخالدة .. أعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا .. ولكننا لا نعمل لدنيانا ولا نعمل لآخرتنا .. هم يعملون وينتجون ونحن نلعنهم دون عمل شيء .. هم يفكرون ويخططون للمستقبل .. ونحن نجتر ذكريات الماضي الثليب ..
.. لا دراسة للهدف بعناية ولا لتأثيره .. لا تفكير استراتيجي ولا حتي تكتيكي .. لندرس ما هو العامل المشترك بين كل الحلول التي تجد رواجا في عالمنا ...أنها تخاطب القلوب وليس العقول ..جميعها تجتر قصص من الماضي .. جميعها تساعدنا أن نستمر في غيبوبة الماضي الجميل وذكريات البطولة ,
اعذروني لصراحتي والعنوني كما تريدون ولكن أرجوكم حاولوا ان تفكروا في كلامي .. للأسف ليس عندي ما اقوله سوي.. أن .. الحل واضح كالشمس ولكن الشعوب التي لا تستطيع أن تفرض ما تريد .. لا تستحق الحياة ,, هذه هي الحقيقة ,, رغم مرارتها..
..
كلنا مثلا في مصر نعرف ما هو الحل ونطالب به مهما كانت انتماءاتنا السياسية .. كلنا نطالب بسيادة القانون والعدالة الاجتماعية وحقوق المواطنة الكاملة .. نطالب بحق انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه بين عدة مرشحين .. نطالب بحرية تكوين الاحزاب وحرية الراي والتعبير والابداع .. نطالب بالفصل الحقيقي بين السلطات الثلاث وليس الفصل الزائف كما هو حادث الآن ..
كلنا يعرف أن القانون لن يكون له احتراما أن لم يطبق علي الجميع بدون تمييز .. علي الحاكم والمحكوم ..الغني والفقير .. الرجل والمرأة .. المسلم والقبطي .. هذا هو المهم .. سواء كان هذا القانون مدنيا أو مستمدا من الشريعة ..
كلنا يعرف أن الرشوة والفساد لن يمكن القضاء عليها .. أن لم يتم توفير الحد الأدني من الاجور والحياة الكريمة .. ثم معاقبة من يرتشي بعد ذلك وتطبيق القانون عليه بحذافيره .. سواء كان وزيرا أو غفيرا ..
كلنا يعرف أن الانسان لن يبذل جهدا في العمل ويبدع وينتج أن لم يجد مقابلا لهذا الجهد ..سيبدع أن وجد أن قيم الكفاءة والجهد هي معيار التقدم والترقي وليس قيم الواسطة والمحسوبية والنفاق والرياء .. ولذا نجد أن نفس الانسان الذي يتكاسل في عمله في الشرق الاوسط أن ذهب الي دولة من الدول التي تحترم القانون وسيادته علي الجميع .. وتكافيء المجتهد علي اجتهاده وليس علي دراجة قرابته من هذا المسئول أو ذاك ,, يبدع وينتج ..
كلنا يعرف الحل ولكن لاننا لا نستطيع أن نفرضه .. نتجادل ونتهم كل منا الآخر .. هل الاسلام هو الحل أم الديمقراطية ..
لقد قلت سابقا ولم يصدقني أو لم يهتم بما أقول أحد .. ليس مهما اسم النظام ولا اسم الراية التي يرفعها شعارا له .. المهم أن يضمن هذا النظام للمواطن أن يعيش حرا في وطنه وأرضه .., آمنا علي عرضه وحياة أولاده... مشاركا في اختيار من يحكمه وقادرا مع غيره من أبناء شعبه أن يغير هذا الحاكم سلميا و دوريا دون أن يضطر ألي قتله أو سحله.. وأن يكون قادرا علي أقامة شعائر دينه بحرية كما يقيم الآخرون شعائرهم بحرية دون أن يتقاتلوا ويتبادلون الاتهامات من منهم علي حق ومن منهم علي خطأ .. من منهم سيذهب للجنة ومن سيذهب الي الجحيم .. لأننا في الحقيقة قد ذقنا الجحيم في الدنيا ..
يريد أن يكفي دخله الحد الادني من الحياة الكريمة حتي لا يضطر الي الكذب والغش والخداع لتوفير الغذاء والكساء والتعليم والعلاج لأولاده .. يريد ألا يعتدي أحد علي كرامته و حريته أو يتسلط عليه باي حجة كانت سياسية أو دينية .. يريد أن يضمن له هذا النظام مهما كان اسمه أبسط حقوقه كأنسان ,, حق الامن والحياة والحلم والامل والامان .. وحق البحث عن سعادته طالما لا يؤذي الآخرين .. حق المساواة مع الآخرين في الحقوق والواجبات
هذا مايريده المواطن الغلبان مهما كان اسم الدولة التي يعيش فيها سواء كان هذا المواطن مسلما او قبطيا أو حتي بلا دين .... وهذا هو الحل ..
ونحن للاسف لم نستطيع أن نفرض الحل ولم نستطيع الوصول اليه .. رغم أن الكثير من الشعوب استطاعت ذلك .. شعوب اسلامية وبوذية ومسيحية وغربية وشرقية .. المشكلة ليست في الحلول .. فالحلول واضحة تماما .. ولكن المشكلة في الشعوب ..
هناك شعوب حرة وهناك شعوبا استمرأت العبودية واستسلمت لها ..
ومرة أخري..
ونحن في مصر أن لم يستطيع الشعب أن يعي هذه الحقيقة ويفرضها قبل نهاية هذا العام .. فعندها لا يحق له ألا أن يكون تابعا ومطيعا لمن هو علي رأس السلطة ..سواء كان فرعون أو عمرو ابن العاص أو مبارك .. حسني كان أو جمال

ايمان بيبرس وجمعية تنمية نهود المرأة - أحمد حلمي

ضمن اللائحة التى تتضمن اسماء المتهمين باحداث يوم الاستفتاء الاسود ورد اسم السيدة ايمان بيبرس رئيسة مجلس ادارة جمعية تنمية نهود المرأة ... وكان من المنطقى أن نرى فى مظاهرات كلاب السلطة فى هذا اليوم الاسود اعضاء الحزب الوثنى وبلطجيته .. ومن المنطقى ايضا أن يتم استجلاب بلطجية بمعرفة ضباط المباحث .. ومن المنطقى ايضا أن يتم استجلاب سيدات مسجلات اداب ودعارة لزوم الانفصال والتعامل مع المتظاهرات ..
لكن الأمر الغير منطقى هى مجموعة كانت ترفع لافتة تأييد كتب عليها " ايمان بيبرس رئيسة مجلس إدارة جمعية تنمية نهود المرأة " ..
والحقيقة أن هذه الجمعية جمعية مجهولة لم نسمع عنها .. وأغلب الظن أنها أحد الدكاكاين الممولة خارجيا والتى يسترزق منها بعض المنتفعين .. ومن اسمها يمكن أن نتكهن بانها تهتم بشئون المرأة وأى حاجة تبع المرأة .. وحمادة يلعب بربع جنية ... وأهو كله دعم والسلام !!
ولكن اذا كان هذا هو الحال فما دخل جمعية تنمية نهود المرأة بمظاهرات الحزب الوطنى وضرب المتظاهرين .
وهل ترى السيدة ايمان بيبرس أن تمزيق ملابس النساء فى الشارع يساعد على تحقيق اهداف جمعية تنمية نهود المرأة ..
الطريف فى الأمر أنه بمجرد ورود اسم السيدة ايمان بيبرس فى التحقيقات وتوجيه المعتدى عليهم اتهامات لها سارعت بالاتصال تليفونيا بكل من له علاقة بالأمر وبدأت مظاهرة من التوسلات وبوس الأيد من أجل اخراجها من هذه المحاضر وعدم ذكر اسمها .. وكان هذا التصرف يتناقض مع تحالفها مع الحزب الوثنى الذى من المفترض أنه سوف يحميها .. وهى تعلم جيدا أن الحكومة سوف تتدخل فى هذه التحقيقات .. فما سر تخوفها الشديد وتوسلاتها لعدم ذكر اسمها واسم جمعيتها .. كان لابد من طرح هذا السؤال عليها .. فتخيل ماذا كانت الاجابة ؟؟ شوف يا سيدى ...
السيدة ايمان بيبرس على وشك الحصول على دعم امريكى يقدر بمبلغ مليون دولار لتحقيق اهداف جمعية تنمية نهود المرأة .. وورود اسمها فى التحقيقات التى تقوم المنظمات الحقيقة بكتابة تقرير عنها وارسالها لهيئات الدعم الامريكية ترتب عليه وقف معونة المليون دولار ... وبالتالى فالسيدة ايمان بيبرس تقول أننا قد تسببنا فى خراب بيتها لوقف الدعم الامريكى عن جمعيتها لتنمية نهود المرأة ...
ونحن من جانبنا وحرصا على عدم خراب بيت السيدة ايمان بيبرس نلتمس من السادة المجنى عليهم استبعاد اسم الاخت الفاضلة ايمان بيبرس من التحقيقات والاتهامات حتى تتمكن من الحصول على دعمها الامريكى ومواصلة مسيرتها من اجل تنمية نهود المرأة ..
وتوضيحا لموقفنا نؤكد على أن ندائنا هذا لا نقصد منه حماية الاخت الفاضلة ايمان بيبرس فى ذاتها .. ولكنه حرصا منا على عدم اعاقة تنمية نهود المرأة ..
وللمجنى عليهن جزيل الشكر ... ويجعل بيت المحسنين عمار !!!
ملحوظة : ناسف للاخطاء المطبعية الواردة بالمقال ... وتصحيحا للخطاء الجمعية اسمها " جمعية تنمية ونهوض المرأة " .

أحمد حلمى المحامى
عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين

دستور يا اسياد - جمال صدقي

والدستور هنا هو إتفاق أوعقد متبادل بعدم الإيذاء. والأسياد هم العفاريت أو الجان أو أى كائنات خفية مؤذية .
والمصريون يقولون هذه العبارة منذ قرون درأً وإتقاء لشرور كائنات خفية مؤذية. وطلباً لإنصرافها فى سلام .
وقد أثبت نظام الحكم فى مصر أنه أشد إيذاء من العفاريت الزرق . فالعفاريت ـ على الأقل ـ لديها أخلاق. ولاتنتهك أعراض الناس كما يحدث كل يوم والذى كان قمته يوم الأربعاء الدامى .
والعفاريت لا تكذب. بينما نظام الحكم فى مصر لا يكف عن الكذب. بل إنه لا يعرف كيف يقول جملة واحدة صادقة . والغريب أنهم يعرفون أن الناس تعرف ومع ذلك فهم لا يتوقفون عن الكذب . فهم يعرفون مثلا أن الناس تعرف انهم قتلوا أشرف يوسف بجبن فى زنزانته ومع ذلك يعلنون انه مات ضارباً رأسه فى الحائط !!. وبينما يعرفون أن كل وكالات الأنباء والصحف والفضائيات كانت هناك عند ضريح سعد وعند نقابة الصحفيين وشاهدوا وسجلوا وضربوا وسحلوا معنا ومع ذلك يعلنون انها كانت مشادة بين حزبيين !! وبعد ان شد سيدهم أذنهم يخرج علينا الناطق باسم العفاريت الزرق ليقول بالنص أن تغطية وكالات الأنباء للإستفتاء كان غير موضوعى ومنحاز!!
ويكمل سى سليمان عواد : أن حدوث مشادات فى لجنتين إنتخابيتين ضمن 54 ألف لجنة فهو أمر بسيط .
يا أخى أربعة وخمسين ألف عفريت يركبوك انت واللى مشغلك واللى مللاك البيان ( طبعا دى كنت دعوة أمى التى لاتملك سوى أن تدعى عليهم ببلوى من نفس جنسهم !! )
والست والدتى عندها ألف حق : فالأخ سليمان عواد أضاف لكل الأكاذيب الأخرى المعروفة كذبة أخرى أكبر :
فهو يصورنا وكأننا كنا فى لجنة انتخابية !! وينسى ويتناسى سيرة المقاطعة والتظاهر ضد الإستفتاء !! وربما الرجل لم ينسى لكنه وجدها فرصة لممارسة هواية النظام فى الكذب !!
فالنظام يكذب فى كل ما ينطق به حتى أن الناس لا تصدق منه ولو نشرة حالة الجو.
بل أن بعض الخبثاء قال لى أن النظام هو الذى طلب من الأهرام نشر حديث مبارك كما هو ليصدر بياناً فى اليوم التالى يكذب فيه لأنه كان قد مضى عليه نحو يوم دون كذب وبدأ يفرفر حيث أن الكذب موصوف له .
ومنذ عدة سنوات ، أغلقت الحكومة جريدة الدستور. وقد ظننت لفرط سذاجتى أنها أغلقت لأسباب سياسية . وحتى بعد أن قرأت رواية شفرة دافنشى وعرفت أن فى الأمور رموز وفى الأموز أمور لم أنتبه الى علاقة الدستور بالعفاريت الذين يركبوننا منذ سنوات.غير أننى إكتشفت العلاقة بالصدفة البحتة حين صاحت الست والدتى وهى تتفرج معى علىّ أنا وزملائى ونحن نسحل : ألا هم الجماعة دول ليه بيركبهم العفاريت كل أما يسمعوا كلمة دستور أو إصلاح دستور ؟ وكأنها إكتشفت هى الأخرى العلاقة إذ راحت تبسمل وتحوقل وتأتى بحركات بيديها ( طبعا غير حركات أصابع رموز الحزب الوطنى ) ثم أردفت قائلة : يابنى اللى حضر العفريت يصرفه !!
وطبعاً إختلفت مع الست والدتى ( رغم أنها صاحبة الإكتشاف ) : اللى حضر العفريت حيصرفه ويجيب لنا عفريت غيره . واحنا بقالنا سنين بتتحضر لنا عفاريت وتنصرف واحنا بنتفرج.
سكتت أمى مدعية عدم الفهم . بينما رحت أنا أتمتم على طريقة زينات صدقى ومارى منيب : إنصرف بقة لا تئذينا ولا نئذيك . إنصرف بقة لا تئذينا ولا نئذيك ...
وصدقنى أيها العفريت الأزرق الكبير ، لازالت أمامك فرصة للإنصراف فى سلام لأن بعد كدة المصريين حيتصرفوا وياما .. ياما صرفوا عفاريت أكبر وألعن بس مش بسلام .
ودستور.. دستور يا ... ليس لنا أسياد ولو كانوا عفاريت زرق.

هو مش النهاردة الاستفتاء؟ - أمنية طلعت

في دولة الإمارات العربية المتحدة تتنوع طبائع المصريين الذين قدموا للعمل هنا، فمازال هناك النموذج الذي حضر بغية التقطير على نفسه من أجل توفير نقود يحقق بها أحلامه في مصر مثل الزواج وتأسيس منزل وشراء سيارة وما إلى ذلك من المتطلبات الحياتية التي من المفترض أن لا يهاجر من أجلها الانسان ويترك وطنه، لكن واقع أمر بلدنا يفرض عليه ذلك ، وهناك من حضر هربا من مصر لأي سبب من الأسباب وهذه النوعية من المصريين تعيش حياتها بشكل طبيعي ولا تفكر في التوفير لأنها من الأساس لا تفكر في العودة ولا تحتمل فكرة أن تعود ، والحقيقة أن الأسباب تتباين لدى كل واحد منهم حيث لم يفروا من مصر لنفس السبب فمنهم من لديهم أسباب خاصة ومنهم من لديهم أسباب عامة ، المهم أن جميع المصريين في الإما رات من الطبيعي انهم يتبعون السفارة المصرية والتي من المفترض انها ترعى مصالحنا داخل دولة الامارات لكن الحقيقة هي أننا جميعا وبلا استثناء لا نعلم شيئا عن السفارة ومن زارنا منها فقد زارها إما لتجديد جواز السفر أو إضافة الأبناء المولودين حديثا أو لعمل توكيل لأحد الأهل في مصر وكل هذه الإجراءات نقوم بها ونحن متأففين حيث تواجهنا بيروقراطية الإدارة المصرية التي نسيناها في جنة الإمارات التي تتم فيها الاجراءات الحكومية بالبريد الاليكتروني والتليفون ولا تضطر للوقوف دقيقة أمام شباك موظف لانهاء اجراء إداري واحد بدءا من دفع فاتورة الكهرباء وحتى تجديد الاقامة، كذلك تواجهنا السفارة بكم النقود المطلوبة منا نظير الاجراء الرسمي الواحد حيث أنك مثلا لو قمت بعمل توكيل رسمي لأحد أقاربك في مصر تدفع نظيره مبلغا مضاعفا اربع مرات على الأقل عن الذي من الممكن أن تدفعه نظير نفس الخدمة على أرض مصر نفسها...ومع ذلك لم يعترض أي منا لأننا نفهم الفكرة التي قامت عليها تحديد هذه المبالغ وهي أننا نعمل في الخليج ويمتلك كل واحد منا بئر بترول يحمله على أكتافه أينما ذهب.

في الحقيقة كل ما سبق كان تمهيدا لما سوف أقصه الآن، فأنا والحمد لله أنتمي للفئة الثانية من المصريين أي فئة الهاربين من مصر وللتوضيح أنا وكل الفئة التي أنتمي إليها لم نهرب لأسباب أمنية أو سياسية وإنما لأسباب لا مجال لسردها الآن....هذه الفئة أيضا والتي تتكون من خيرة الشباب المصري المتعلم جيدا والمثقف غالبا ما تعيش في حسرة دائمة لأنها لا تساهم في بناء بلدها وأنها اضطرت عندما أصبحت جاهزة للعطاء أن تهاجر لأنها لم تجد أمامها سوى خيار من اثنين إما أن تبيع نفسها وضميرها أو تهاجر فقررت الهجرة، وعندما يتجمع بعض من هذه الفئة يتناقشون معظم الوقت في أحوال مصر والأحداث التي تجري فيها، منذ شهر تقريبا عندما بدأت وقائع التعديل الدستوري العظيم (المادة 76) ازدادت حمى المناقشات والمتابعة اليومية لما يحدث في مصر من صراع بين المعارضة وحركة كفاية وبين الحكومة الممثلة في هيئاتها وحزبها الوطني وقررت شلة من الأصدقاء التابعين لتلك الفئة أن يكون لهم دورا ما أيا كان شكله ...بعد مناقشات مطولة عن الذي يمكن أن نفعله ذكر لنا صديق يعمل محاميا أن الدستور يكفل للمصريين الذي يعيشون في الخارج أن يشاركوا في أي نوع من الاقتراعات سواء كان إنتخابات أو استفتاءات ففرحنا جميعا وقررنا الذهاب للسفارة والسؤال عن الأمر وتطوع واحد من الأصدقاء أن يذهب للسؤال ....بالطبع ضل الطريق للسفارة كثيرا حتى وصل إليها في النهاية(عذرا فغالبنا لا يعرف أين تقع السفارة ولا ما هو اسم السفير) ..دخل صديقنا وهو يعمل مديرا لقسم تكنولوجيا المعلومات بأحد الشركات هنا في الإمارات، وتوجه نحو أحد الموظفين الجالسين وراء القضبان الحديدي بينما تطرق إلى أذنه حديثا جانبيا بين اثنين من موظفات السفارة (لا ما هو لو ما دفعش المهر اللي احنا عاوزينه لا يمكن نديه بنتنا) ضحك محبطا وقال( يا الله حتى هنا) ثم أكمل مسيرته نحو الموظف المحبوس كفأر وراء القضبان الحديدية وسأله:

هيه الطريقة اللي بيتم بيها الانتخاب هنا في السفارة إزاي؟

ينظر الموظف إلى الفراغ وعينيه ذائغتان في ملكوت الله ثم يجيب بتعجب واندهاش: انتخاب ؟.... انتخاب ايه يا استاذ؟

الصديق: انتخابات ترشيح رئيس الجمهورية؟

الموظف: انتخاب رئيس جمهورية؟ رئيس جمهورية ايه؟

الصديق: رئيس جمهورية مصر

الموظف: ما حسني مبارك هو الريس يا ابني ...انتخاب ايه بقى؟

الصديق: الله انت ما سمعتش عن تعديل المادة 76

الموظف: 76 ايه يا ابني بس ...انت عايز ايه بالظبط؟

الصديق: ابدا باسأل هو احنا المصريين في الإمارات مش لينا حق نشارك في الانتخابات من خلال السفارة؟

الموظف: لا يا حبيبي مفيش حاجة زي كدة في الدنيا كلها.

عاد صديقنا متشككا من المعلومة التي ساقها الينا صديقنا المحامي فاتصل به وسأله إن كان متأكدا من المعلومة فاكد له المحامي أنها معلومة صحيحة مائة في المائة وأن هذا القانون موجود في كل بلاد العالم وأن معظم رعايا الدول الاوربية والآسيوية في الإمارات تمارس حقها الدستوري في الانتخاب من خلال سفاراتها، ثم ضحك المحامي وقال ( أنا كنت متأكد إنهم هيقولولك كدة).

بالطبع بعدما سرد علينا صديقنا وقائع ما حدث له في السفارة المصرية الغراء شعرنا بالضيق لكننا في نفس الوقت غرقنا في ضحك هستيري لما سمعناه من حوار دار بينه وبين الموظف وما سمعه من حوار جانبي بين الموظفتين.....مرت الأيام ووقعت أحداث الصراع العنيف بين الحكومة والمعارضة على الاستفتاء على التعديل الدستوري وكنا نعيش وقائع هذا الصراع لحظة بلحظة عبر الإنترنت والقنوات الإخبارية الفضائية والمقالات المنشورة في الجرائد وبداخلنا رغبة عميقة في المشاركة بأي شكل من الأشكال في هذا الاستفتاء إما بإعلان المقاطعة له أو المشاركة فيه بنعم أو لا، لكننا كنا عاجزين ولم نجد أي شئ لنفعله غير الجلوس تاركين صدورونا تغلي من وطأة الاحساس بالعجز أمام رغبتنا المحمومة في المشاركة في تغيير شيئا ما في بلدنا فنحن رغم هروبنا منها نذوب عشقا لها، الحقيقة كلنا تصرف بطريقته فأنا مثلا أخذت أتصل بأصدقائي المشاركين في المقاطعة وأحاول بقدر الإمكان الشد من أزرهم أما صديقنا مدير تكنولوجيا المعلومات فقرر أن يعيد المحاولة مرة أخرى مع السفارة فاتصل بها وبعد فترة طويلة من رنين التليفون اجابه صوت ناعس متململ فسأله بطرافته المعهودة حيث أن صديقنا هذا يتصف بخفة دم رائعة :

ها نيجي امتى

الموظف: تيجوا ؟...انتم مين اللي تيجوا؟

الصديق: احنا يا جدع..المصريين

الموظف: وتيجوا ليه؟

الصديق: الله مش انهاردة الاستفتاء

الموظف: استفتاء ايه؟

الصديق : الاستفتاء على تعديل المادة 76

الموظف: 67 ايه يا ابني و80 ايه انت بتقول ايه

الصديق: الله مش مفروض ان من حقنا اننا نقول راينا في الاستفتاء؟

ويبدو أن الموظف وقع في حيرة شديدة فقال لصديقنا : طيب استنى كدة أما أسال

وسمع صديقنا الموظف وهو يقول: يا محمد هو فيه استفتاء انهاردة

فجاء صوت المدعو محمد من بعيد وقال له: استفتاء ايه يا عم انت انت بتخرف؟

الموظف: يعني مفيش حاجة بالشكل ده

محمد: لا طبعا

فعاد الموظف إلى صديقنا وقال له: لا واللهي ماعندناش حاجة بالشكل ده

الصديق: يعني مفيش منه خالص في اي حتة؟

الموظف : لا واللهي يا حبيبي مفيش.

الصديق: طيب أسال في سفارة تانية بقى

الموظف: أنا باقول كدة برضه ..شوف وربنا يوفقك.

وهكذا انتهت تجربة صديقنا الديمقراطية مع السفارة المصرية حيث ظل يضحك ويبكي في آن واحد منذ يوم خمسة وعشرين مايو الأسود وحتى الآن ولم نعد نعرف ماذا نفعل له كي يعود لحالته الطبيعية خاصة وأنه أصبح مقيما في البار ليشرب حتى ينسى والمصيبة أنه لم ينس حتى الآن ولم نعد نعرف ما الذي يمكن فعله له حتى يعود لبيته وأبنائه وعمله .

فهل من حل لإنقاذ صديقنا الذي هرب من مصر حتى لا يجن فجاءت وراؤه هنا لتصيبه بالجنون؟

حكم البلطجية - وائل خليل

استيقظ مبكرا كالعادة وأجهز احمد ابني للمدرسة، احضر له إفطاره والسندوتشات، افتح الباب لننزل فالتقط الجريدة الملقاة على باب الشقة، وكما هي عادتي أقرأها ونحن في انتظار وصول الباص.
وزير الداخلية يصرح: منع المظاهرات والمسيرات لكل الأحزاب!
أذهب للعمل في ملابس شبه رسمية ولكن تصلح للمظاهرة وتصلني الرسالة على المحمول: موعدنا عند ضريح سعد! إذن فهذا هو تكتيكنا الجديد، لنفاجئ الأمن و"مظاهرات التأييد".. أتأخر في العمل لحل بعض المشاكل ولكن أنزل في موعد مناسب وعبر المحمول أتابع الوضع مع الأصدقاء: الوضع غير مطمئن، الأمن موجود ويتحرش بالمتظاهرين. أصل لموقع المظاهرة وأجد الحصار المعتاد ويبدأ الهتاف. يسقط يسقط حسني مبارك. وبعد دقائق يصل أنصار الرئيس، أطفال وشباب، نقف مجموعة بين الطرفين لنحول دون اختراق صفوفنا، وتنشأ درجة من التعاون مع بعض من أنصار الرئيس، أجدني مبتسما من هتافاتهم: اطلع بره يا جبان يا عميل الأمريكان، هذا من هتافاتنا، حركة التغيير قامت لمناهضة الأمريكان وعملائهم. تتزايد أعدادهم وينسحب الأمن! أفقد صوتي بعد دقائق قليلة كما هي عادتي وأحسد قادة الهتاف على مهاراتهم وعلى صمودهم. الوضع مستقر رغم تزايد الاستفزازات من أنصار مبارك ولكن نتفق على أنهم ينوون الاشتباك ونقرر الانسحاب لنقابة الصحفيين، موقعنا الأخير.

نبدأ في المغادرة وتنفتح أبواب الجحيم، أنصار مبارك وبتواطؤ الأمن يهاجمون المجموعات المغادرة، تهاتفني رباب صارخة: ألحقونا يا وائل بيضربونا وينقطع الاتصال قبل أن أعرف مكانهم. ندور كالمجانين لنعرف أوضاع الأصدقاء، يصرخ أحدهم: قبضوا على أحد الأصدقاء! أقول لنفسي حسنا على الأقل لن نقلق عليه. أهاتف زوجتي لأطمئنها، أنا بخير، حتى الآن.

نصل للمجموعة المحاصرة في شارع نوبار، أجد د. ليلي وعلاء ابنها محاصرين بالأمن والبلطجية ويتلقون الضربات، خاصة علاء، أجن وأذهب لأحد الرتب صارخا: أفعل شيئا، فيدفعني بعيدا، ونجد المجموعة الأخرى "محاصرة" داخل صيدلية. أجد بعض وجوه أنصار مبارك وأصرخ فيهم: هي دي المرجلة، فيرد أحدهم نحن والله نحميكم، وتؤكد عايدة على كلامه. خيرا. يصرخ في أخر: يا عملا ولا أقوى على الابتسام هذه المرة، من هم العملاء يا أخي، من الذي كان في واشنطن يتلقى الأوامر ومن الذي يستقبل زوجة بوش. وبينما يتكاثر أنصار الرئيس حولنا يتقدم ضابط أمن دولة، أعرف وجهه من مظاهرات سابقة، ويأخذنا بعيدا ويضع بعض مساعديه لحمايتنا، عاجبك كده، أسأله، فيشيح بوجهه في خجل، يتقدم ضابط ميري ويأمرني بالمغادرة فأصرخ لن نتحرك قبل أن يخرج زملائنا. وبعد نصف ساعة يغادر أنصار الوطني ونبدأ في المغادرة، أحادث رباب لأطمئن وأجدهم غادروا فعلا وتكاد تبكي: ضربونا جامد يا وائل، أعود للعمل وأهاتف زوجتي لأطمئنها مرة أخرى. اعرف أن من ذهبوا لنقابة الصحفيين تعرضوا للضرب والتعدي هناك وأيضا بتواطؤ الأمن.

تستمر المكالمات والأخبار وكلها متشابهة، الأمن يحاصر مجموعات صغيرة، ويفسح الطريق للبلطجية لأداء الواجب، وهناك استهداف خاص للفتيات والسيدات، هذه ليست مظاهرات لتأييد مبارك، هذه عصابات لتخويفنا.
أكمل اليوم يملأني الإحساس بالقهر وبالغضب.

ما هذا الإجرام، من أطلق هؤلاء الوحوش، هذا العنف الكامن وهذا الكبت، من سخر أتوبيسات هيئة النقل العام لنقلهم، من أصدر الأوامر للأمن لغض البصر عن المذبحة ومنع التصوير ومصادرة الكاميرات بل ولمساعدة البلطجية. ضابط الأمن عظيم الرتبة الذي تخلى عن واجبه ورضي أن يتفرج والبلطجية يضربون د. ليلي وعلاء ابنها ويدوسونهم بالأقدام، الضابط عظيم الرتبة الذي ساعد البلطجية ليضربوا الفتيات ويمزقوا ملابسهن ويسرقون نقودهن، الأمر غير المسبوق في تاريخ الحركة السياسية في مصر، هل هذا مفهوم نظام النفاق والبلطجة لدعم المشاركة السياسية للنساء؟

المسألة ليست في عضو حزب وطني هنا أو رجل أعمال هناك، هذه سياسة عليا، يشترك فيها الأمن ، والصحف ووسائل الإعلام وكل مؤسسات الدولة وشركات القطاع العام، ورجال الأعمال بتوع السياسات. يا حكام هذا البلد، لقد تخطيتم الخطوط الحمراء وستدفعون الثمن غاليا.

يظهر صفوت الشريف على شاشة التلفزيون ويصرح، إن من دعوا للمقاطعة انهزموا. وأتذكر علاء ود.ليلى وجمال وكل من سالت دماؤه في هذا اليوم ووجدته مقتنعا بأن هذه أقل ضريبة واجبة، وأن لا حرية بدون ثمن، لا يا سيادة رئيس مجلس الشورى، نحن لم نهزم.

في شارع نوبار صرخ في واحد: لو البلد مش عاجباكم سيبوها...
ليس لنا سوى هذه البلد يا صديقي، ليس لنا غيرها، ولن نهدأ قبل أن نحررها من حكم البلطجية ...
وائل خليل
25 مايو 2005

برضه هانزل المظاهرة الجاية - رباب المهدي

يا جماعة أنا اكتشفت امبارح إن الحزب "الوطني" الحاكم يعاني من حالة كبت وحرمان بشعة تصعب معها مسائلته عن أي شيء يفعله سواء كانت المادة 76 أو جمال أو حتى بيع البلد.. (دي ناس تعبانة أوي يا جماعة)

أنا لم أتوصل لهذه النتيجة عبر التحليل النظري للنظام وحزبه الحاكم، ولكن عبر خبرتي -وخبرة عشرات الفتيات والنساء- مع هذا النظام بالأمس... في الشارع وعلي عينكم يا زبانية العادلي... ما فعله بنا النظام لا يوصف ولا يستوعب في هذا اليوم التاريخي في حياة الوطن... وحياتي أنا كمان.
ولكن بما أن هذه شهادة حاتحاسب عليها (أمام أمن الدولة طبعا) سوف أسرد لكم 3 مشاهد شخصية.

المشهد الأول: نهار/ خارجي/ ضريح سعد
الأمن يفض مظاهرة كفاية أمام ضريح سعد وأنا باجري وبلطجية الحزب الوطني (20 جنيه النفر) بيجروا ورايا وبيشدوا هدومي ويمسكون مؤخرتي وزميل لا أعرفه يخلصني منهم ويدفعني للأمام... وضباط العادلي ينظرون ويضحكون.

المشهد الثاني: الصيدلية/داخلي
بلطجية الحزب الذين يحملون صور مبارك يلحقون ببعض المتظاهرين، أنا منهم، فيجري بعضنا وأتعثر أنا وخمسة زملاء... يبدأون الضرب (والذي منه في حالتي) فنحتمي داخل صيدلية "واحد مصري بجد"...يزداد عدد البلطجية ويأتي قائدهم يحمل جهاز لاسلكي ويقول أنه سيحاول أن يؤمن حياتنا ويخرجنا على أن نظهر تحقيق الشخصية (طبعا عارفين ليه؟)

المهم بعد حوالي ساعة من مكوثنا بالداخل، سمعت فيها من البلطجية بالخارج ما لم أسمعه في حياتي عن شرفي وأجزاء جسمي المختلفة ، وبعد ضغط محترف على الضباط من د. ليلي سويف تم اقتيادنا للخارج.
طبعا ونحن نغادر توعدني البلطجية بما إني (ش....) سوف يفعلون بي (أفعال يعاقب عليها القانون) وكل هذا على مرأى ومسمع من الضابط الذي اصطحبنا.

المشهد الثالث: نقابة الصحفيين/خارجي / نهار (قلب بعد شوية ليل)
طبعا إحنا ناس دماغنا جزم، أخذنا التاكسيات وطلعنا على نقابة الصحفيين حيث توجه باقي الزملاء بعد مظاهرة ضريح سعد. ولكن في خلال نصف ساعة أو أقل وصل البلطجية، نفس الوشوش تنزل من أتوبيسات كاملة محملة بهم بالإضافة لفرق من ذوي الأجسام غير الآدمية (مربيين خنزير على رأي عادل امام).
بدأوا يتعدوا على المتظاهرين والأمن فتح لهم الكردون (اللي عمره ما ينفتح) وبدأ زحف التتار وبدأ زملائي يختفون... أصبح السبيل الوحيد للفرار هو التزحلق على جانب سلم النقابة مع احتمال كسر أي جزء من جسم الواحد، لكن وماله!

حينما وصلت للأرض طلب منا رائد ونقيب من الأمن المركزي أن نقبع في مدخل جراج النقابة (المقفول) حتى يؤمنوا خروجنا، وكنا حوالي 10 وقتها، مع وعود بإخراجنا أحياء إذا لم نتصل بالموجودين أمام النقابة. طبعا استجبنا ولكن في خلال دقائق فوجئنا بضابط برتبة لواء يأتي فيوشوش الرتب الأقل وفي ثواني كان هناك متاريس حديد وكردون من أربع صفوف عساكر أمن مركزي بالدروع يمنعون خروجنا للشارع أو للرصيف، ثم فتحوا علينا سيل من بلطجية الوطني...
وف لمح البصر كانت هناك أياد من كل اتجاه تعبث في كل جزء من جسدي وتمزق الثياب عني، أجزاء خاصة مني أصبحت لعرض العام... وضرب... ضرب جامد قوي قوي... في لحظات اختصروني، اختصروا مواطنتي ووجودي كله إلى جسد... وانتهكوا هذا الجسد...

النهاية:
أصرخ في الضباط لكي وأطلب القبض علي وإنقاذي من هذا العذاب... نزحف بين الأرجل حتي نخرج ونبدأ في الركض وهم ورائنا ولكن هذه المرة نفلت منهم في التاكسيات... أنا خايفة أمشي في الشارع والله العظيم، كل الوجوه بقت مرعبة بالنسبة لي...

بس برضه حانزل المظاهرة الجاية..

سرقوا اللابتوب يا محمد لكن الكاميرا معايا - علاء عبدالفتاح

النهاردة رحت مظاهرة كفاية اتسرق منى اللابتوب، حياتى كمان كانت هتتسرق بس دى الواحد بيتوقعها فى المظاهرات لكن اللابتوب؟؟

النهاردة اتلم على أنا و أمى عشرات من بلطجية الحزب الوطنى و ضربونا.

البوليس كان واقف يتفرج، شافوا كل حاجة و متدخلوش، قعدوا يسألونى عن بطاقتى و أسمى و عنوانى و أنا بانضّرب بالشلاليت، حاولوا يقبضوا على و يصادروا الكاميرا بتاعتى، لكن يحمونى أو يحموا الوالدة أو حتى يهشوا البلطجية؟ لا!

أبتدى بالفوران اللى جوايا؟ عندى طلب بسيط:

لو تعرفوا اللى فى الصور دول لو شفتوهم اشتموهم، اضربوهم تفوا عليهم، اياكوا تناسبوهم أو تتعاملوا معاهم، رجاء للى بيقرا أنا مقدرش أشتم عشان قضايا السب و القذف أشتموهم انتم و ادعوا عليهم.

مش عارف أحكيلكم ازاى عن الخوف، أنا كنت مرعوب. بس أنا مبسوط انى لقيت فى نفسى شجاعة، هجموا على ماما الأول بس تصوروا قدرت أحميها قدرت أحوش عنها (ستات و بنات تانية كتير كان حظهم أوحش ولاد الكلب اتحرشوا بيهم).

جزعولى رجلى أو شرخوها (لسة معملتش أشعة)، مش عارف أشوف كسرولنا النضارات.

بس أنا حاسس انى كويس مقدروش يكسرونى مقدروش ينتهكونى، بعد ما زنقونا فى ركن بفضل جهود البوليس، بعد مابان ان البوليس مش هيحوش عننا حاجة (دول حاولوا يحققوا معايا و أنا بتفادى اللوكاميات، مش عارف أوصفلكم ازاى منظر حيطة من الضباط كل شوية يتفتح فيها خرم تفوت منه رجل أو ايد أو عصاية تضربنى)، بعد ما سرقوا شنطتى و كل حاجتى بعد كل ده قررت مانهزمش، كان ممكن أستسلم كان ممكن يغمى عليا كان ممكن أبوس رجليهم المسألة مسألة اختيار و أنا أخترت أعافر وقفت و ابتديت أخد صور واحد من الضباط شخط فى البلطجية و قاللهم "هاتوا الكاميرا".

مش هقدر أدافع عن نفسى؟ طيب، ما فيش أى حاجة أقدر أعملها للبلد المنيلة دى؟ ماشى، مش قادر حتى أدافع عن أملاكى؟ طب و بعدين أزاى أفضل أنا؟ أزاى أفضل ملك نفسى أزاى؟

بأنى أتجنن طبعا! بأنى ألسع!

أنا الكاميرا، الكاميرا جزء منى، البنى أدمين مش لحم و عضم بس البنى أدمين عندهم روح و روحهم فى كارت الميمورى بتاع الكاميرا الديجيتال، هما مش عاويزينى، أنا مش فارق معاهم يأذونى ولا لأ، اللابتوب ده كان حاجة عشوائية واحد شاف حاجة طالعة من الشنطة فخطفها. هما عاوزين الكاميرا، أنا سمعته بنفسى ريسهم الشرير قال "هاتوللى الكاميرا". أنا الكاميرا وزى ماقدرت أدافع عن ماما هادافع عن الكاميرا.

مجنون! أهه ده اللى حافظ على عقلى.

تخيلوا أنا فخور؟ بجد فخور، أنا زقيت أنا ضربت أنا حاربت أنا اترميت على الأرض و اتكورت أنا شلّت، أنا كنت شاطر قوى معرفوش يسببولى اصابات أكتر من كده، وانا فى الأرض حاولوا يشدوا الكاميرا حطيتها فى جيبى "قطعوا هدومه" ايدين كتير ، رفصت ، ايد لابسة ميرى فى جيبى؛ عضيت.

بصراحة كان تهور من ماما انها تحاول توقف مظاهرة كاملة لوحدها، هى بتعمل الحركة دى مع بتوع الأمن المركزى برضه، بس العيال بتوع الأمن غلابة ناس عادية بيترددوا بيتلخبطوا لما واحدة ست تقف فى وشهم مش بيبقوا عاوزين يضربوا، بيستنوا أوامر.

انما تحاول تحمى اللى اتبقى من مظاهرة كفاية لوحدها؟ البلطجية دى مبتترددش دول وحوش، الحواديت اللى سمعناها عن اللى جرى للناس بعد الانسحاب التالت مرعبة، مفيش مجال للمقارنة أحنا بختنا حلو.

نعمل مكالمات بقى، الظابط شاف الموبايلات دمه فار و قعد يزعق "سيب التليفون".

اه و ادى كمان معركة صغيرة، هى الانتصارات الهبلة دى اللى بتخلينا نقدر نكمل، يا ترى بابا استحمل 5 سنين سجن كده؟ بأنه ينتصر انتصارات صغيرة كل يوم؟ عملنا المكالمات غصب عنه كلمت بابا كلمت منال.

الأمن المركزى حن علينا عملوا كوردون و حطونا فى صيدلية.

الصيدلية فيها أربعة مننا و أمن كتييييير، هما بيحققوا معانا احنا ليه، متشوفوا البلطجية. بيسؤالوا عن أسامينا فاكرينا هنخاف؟ يا عم ده مش تنظيم سرى خد اسامينا اهيه.

حطيت ايدى فى جيبى أطّمن، و أنا فى الأرض و القلل بتمطر عليا نقلت كارت الميمورى من الكاميرا للجيب التانى، حتى لو خدوا الكاميرا الصور هتفضل معايا، طول ما الصور معايا أنا كويس طول ما الصور معايا كرامتى محفوظة أنا انتصرت غلبتهم كلهم.

الشباب بيلعبوا لعبة هبلة عاوزين يخبوا الموبايلات و سرية و أفلام بيقولك لحسن يئذوا أصحابنا، عقلى بيقولى ايه الهبل ده، يمكن ده انتصارهم الصغير حقهم برضه.

أنا تعبت، دماغى واجعانى (اتضربت بيجى ستين علم مصر)، مش شايف حاجة من غير نضارة، اللابتوب اتسرق يانهار زفت... اللابتوب اتسرق.

أنا عاوز أروّح كفاية عليا كده النهاردة.

أنا علاء، أنا لسه زى مانا ، أنا نفس الشخص بقول نفس الكلام بعمل نفس الحاجات، مش شايف كويس جسمى بيوجعنى بس أنا سليم أنا كويس، الكاميرا فضيت خلاص تقدر ترجع تبقى جهاز تانى مش محتاج أخبى روحى فيها.