Friday, 03 June 2005
إعترافات قاضي - أحمد محمد
لقد أحزنني جدا و هالني ما تم من تزوير فاضح للاستفتاء ، بل و قتلني كمدا و غيظا ما رأيته من تهليل إعلامي غير عادي لما حدث و تصويره – و بكل بجاحة - على أنه إرادة الشعب المصري و ذلك على غير الحقيقة التي رأيتها بعيني و هو ما دفعني لكتابة هذه السطور .
أولا أعرفكم بنفسي ، أنا قاضي مصري ، انتدبت للإشراف على الاستفتاء في أحدى اللجان و سأوضح في كلمتين ما هي الانتخابات في مصر حتى تستطيع فهم كلامي الذي سيليه
تقسم اللجان الى نوعين : 1- لجان فرعية و هي اللجان التي يوجد بكل منها صندوق انتخاب و المفترض أن يكون رئيسها قاضي يأخذ الأصوات بحيدة دون تحيز و يطمئن على وضعها في الصندوق و إغلاقه في نهاية العملية الانتخابية الساعة السابعة مساءا ثم فرزه بمعرفته شخصيا و تسليم النتيجة إلى اللجنة العامة
2- اللجان العامة فهي تكون لجنة مكونة من قضاة أيضا تشرف على حوالي مائه أو مائتين لجنة فرعية ، تأخذ منهم النتائج و تجمعها و تعلن النتيجة على مستوى هذه اللجنة ، ثم بعد ذلك تجمع كل النتائج بمعرفة الجهة التي تدير الانتخابات و تعلن النتيجة على مستوى الجمهورية .
أما ما حدث في هذا الاستفتاء الظالم ، أنه قد تم بالفعل ندب 11 ألف قاضي و وكيل نيابة و عضو هيئات قضائية مثل مجلس الدولة و النيابة الادارية و قضايا الدولة ، و لكن هل تم توزيعهم على اللجان الفرعية ؟ لا ، لم يحدث هذا بل أن الذي حدث أن تم توزيعهم على اللجان العامة و على نسبة لا تتعدى 3% من اللجان الفرعية ، ثلاثة بالمائة فقط ، أم باقى كل هؤلاء القضاة فقد تم وضعهم احتياطي لبعض ، فمثلا رئيس اللجنة العامة له أربعة رؤساء محاكم احتياطي له لا عمل لهم – الا المساهمة في زيادة عدد القضاة حتى يبدوا الأمر كما لو كانت الانتخابات تحت الاشراف القضائي الفعلي .
هذا عن رقم 11 ألف قاضي ، أما الكم الأكبر من صناديق الانتخاب أي اللجان الفرعية التى تأخذ أصوات الناس بالفعل ( حوالى 97% من هذه اللجان ) فقد وضعت تحت رئاسة موظفين غلابة من الدولة ، لا حصانة تحميهم و لا يجرؤن على عدم تنفيذ أي أمر ، و صدرت لهم أوامر صارمة من جهة عملهم و من مأموري أقسام الشرطة بتزوير الانتخابات ، فكيف حدث هذا ؟
كيف تم التزوير ؟
ما حدث في كافة اللجان ( باستثناء الكام لجنة اللى فيهم قضاة ) أن الموظف رئيس اللجنة ينتظر حتى قبل موعد الاغلاق ( مثلا حتى الساعة سبعة الا ربع ) و تكون اللجنة التى تتكون مثلا من سبعمائة اسم ( الأسامي المدونة في الكشف للمقيمين في هذه المنطقة الذين لهم حق الانتخاب في هذه اللجنة ) تكون هذه اللجنة ، كل من حضر من هذه الأسماء حوالى عشرة مواطنين فقط ، هذه هي النسبة الحقيقية للحضور ، فيقوم رئيس اللجنة قبل الاغلاق بملء خمسمائة قسيمة انتخاب أو ستمائة مثلا كلهم بعلامة "موافق" مع مراعاة مثلا أربعة أو خمسة بعلامة " غير موافق" .... حتى تكون محبوكة يعني ، و وضع هذه البطاقات الانتخابية في الصندوق ، ثم التأشير عشوائيا على ستمائة اسم في الكشف و تقفيل اللجنة بهذه الحالة .... فيكون حال هذه اللجنة التى لم يحضر بها سوى سبعة أو عشرة أشخاص أن نسبة الحضور بها ستمائة مواطن و عشرة مثلا ، قال منهم 8 أو 10 غير موافق ، و قال منهم 600 موافق ... كل هذا بعيدا تماما عن رقابة القضاء الذي يجلس في اللجان العامة و يفاجئ بالصناديق تأتية على هذه الصورة .
كيف عرفنا هذا ؟
من جلس منا – نحن القضاة – في اللجان العامة فوجئ بأن اللجنة الفرعية التى يرأسها قاضي يصل اليه صندوقها مع هذا القاضي و نسبة الحضور حوالى أربعة أو سبعة أو على الأكثر عشرين مواطن ، ثم يصل اليه الموظف الذي يرأس اللجنة الفرعية المجاورة للجنة القاضي و الحضور الثابت عنده ستمائة أو سبعمائة فكشفت الحقيقة الفاجرة التى يعرفها الجميع و لا يجرؤ أحد على اثباتها
و ماذا عن معلوماتي أنا شخصيا ؟
كنت عضوا في إحدى هذه اللجان العامة و فوجئت بأن (الكام لجنة ) القضائية (أي التي يرأسها قاضي) يأتون و صناديقهم بها عشرة أصوات أو سبعة و يقصون علينا كيف كانت نسبة الإقبال معدومة و لم يحضر أحد تقريبا طوال اليوم ، و أحيانا لم يحضر أحد نهائي
ثم تأتي أفواج اللجان التي يرأسها الموظفين الغلابة و الحضور عندهم 600 و أكثر ، بل و بعض هذه اللجان في نفس المكان الذي به اللجان القضائية ، ( مثلا لجنتين في بلد واحدة ) ، فكان الأمر مضحكا باكيا ، و صرنا جميعا قضاة و موظفين بل و ضباط شرطة موجودين نتندر على ما يحدث من تزوير مفضوح إلى هذا الحد
أما النكتة الحقيقية فهي أن الموظفين كانوا لا يتقنون التزوير ، فيكتب أحدهم أن الأصوات الصحيحة عددها مثلا 650 قال منهم نعم 650 و قال لا 20 ، فيغيظني غبائه و أقول له و أنا أراجع الأوراق قبل استلامها كيف وصلت لهذه النتيجة المستحيلة فيأخذ أوراقه و يذهب بعيدا لينقحها و يعدلها حتى تكون منطقية ثم يعود لتقديمها ، و من فرط غيظي و من وضوح هذا الموقف الفضيحة سألت بعض الموظفين رؤساء اللجان الفرعية الواقفين أمامي لأراجع و أستلم منهم النتائج ، قلت لهم " تعالوا نتكلم بصراحة ... الحكاية واضحة ، بيني و بينكم إيه اللي حصل " فقالوا كلهم تقريبا في نفس واحد " يا باشا حنعمل إيه ، كل الجهات و الشرطة و المباحث أعطوا الأوامر بكده ، قالوا قفلوا اللجان ، و النسبة مش أقل من ثمانين في المائة " ثم شرحوا لي طريقة التقفيل التي أوضحتها .
و قد عدت من هذا القرف الذي و بصفتي قاضي لم أعتاد عليه و لم أعتاد على هذه الوساخة المفضوحة ، و لم أشاهد التلفزيون في نفس اليوم ، إلا أن ما أصابني هو حالة عصبية بل حالة انهيار في اليوم التالي – و انا أحكي هنا بالتفصيل حتى يشعر من يقرأ بما شعرت به تماما – أقول في اليوم التالي وقع بصري ( عالصبح ) على جريدة الأهرام ، و هالني ما رأيت من صفحات من الكذب الصريح و المباشر و وصف "التفاعل الشعبي" و "الإقبال الجماهيري" و "الشعب الذي تحرك ليقول نعم و رفض السلبية" و "الإشراف القضائي الكامل"
آة يا كدابين ، آة يا كدابين يا ظلمة، ده حرام ، محصلش ، ظللت أصيح و أقفز كالمجنون ، لقد كنت هناك ، لقد كنت هناك ، كم مرة سمعت عن كلام الجرايد ، و عن الحقائق الخفية وراء ما يقال ، و لكن هذه أول مرة أشوف بعيني بهذه الطريقة و بهذا الافتراء و الفجور
يا سادة ، ماحدش حضر ، محدش راح الاستفتاء ، و الله ما حد راح الا عدد لا يكاد يذكر كلهم تقريبا من عتاة كلاب الحزب الوطني ( أمين الحزب هنا و هناك ، بتاع المحليات ، عمدة تحت السيطرة ) أما الشعب ، فلم يحضر أحد ، يا سادة محدش راح، و لا حد وافق ، و لا كان فيه إشراف قضائي كامل و لا حاجة
كمال الشاذلي يقول في التلفزيون نحن البلد الوحيد في العالم الذي تجرى فيه الانتخابات تحت إشراف قضائي كامل ( و هو يعلم الحقيق بل و أمر بها )
حسني مبارك هو الذي أمر بكل هذا و يجرى بمعرفته و أوامره
حبيب العادلي يطل علينا في الجرائد لامعا و مبتسما بثقة و هو الذي أمر بكل هذه القذارة
وزير العدل – مع الأسف – هو الذي أمر بندب كل هؤلاء القضاة مع توزيعهم بهذه الطريقة حتى يظهرون أنهم كثرة تشرف على الانتخابات و هم لا يشرفون و لا حاجة
أيها السادة ، هل هذه العصابة هي التي تريدون منها أن تستمر في حكم مصر ؟ الإجابة لكم ...
أما الشيء المهم ، بل و المهم جدا جدا جدا ، هو كيف تعرف أن كلامي هذا صحيح و أن هذا هو ما حدث فعلا ، كيف تتأكد من صحة هذا الكلام و أنه ليس أكاذيب مدسوسة؟
الإجابة بسيطة و يمكن لكل شخص أن يتأكد بسهولة ؛ ألا تعرف وكيل نيابة ، أو قاضي أو عضو نيابة إدارية أو مجلس الدولة أو هيئة قضايا الدولة ، أكيد تعرف حد من دول أو لك قريب أو جار أو صديق أو صاحب قريبك أو أي حد ، فقط اسأله بصورة شخصية بينك و بينه عن هذا الكلام أو أطلعه على هذه الرسالة ، و سيقول لك ما أقوله بالحرف ، فكلنا ( القضاة ) ( عددنا حوالي عشرة الآف ) نعرف الحقيقة و لكن لا أحد يستطيع قولها بصورة رسمية و إلا يضيع ، فقط اسأله بصورة شخصية و سيؤكد لك كل كلمة قلتها ، و إن لم يفعل فأنا كذاب ، و لكنه سيفعل و سيعرف كل إنسان ما حدث.
أتمنى أن تصل هذه الرسالة إلى كل إنسان في هذا البلد الذي تحكمه عصابة من المجرمين ، فيرتاح ضميري الذي عرف العذاب لأول مرة في ذلك اليوم ، و أكون قد كفرت عن هذه الجريمة التي شاركت فيها مضطرا و أتمنى أن يسامحني الله عليها
ختاما : مساعدتك ... و دورك أيضا ، أن ترسل هذه الرسالة لكل من تعرفه ، و من لا تعرفه أيضا ، حتى تظهر الحقيقة و يعرفها الجميع
23:20 | Permalink | Comments (3)
Comments
كل كلمة قلتها صدق
Posted by: وكيل نيابة | Wednesday, 08 June 2005
والله عندما أقرا الكلام ده أقول مفيش فايده طالما عندنا شعب جاهل زى ده يارب منك الخلاص
Posted by: محمد إبراهيم | Saturday, 11 June 2005
مين قال اننا جاهلين
مين قال لسانا نايمين
احنا بنصحا يوم عن يوم
فاضل بس عمل وعبادة
ضيفوا كمان عليها الهمه
ونبطل ندارى فى العمه
تحلا الدنيا وتنزاح الغمه
دى حاجه ارتجالى سريعه
انا بس عندى سؤال ليه نمتنع عن الانتخابات
ايه النتيجه مش لازم بس نعترض
المفروض نعترض ونقدم حل
وانتوا الحل جريدة جميله
انا بصراحه بعترض
احنا لازم ندرس كويس مين اصلحلنا ونبطل نقول مفيش فايدة
لو كلنا صوت واحد شعب وامه نبيله شريفه
مش بس بنجامل فى يفط فى الشوارع
ونقول نعم مبارك
وساعتها لما نكون صوت واحد يبقا بقينا قوة
هو ده اللى احنا محتاجينه
الشعب يبطل يقول مفيش فايدة
عايزين نقول
مفيش مستحيل
لا لمبارك
نعم لنعمان جمعه حتى الان
والله اعلم
Posted by: superdandasha.com | Sunday, 28 August 2005
The comments are closed.