Friday, 15 April 2005
ديفيد بارساميان في القاهرة - وائل عباس
أقيمت في القاهرة مؤخرا ندوة بعنوان الاعلام البديل لاعلام السلطة - الاذاعة البديلة في أمريكا نموذجا ... وكان المتحدث فيها ديفيد بارساميان مدير الاذاعة البديلة بالولايات المتحدة الذي كان في زيارة للقاهرة ... وقد نظم الندوة كل من مركز الدراسات الاشتراكية والمجموعة المصرية لمناهضة العولمة المعروفة اختصارا ب أجيج. والاذاعة البديلة ايه آر هي اذاعة خاصة مستقلة لا تتبع النظام ولا المؤسسات الاعلامية الامريكية الاحتكارية الكبيرة والتي اصبحت تروج البروباجاندا الخاصة بالنظام الامريكي حاليا ... ويمكن سماعها في كل من الولايات المتحدة ووكندا واوروبا وجنوب افريقيا واسترااليا وهي مجانية وتقدم معلومات واراء وتحليلات دائما ما يتم تجاهلها او تحريفها في وسائل الاعلام الاخرى.
وقد تاسست الاذاعة البديلة في عام 1986 واعتمدت منهجها المباديء الاساسية المفترضة للاذاعة الموجهة للجماهير من حيث ان الاذاعة تعمل كمنتدى للنقاش والمناظرة والتنوع وتوفر صوتا لمجموعات قد يكون لا صوت لها تصل به الى الجماهير ... والمشروع برمته مستقل يعتمد على مجهودات فردية ومركزها الرئيسي يقع في بولدر كولورادو بالولايات المتحدة ويستمع اليها ملايين المستمعين وحصدت عديد من الجوائز.
وديفيد بارساميان مدير ومؤسس الاذاعة هو أمريكي من اصل أرمني يعمل كمنتج للبرامج وصحفي ومحاضر وكاتب في الوقت ذاته ويعمل في مجال الاذاعة منذ عام 1978 وتنشر مقالاته ومقابلاته مع عديد من الشخصيات الهامة بالصحف والمجلات ومن مؤلفاته كتاب البروباجاندا وعقول الجماهير وكتاب انحلال وسقوط الاذاعات الجماهيرية وكتاب اعلى من القنابل وكتاب القلم والسيف وقد اعتبره معهد الصحافة البديلة واحد من اهم عشرة في مجال الاعلام وله محاضرات في السياسة الخارجية الامريكية والاعلام والبروباجاندا والقوى الاحتكارية في كل من امريكا وكندا والبرازيل والهند واوروبا وله مقابلات ومحاورات منشورة في كتب مع كل من ناعوم تشومسكي وادوراد سعيد واقبال احمد وطارق علي.
وقد كانت لي مداخلة شرحت فيها تجربة الصحافة الالكترونية في مصر وتساؤل وجهته الى السيد ديفيد خلال تلك الندوة فيما يلي نصهما:
السيد ديفيد ... الحقيقة تعجبني جدا تجربتك في مجال الاعلام البديل والاذاعة البديلة ... لكن الامر في مصر أخشى انه معقد قليلا عن هذا ... فمن الصعب انشاء محطات للراديو او التلفزة حيث ان الدولة هنا تمتلك او تزعم انها تمتلك موجات الاثير ايضا واي محاولة من هذا النوع تعتبر جريمة أمن دولة وقد تصل الاتهامات الىالخيانة العظمى.
لذا ساتحدث عن تجربتنا هنا من اجل تخطي هذا الامر ... لقد لجأنا الى الانترنت كملاذ امن وانشأنا ما نسميه نحن صحافة الكترونية وصحف الكترونية لكن ما زالت تواجهنا الكثير من العقبات اهمها التحرشات الامنية وحجب المواقع واحيانا تخريبها وتدميرها وفصل خطوط الهاتف المستخدمة في النشر والاستيلاء على الاجهزة والخوادم التي تنشر المواقع وفي بعض الاحيان يصل الامر الى الحبس بسبب امور نشرت على الانترنت اعتبرتها الدولة امور مسيئة لها ومعلومات مغرضة وكاذبة.
بل وحتى نقابة الصحفيين المصرية ما زالت لم تعترف بنا بالرغم من اننا انشانا بالفعل ما يسمى بوحدة الصحافة الالكترونية داخلها ولكن هذه الوحدة تم تجميدها بسبب الصراعات السياسية داخل النقابة ورغبة المؤسسات الصحفية الكبرى في السيطرة والهيمنة عليها ... تلك المؤسسات التي بالطبع تتبع النظام بشكل مباشر او غير مباشر ... بل ويمكن القول ان النقابة تتحكم بها الدولة ... لذا فقد قررنا بالفعل تكوين اتحاد دولي للصحافة الالكترونية وهو قيد الانشاء حاليا واتشرف انا بكوني رئيس لجنة الدفاع عن الحريات في هذا الاتحاد ونحن نسعى بهذا الاتحاد الى الحصول على الاعتراف الدولي بهذا النوع من الاعلام البديل لا الاعتراف المحلي فقط.
والسؤال هنا ان الصحافة الالكترونية نجحت في الوصول الى مرتادي الانترنت والتفاعل معهم وتشير التقديرات الى ان جمهور الانترنت في مصر يتراوح ما بين اثنان الى اربعة ملايين شخص وهو رقم كبير لكن هؤلاء فقط هم من لهم المقدرة المادية والتقنية على استخدام الكمبيوتر والدخول الى الانترنت في دولة تعدادها سبعون مليون فهل لديك اقتراحات اخرى لتفعيل اعلام بديل يصل الى شرائح اكبر من المجتمع المصري؟
واجاب السيد ديفيد:
بالنسبة لمصر فانا لست ملما بكل الظروف المتاحة لعمل اعلام بديل لكن بالتاكيد هناك انفراجات يمكن استغلالها واستخدامها في ايجاد فعاليات تصل الى شرائح اوسع من المجتمع المصري ... فالاعلام البديل يمكن ايضا ان يكون من خلال تظاهرات وتكتيكات سياسية او من خلال ندوات ومحاضرات وخطب ... ومثلا باستخدام الفن يمكن الوصول الى اكبر عدد من الناس ... فهناك الشعر والمسرح والموسيقى ... فالفن مهم جدا في توسيع مدارك الناس الثقافية وتنمية وعيهم السياسي ... فمثلا يمكن في احدى القرى الريفية عمل عروض مسرحية ولتكن مثلا مسرحية تشرح ببساطة كيف تعمل العولمة وتؤثر في الناس والمجتمعات ... كيف ان انظمة الغذاء مثلا تتغير ... كيف يتاثر مطعم في القرية ويضطر للاغلاق في مواجهة ماكدونالدز مثلا ...
وبعد انتهاء الندوة قمت باجراء حوار قصير مع السيد ديفيد طرحت عليه عدد من التساؤلات بخصوص تجربة الصحافة الالكترونية في مصر وفكرة الاتحاد الدولي للصحافة الالكترونية حيث قال السيد ديفيد:
- أعتقد انها مبادرة هامة جدا على طريق كسب التضامن الدولي فهناك الكثير من المعلومات عن مصر في الولايات المتحدة الامريكية ولكن اغلبها مجرد بروباجاندا وهناك كثير من ضعف الفهم حول ما يحدث من ازمة اقتصادية يواجهها معظم المصريين والهوة الشاسعة في توزيع الثروة بين الفقراء والأغنياء في مصر لذا فالاعلام عليه التزام ومسؤولية ان يقول الحقيقة ويخبر الناس الحقيقة لذا اذا استطعتم التواصل مع منظمات اخرى سوف تقوى مبادرتكم.
- وماذا تقترح علينا من أجل الحصول على اعتراف دولي؟
- اقترح عليكم الاتصال بالمفوضية الاوروبية واعتقد انهم سيهتمون بدعمكم ودعم ما تفعلون ... سيكونون مهتمين بان يعرفوا عنكم وعن ما تفعلونه ... يمكنكم الاتصال بالمفوضية الاوروبية في بروكسل.
- وما رايك في تجربتنا هذه كتجربة نابعة من دولة تنتمي الى العالم الثالث؟
- اعتقد انها تجربة هامة جدا ان يتولى احد هذا النوع من الاعلام من اجل نشر الديمقراطية والاستقلالية ولكن طبعا ليس ديمقراطية جورج بوش ولكن الديمقراطية التي تريدونها والتي تخلقونها ... ديمقراطية مصرية وليست امريكية ... انها بلدكم وانها ثقافتكم ويجب ان تحمونها.
- ولكن هل تعتقد ان الاتحاد سوف يكون قادر على حمايتنا نحن؟
- تعني الصحفيين ... نعم بالطبع بالطبع سيكون قادرا على ان يفعل ذلك
- شكرا لك يا سيد ديفيد
- على الرحب والسعة
ومن الطريف ان السيد ديفيد حضر الندوة مرتديا تيشيرت اثار كثير من التساؤلات وكان تيشيرت اسود يظن من يراه لاول وهلة انه تيشيرت دعائي لجولة موسيقية لاحد فرق موسيقى الهيفي ميتال وهو ايارن ميدن ولكن تكتشف ان الفريق هنا اسمه امبرياليزم او الامبريالية وان الدول التي قام فيها الفريق بجولته الفنية تشمل فيتنام وافغانستان والعراق ودول اخرى زارها او يخطط لزيارتها ... والمقصود طبعا بفريق الامبريالية معروف ...
23:45 Posted in وائل عباس | Permalink | Comments (1)
Comments
محمد الصخرة
Posted by: الصخرة | Monday, 08 August 2005
The comments are closed.