Ok

By continuing your visit to this site, you accept the use of cookies. These ensure the smooth running of our services. Learn more.

Friday, 15 April 2005

الإسلام وحرية العقل - د. عمرو إسماعيل

كلما ناقش البعض ممن ينتمون الي التيار الليبرالي التحجر الفكري لبعض جماعات الاسلام السياسي وهجومهم علي رموز التنوير في عالمنا بدءا بمحمد عبده وقاسم أمين ومرورا بعلي عبد الرازق وطه

حسين وانتهاءا بنجيب محفوظ وغيره من دعاة حرية الفكر والعقل في العصر الحالي ..دعاة الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والدولة المدنية .. الدولة المدنية التي أصبحت حقيقة تاريخية لا يمكن الرجوع عنها وكل ما ينقصها هو التحول الكامل الي الديمقراطية ..ذلك التحول الذي تقاومه الحكومات الديكتاتورية والاهم تقاومه جماعات و أحزاب الاسلام السياسي لأن هذا التحول سيسحب البساط نهائيا من تحت اقدامها ويحولها الي فولكلور ممكن أن تذكر في كتب التاريخ كجماعات سببت صداعا في الربع الاخير من القرن العشرين و أوائل القرن الحالي وقامت بعمليات ارهابية وسفكت دماء بريئة كثيرة ولكنها لن تستطيع تحقيق أكثر من ذلك مهما فعلت و دمرت وقتلت .. فمصيرها الذي لا مفر منه هو متاحف التاريخ كظاهرة عديمة الحيلة وسيئة السمعة
.. كلما ناقشنا هذه الجماعات و أوضحنا لهم الحقيقة التي لا يستطيعون أن يعوها وهي انهم مرحلة تعداها الزمن في مصر منذ مائتي عام وفي باقي الدول العربية في خلال القرن الماضي .. نجدهم يذكروننا بازدهار الحضارة الاسلامية في فترة زمنية معينة و أن الغرب قد أخذ عنا هذه الحضارة .. وهي حقيقة لا ينكرها أي من انصار الديمقراطية والدولة المدنية ..بالعكس فهي حقيقة تؤكد قولنا لا قولهم وهي حقيقة تؤكد أن الاسلام لا يتناقض مع حرية العقل والبحث والتفكير وتؤكد أن الحضارة الانسانية هي حضارة متراكمة تستفيد مما سبقها وتفيد من يأتي بعدها وهي حضارة لن يقوم لها قائمة الا علي قواعد من الحرية.
.. فالمسلمون في فترة ازدهارهم استفادوا من الحضارة اليونانية وترجموا اهم انجازاتها الفكرية والغرب استفاد من الحضارة اليونانية والاسلامية خاصة عبر ابن رشد .. ثم انطلق حين سمح بحرية العقل وتخلص من كهنوتية الكنيسة بينما تبادلنا نحن معه المقاعد عندما وقعنا في فخ كهنوتية فقه النقل وثقافة العنعنة في اللحظة التي تم فيها ضرب كل رموز تلك الفترة من اصحاب العقل خاصة من المعتزلة ...في لحظة فارقة و أليمة من التاريخ انتصر فيها اصحاب ثقافة النقل علي يد المتوكل العباسي وانتصاره لهم ..
الحقيقة أن الحضارة الاسلامية ازدهرت في فترة حرية العقل بدون حدود وشططه أحيانا وكل رموز هذه الفترة هم مثل طه حسين تماما بحثوا بعقولهم وقد اتهموا مثله بالزندقة والكفر احيانا ومعظمهم أن لم يكن كلهم من مدرسة المعتزلة والفلاسفة الذين كتب لهم ابو حامد الغزالي كتاب تهافت الفلاسفة .. حتي الفقهاء والأئمة من اصحاب مدرسة الراي مثل أبو حنيفة النعمان لم يسلم من اتهامات التكفير التي يمارسها البعض الآن علي يد أهم رموز مدرسة النقل وسلسلتها الممتدة حتي اليوم .. ثم كل اتباع هذه المدرسة الذين انتشروا وسيطروا علي الشارع الاسلامي للأسف بقوة البترودولار .. حتي وصلوا الي مصر معقل التنوير في العصر الحديث ..
ويبدوا أن مدرسة التكفير في العالم العربي وأهم رموزها تعود في أصولها ألي أصحاب مدرسة النقل الذين كفروا كل من أتي قبلهم من اصحاب مدرسة العقل من المعتزلة و الفلاسفة ..
والغريب في الموضوع أنه اننا وامتدادا لحالة فصام الشخصية لا نجد من العلماء خارج الفقه من نفخر بهم الا اصحاب مدرسة العقل وحريته التامة .. نتغاضي عن حقيقة تكفيرنا لهم واتهامهم بالزندقة من قبل ونذكرهم كمثال لفترة ازدهار الحضارة الاسلامية .. هذه الحضارة التي لم تزدهر الا بهم ولم تدخل حالة البيات الشتوي الا بعد القضاء عليهم مثلما يحاولون القضاء وأهالة التراب علي رموز التنوير في العصر الحديث .. ولتوضيح هذه النقطة فلنري معا راي اصحاب مدرسة النقل في هؤلاء :

فقهاء مدرسة النقل يسمون ارسطو واتباعه المشائين ، فابن تيمية مثلا يرى ان مذهب اكثر الاسلاميين الذين تكلموا عن الفلسفة في كتبهم مثل الفارابي وابن سينا وابن باجه وابن رشد وغيرهم يتبعون مذهب ارسطو، وينبه الى ان بعضهم مثل ابن سينا والسهروردي، له مذهبان، احدهما مذهب ارسطو والآخر ما يرجحه هو من اقوال.

و هم يكفرون مريدي ارسطو ومترجميه من «الاسلاميين» في رأيهم لمقالات كثيرة يقولون بها، منها: قدم العالم. ومنها: قولهم في النبوة، حيث ينقل عنهم انهم يرون ان للنبوة ثلاث خصائص، وهي: ان تكون للنبي قوة حدسية وقوة تخيلية وقوة نفسية، مما يبطل كونها من عند الله. ومنها: انكارهم لمعاد الابدان، فينقل ابن تيمية عن فلاسفة الاسلام انهم اختلفوا في معاد الابدان والنفوس على اقوال: انكار المعاد مطلقا او اثبات معاد النفوس العالمة دون الجاهلة او اثبات معاد النفوس جميعا دون الابدان ..
وذكر ابن تيمية ان هذه الاقوال جميعا منقولة عن الفارابي، وان منهم من يقول بالتناسخ، وقد عرض ابن تيمية في مواضع كثيرة من كتبه لنقد ارسطو، واتهمه بانه من اجهل الناس برب العالمين، وبانه ساحر ووزير لملك ساحر هو الاسكندر المقدوني، ويبدو ان سبب هذه الاتهامات وغيرها ما نقله فلاسفة الاسلام عن ارسطو.
و قد انتقد بل وكفر ابن تيمية كثير من الفلاسفة الاسلاميين اتباع ارسطو مثل: ابن سينا وابن رشد ونصير الدين الطوسي وغيرهم.
والملاحظ على نقد ابن تيمية للفلاسفة المشائين اعتماده على ردود الغزالي والشهرستاني عليهم و علي كتابات المتكلمين كالرازي والارموي وغيرهما ومن ردود بعضهم على بعض ولذا فردوده تكاد تخلو من الاصالة وتقتصر على «الترجيح» بين المختلفين، ولعل السبب في هذا هو ان دراسة ابن تيمية للفلسفة لم تكن دراسة مقصودة لذاتها، بل كانت دراسة هدفها الحجاج مع المخالفين..
وقد هاجم ابن تيمية أيضا فلاسفة الصوفية بشدة قاسية، حيث كفر ابن عربي وابن سبعين والقونوي والتلمساني وغيرهم.
وكذلك نقد ابن تيمية المنطق، لكن ما يهمنا هنا هو بيان سبب نقده له، فابن تيمية نقد المنطق لانه وجد ان من اصول فساد قول المتكلمين والفلاسفة في الالهيات هو ما ذكروه في المنطق.

اي أن أصحاب مدرسة التكفير قد كفروا الجميع .. علماء المسلمين الذين نفتخر بهم مثل ابن سينا والفارابي والرازي والكندي وكفروا الصوفية ورموزها بل وهاجموا المذهب الحنفي .. هذا طبعا غير تكفيرهم للشيعة وتسميتهم بالرافضة .. وهذا منتهي التناقض .. لانجد من نفخر به في الطب الا ابن سينا الذي كفره فقهاء نفخر بهم أيضا .. نسمي المستشفيات علي اسمه وفي نفس الوقت نجد الكثير من كتب فقهاء مدرسة النقل التي تتهمه بالزندقة وتصل الي حد تكفيره هو وغيره من رموز مرحلة ازدهار الحضارة الاسلامية وعلي راسهم الفارابي وابن رشد .. للأسف أن حرية العقل وحرية التفكير التي حض عليها الاسلام وازدهر في مراحله الأولي بسببها تقهر الآن علي يد بعض المنتمين الي المدرسة السلفية ذات الصوت العالي الان التي تكفر كل مدارس الفكر الاسلامي الأخري وتعتبر نفسها هي الفرقة الوحيدة الناجية .. هذه المدرسة التي افرخت كل مظاهر التطرف والتعصب الديني الذي وصل به الأمر أن يستحل دم كل مخالف في المذهب والدين وهي المدرسة المسئولة عن كل العنف الذي ابتلي به عالمنا مهما حاولت أن تنكر ذلك الآن بعد أن وصل العنف الي عقر دارها ..
لقد كفر اصحاب هذه المدرسة رموز مرحلة ازدهار الحضارة الاسلامية .. ولم نسأل أنفسنا أبدا السؤال المنطقي : الم تزدهر الحضارة الاسلامية في عصر الحرية علي يد هؤلاء العلماء والفلاسفة وأهل الكلام ؟.. الم تندحر الحضارة الاسلامية عندما تحولت الي ثقافة النقل وخفتت اصوات ابن سينا والفارابي وابن رشد والمعتزلة بصفة عامة حتي تمت أعادة اكتشافهم في العصر الحديث ؟.. هل هناك اختلاف بين مافعله ابن تيمية في السابق وما يفعله البعض الآن من اتهامات التكفير التي تطول رموز التنوير الاسلامي في العصر الحديث مثلما طالت رموز التنوير في العصر القديم .. حتي الاشاعرة الذين اخذوا موقفا وسطا بين أهل الكلام وبين أهل النقل والذين كانوا يمثلون الأغلبية في العالم الاسلامي وحتي الصوفية المعتدلة من انصار ابو حامد الغزالي لم يسلموا من التكفير في العصر القديم والحديث علي يد اتباع ابن تيمية ..
وحتي الامام الأعظم ابو حنيفة النعمان رائد مدرسة الرأي في الفقه الاسلامي لم يسلم من اتهامات التكفير علي يد أتباع نفس المدرسة ..
أن الحقيقة المرة التي لا يريد أن يعيها أتباع مدرسة التكفير أن الحضارة الاسلامية لم تزدهر الا في عصور الحرية الفكرية .. عصور فقهاء عظام من أمثال ابو حنيفة النعمان وجعفر الصادق و مفكرين وعلماء وفلاسفة عظام أمثال ابن سينا والفارابي والكندي وابن رشد ... حتي من أخذوا خطا وسطا بين أهل الكلام والفلسفة وبين أهل النقل مثل الأشعري و أبو حامد الغزالي لم يسلموا من اتهامات التكفير ..
أن الحقيقة المرة والتي تمثل محنة للعقل العربي هي أن ازدهار الحضارة لا يمكن أن يحدث ألا في وجود الحرية الفكرية مهما صاحبها من شطط ... والحقيقة التي لا يستطيع ان يعيها أتباع مدرسة التكفير الحديثة من حسني النية والذين ينطلق أغلبهم من باب الغيرة علي الاسلام و التي نفخ فيها حلف البترودولار والسلفية للسيطرة السياسية علي المنطقة .. أن انتصار هذه المدرسة سيكون فيه ردة العالم العربي الاسلامي الي ما هو أسفل من قاع الحضارة التي نحتلها الآن بجدارة تامة .. مثلما حدث تماما علي يد نفس المدرسة في العصور الوسطي عندما تم القضاء علي ثقافة العقل التي كان يحمل لواءها علماء وفلاسفة عظام كابن سينا و ابن رشد ..
ولكن ما يعطي بعض الامل أن الشعوب قد ذاقت طعم الحرية وهي لن تعطي هؤلاء الفرصة مرة أخري للتحكم في مقدراتها .. ومدرسة التكفير والنقل تلفظ انفاسها الأخيرة خاصة بعد أن فقدت الدعم السياسي والمالي من نفس الاسرة التي كانت تدعمها سابقا لأغراض سياسية عندما انقلب السحر علي الساحر ..
وحتي نعي أن الحرية الفكرية هي اساس كل تقدم وحضارة .. وأن الاسلام الحقيقي يدعو الي هذه الحرية .. وأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يختلفون فكريا وفقهيا وفي نفس الوقت لم يكن يكفر بعضهم البعض .. حتي نعي هذه الحقيقة فسيظل العقل العربي في محنة ... لنا الله

Comments

كيف حالك يا دكتور عمرو ؟

مقال جميل

مبروك عودتك للكتابة

Posted by: freefreer | Monday, 25 April 2005

انت بتعمل ايه اصلا وعايز ايه بالضبط

Posted by: اهانى | Friday, 10 June 2005

لا ادري ماذا تعني بالبترودولار و لا ادري لماذا شعرت عندما قرات مقالك انك رجل تائه لا تدري ما تقول فتخلط الاشياء بشكل عجيب و لا ادري عم تتحدث
فعنوان المقال يتحدث عن حريه الراي و التفكير في الاسلام و لم تاتي لنا بدليل علي هذا و ان كان الاسلام يحترم الراي و لكن لم توضح ما يدل علي هذا من قران او سنه
ثم ترفض الراي الاخر بشده و تشجبه و تسف السلف بالجهل و العماله و التبيعيه للدولار وتحزن لو اتهمك الناس اي اتهام اذا انت مدعي لللبيراليه
و اخيرا الاسلام يحترم اي راي و الدليل قول الله تعالي وجادلهم بالتي هي احسن
ومعني ذالك ان هناك راي اخر والا ما كان هناك جدال من الاصل ثم ارشد الي الوسيله و هي الحسني وكان هذا نهج النبي اذا اذا اردت انتتحدث عن الاسلام فتحدث عن تعاليمه و ليس اعمال المسلمين فالغرب اباح في بعض دوله المثيليه فهل هذا يعني ان المسيحيه تبيحها اما هذا الغلط فلا ادري سببه و اعتذر لو اسات

Posted by: احمد عبد الهادي | Friday, 07 October 2005

إلى الحائر الأستاّذ هاني

هذان جزء من مجموعة من المرتزقة انتقلت إلى هنا للشوشرة على القضايا الأساسية وهي كيفية التخلص من العميل الصهيوني الأمريكي محمد حسني البارك وعائلته وعصابته وانتقاد الاحتلال الصهيوني الأمريكي للعراق.

هذه المجموعة تمارس مع آخرين نوعا من الدعارة الكتابية تشغل الناس - مثل اللحم البشري على الفضائيات الناطقة بالعربية - وتراها على موقع يسمى "شباب مصر" يقوم أحدهما فيه بتمجيد حسني مبارك والادعاء بأنه أصلح لحكم مصر من أي مصري آخر، بينما يقوم الآخر بالطبل والزمر للديمقراطية الأمريكية، وهناك ثالث يلعب دور الدعوة السلفية. يمكن لك رؤية هذا التهريج واللهو المتعمد الذي يهدف لشغل الناس عن القضايا الأساسية بالدخول على موقعهم:

http://www.shbabmisr.com

إذا توصلت إلى أية استنتاجات عن تلك المجموعة المشبوهة فأرجو أن تفيدنا بالرأي

Posted by: محمد عبد اللطيف حجازي | Saturday, 08 October 2005

لقد توصلت إلى الاستنتاج الأقرب إلى المنطق عن ذلك الموقع المشبوه المسمي زورا

شباب مصر http://www.shbabmisr.com


إذا تفحصت جيدا مغزى المواد المنشورة على ذلك الموقع المشبوه لاستنتجت أنه يتبع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لأنه يسير على نغمة مشابهة تماما لفضائيتها المسماة "سي إن إن" حيث يتكلم عن العراق كما لو لم يكن محتلا من الصهاينة الأمريكان وعن حسني مبارك كما لو كان حاكما شرعيا لمصر وليس وكيلا للصهيونية الأمريكية.

Posted by: محمد عبد اللطيف حجازي | Thursday, 27 October 2005

The comments are closed.