Friday, 25 March 2005
القاهرة مدينة الخطيئة الفاضلة - وائل عباس
اسم الفيلم رباعية المدينة ... وهو من انتاج المعهد العالي للسينما باكاديمية الفنون ومدة عرضه عشر دقائق ... تمثيل ولاء الشريف وتصوير احمد جبر وسيناريو واخراج أمير رمسيس ... قمت بتنزيله من على الانترنت ولا اعرف متى تم انتاجه ولكن اعتقد منذ بضع سنوات عندما كان هناك موقف للاوتوبيس وكوبري مشاه في ميدان الفلكي ... قبل ان ينفوا موقف المواطنين الغلابة ويشردوهم ويدوخوهم السبع دوخات علشان يروحوا يركبوا من ميدان عبد المنعم رياض تحت كوبري سته اكتوبر بعد يوم عمل شاق في وسط المدينة وكانه لا يكفيهم هذا ... والفيلم مستوحى من قصيدة اسمها المدينة للشاعر السكندري كفافيس ورباعية الاسكندرية للورانس داريل.
بالنسبة للورانس داريل فللاسف ما حصليش الشرف وعرفته الا بعد مشاهدة الفيلم مع انه انجليزي والمفروض ان انا بتاع انجليزي ... لكن اللورانس الوحيد اللي اعرفه هو الكاتب دي اتش لورانس الشهير او ديفيد هيربرت لورانس ... لكن ده ما منعنيش اني ادور على معلومات عنه فوجدت انه كاتب رواية انجليزي معاصر ولد في الهند وكتب رواية من اربعة اجزاء عن الاسكندرية سماها رباعية الاسكندرية لانه عاش في الاسكندرية عشرة اعوام قبل وبعد الثورة ... ورباعية الاسكندرية هي "جوستين" و "بالتازاز" و"جبل أوليف" و"كليا" وصورت الرباعيه مدينة الاسكندرية متعددة الجنسيات في تلك الفترة وعلاقتهم مع المجتمع المصري ... والجدير بالذكر ان زوجته قد اهدت كتبه الى مكتبة الاسكندرية ...
وكفافيس لمن لا يعرفه هو كوستيس بتروس فوتياديس كفافيس من مواليد الاسكندرية في القرن الماضي من اصول يونانية ارمينية ... ويعتبر والده اول من ادخل صناعة حليج الاقطان الى مصر بعد ان استقر في الاسكندرية مهاجرا اليها من اسطنبول ... وكفافيس لم يحصل على اي شهادة جامعية ولكنه علم نفسه بنفسه ومع ذلك يعتبر اعظم شاعر يوناني معاصر وفي شعره تتلاقى دائما اليونان والاسكندرية والشرق الاوسط ... ويمكن ان يضرب به المثل في حبه لمدينة الاسكندرية والتصاقه بها ... فاسفاره الى اثينا واسطنبول كانت نادرة وغالبا ما تكون للعلاج او اثناء الحروب.
قد تتباين ردود الفعل حول الفيلم ... لكن بالنسبة لي كان الفيلم كحقنة في العضل او بالبلدي كما يقال جه على الوجيعة ... من اول اهداء الفيلم الى المدينة التي لم تسمى عبثا قاهرة ... مدينة الخطيئة الفاضلة ... الى آخر الفيلم مع صوت محمد منير ... قد يخرجك من المود قليلا ركاكة اللغة العربية للقاريء الذي يقرأ الشعر بدون تشكيل في اول الفيلم ... حتى يقول عشت فيها وضيعت وبددت كل هذه السنين ... وهنا ينزل عليك هذا السطر مباغتا فلا يترك لك فرصة للهرب ... وتشعر فعلا ان القاهرة قد قهرتك ... ثم تفيق مرة اخرى على اخطاء القاريء اللغوية التي شوهت تشكيل الشعر او استغنت عن التشكيل من اساسه ... كان المفروض يجيبوا قاريء لغته العربية سليمة شوية خصوصا وانه بيقرأ شعر ... وتذكرت جمال عبد الناصر لما اختار السادات لالقاء بيان الثورة علشان على حد قوله: "العربي بتاعه كويس" ... رحم الله الجميع ...
وتنقلك الكاميرا من لحظة تأمل فوق هضبة المقطم ومنظر بانورامي للقاهرة المزدحمة باسفل الى ميدان التحرير قلب هذا الزحام ... ميدان الفلكي... ميدان رمسيس ... قهوة الحرية ... النيل والحبيبة والمخطوبين وبرج القاهرة والكورنيش وكوبري قصر النيل ... ليل القاهرة ... البيلبوردات الاعلانية على اسطح المباني ... وسور نادي الزمالك والمهندسين ... باعة جائلين ... محلات فاخرة ... اعلانات مضيئة لمنتجات عالمية ... نسوة عجائز ... ماسحو احذية ... اطفال مشردون ... نوافذ عرض محلات وسط البلد ... ناس سهرانة في الحدائق العامة ... مطاعم مزدحمة فاخرة واخرى على قد حالها ...
بطل الفيلم القاهري الذي قرر ان يتجول فيها كسائح يضع سماعات الووكمان في اذنيه لتنبعث منه اغاني ذات مغزى تصاحبنا طوال الفيلم وان كان من الغريب ان اول اغنية كانت من موسيقى الراي الجزائري للشاب خالد وليست مصرية ... ولا اعتراض عندي على الراي لاني من اوائل من تذوقوه وعشقوه ... ولهذا كلمات الاغنية جعلتني التمس العذر لمن اختارها ... لاني انا شخصيا احب سماع الراي في القطار وانا اشاهد المزارع والخضرة لانه يولد عندي حالة ما ... واغاني الراي عموما كلماتها تصلح لكل زمان ومكان ... كالدراما الكلاسيكية مع فارق هو بساطة كلمات الراي المتناهية المماثلة لبساطة الاغاني الشعبية المصرية كاغاني افراح الفلاحين والصعايدة وموواويلهم ... وكانت الاغنية بعنوان علاش تلوموني او لماذا تلوموني ... تلوموني ليه اني باحب القاهرة ... ده طبعا لسان حال البطل ... وثاني اغنية كانت قلبي ومفتاحه لفريد الاطرش لتعبر عن احد اسباب حب القاهرة وهو وجود من نحبهم بها ...
ثم اغنيتين حقيقة في الجول لمحمد منير ربما لم يعد احد يذكرهما لانهما من اوائل الثمانينات وصوت محمد منير بعد صغير وشاب لا اعرف اسم الثانية ولكن الاولى كلماتها تطاردك كالروح الضائعة التي تبحث عن الخلاص ... لفوا بينا ... قالوا لينا ... قالوا بينا عالمدينة ... لما جينا ... التقينا ... كل شيء فيها ناسينا ... ... ولا تكاد تفيق من التعويذة السحرية التي القتها عليك هذه الاغنية حتى تجد تتر النهاية للفيلم مع اغنية ثالثة لمحمد منير ... ايه يا بلاد يا غريبة ... عدوة ولا حبيبة ... في الليل تصحى عيونك ... ونجومك مش قريبة ... بلاد ماعرفشي ناسها ... ولا عارفاني بيبانها ...
... موسيقى ومدن وحب وذكريات قاهرية ...
مش ها تتجوز بقى يا وائل ... كلمة اسمعها كثيرا من القريب والغريب ... ناس بتحبني او ناس عاوزة تخلص مني ... ناس عاوزة تفرح فيا او تفرح ليا ... طب اتجوز واجيب عيال يطلعوا مدمنين لهذه المدينة مثلي ... واتجوز ليه ما انا متجوز القاهرة ... متجوز القاهرة؟ ... اول مرة تخطر على بالي الفكرة دي وانا باتفرج الفيلم ... طب لو ما كنتش متجوزها اومال لازقلها كده ليه؟ ده انت حتى مش موهوب زي كفافيس علشان تعبر عن حبك ليها ...
عرض للعمل في مؤسسة صحفية سعودية كبيرة في الرياض ... مين زاقق الناس دول عليا وعرفوني منين ... ما عتقدش اني جامد قوي ومشهور كده ... اتهرب منهم بحجة انها فخ يريد ال سعود ايقاعي فيه ليعتقلوني ثم يقذفوني من طائرة في صحراء الربع الخالي ... مين يا وائل؟ ال سعود حته واحدة؟ مش واسعة شوية؟ اهي حجة والسلام باضحك بيها على الانا العليا علشان افضل لازق ومبلط هنا ... وبعدين ها اروح اعمل ايه في السعودية؟ اعد حبات رمل الصحرا؟ ثم انا حالف لا احج ولا اعمل عمرة حتى تتخلص السعودية من وهابيتها البدعة ... والله انت نايم في العسل ... بقى عاوز السعودية تتخلص من وهابيتها ... ومش واخد بالك من سرطان الوهابية والسلفية الذي يزحف على مصر المحروسة ...
قالوا زمان في الجرانين إشراف الاوقاف على المساجد ... رايت بعيني المساجد في مدينة العاشر من رمضان وقد اصبحت خلايا نحل سلفية ... الملابس سلفية والذقون سلفية والكتب لابن تيمية الحراني ومحمد بن عبد الوهاب والجوزية ... وانا الوحيد اللي مش مشمر البنطلون الجينز ... هو فيه ايه يا جدعان ... فين حاجات الشعراوي ... فين الازهرية ... ثم تكرر الامر في كثير من المساجد خاصة في الارياف والمحافظات ... كيف يحدث هذا ... واين اشراف الاوقاف المزعوم ... الخبر اليقين سمعته من رجل أهل للثقة ... المسئولين عن الموضوع في الارياف يتم رشوتهم ليسمحوا للسلفيين ان يسيطروا على المساجد ... والسلفيين فلوسهم مش بتخلص ... وطبعا عارفين جاية منين ... طب ده الراشي والمرتشي في النار ... الراشي المفروض مسلم متدين ... والمرتشي موظف في الاوقاف برضه المفروض مسلم متدين ... يبقى العملية مش اسلام ولا تدين خالص ... العملية سياسة بقى والغاية تبرر الوسيلة ... وآه يا خوفي من الغاية دي ...
طب لما عرضوا عليك تروح ليبيا تشتغل مصمم جرافيك ... نعم !!! عاوزينني اروح للقذافي برجليا ... ده لو عرف اني خطيت خطوة بعد السلوم محدش ها يسمع عني تاني ... مش بعيد مخابراته تدوبني في حوض الحمض ... طب مش يمكن الراجل يستقطبك علشان انت بتشتم في ال سعود ... طب ما انا شتمته في مقال بعد القمة العربية قبل ما يحتلوا العراق وقلت عليه اراجوز وديك رومي ... يا وائل ده تلاقي الراجل عمره ما سمع عنك اصلا ... انت مصاب بالبارانويا؟ ... لا دي برضه حجة والسلام علشان تبلط في الخط ...
الراجل ده انا باكرهه من قبل ما اتولد ... من قبل ما اعرف حتى اني ها اكرهه ... من ايام الثغرة لما شارون قال انه على بعد سبعين كيلومتر من القاهرة ... يومها طلع القذافي في تليفزيونه لابس لبس المظليين وقال انه هو كمان على بعد سبعين كيلومتر من القاهرة ... جاي يحررها ويدافع عنها ... ربنا يشفي ... الله يرحم السادات اللي صدق لما قال عليه الواد المجنون اللي جنبي ...
...
دق قلبي لحبها ... جميلة رقيقة دقيقة وصغيرة السن ... عشر سنوات فارق بيننا ... مصرية كويتية من عائلة متدينة لكن زيادة عن اللزوم ... خلاص لقيتها وها اتجوزها ... طب ها نعيش فين؟ طبعا القاهرة ونعيش على قد حالنا زي ما ربنا قسم لنا ... ماهو انا طبعا مش ممكن اروح بلد اهلها بيحطوا صور المارينز في فصول الاطفال الدراسية كابطال وطنيين ... والطفلة اللي مسكت صورة منهم قطعتها فصلوها من مدرستها ... ويوم ما دخلت امريكا العراق لقيتلك واحد رافع العلم الامريكي والبريطاني بيد وبالاخرى علامة النصر ... طبعا مش كل اهل الكويت كده ... فيهم المتطرف وفيهم الكويس وفيهم اللي فاكر مصر كلها رقاصات وقوادين وتجار مخدرات ... طبعا كل ده بسبب افلام المقاولات التي انتجت باموال امراء الخليج لتشويه صورة "المصاروة" لاغراض المزايدة بعد اتفاقية كامب ديفيد ... بعد ما كان المصري اللي بنى بلادهم شبه مقدس هناك ... والشيء الاكيد انك هناك ها يتقال لك يالمصري على سبيل الشتيمة ... ... لكن هي بتكره القاهرة والزحمة والتلوث والناس الطمعانة في فلوسهم علشان بيشتغلوا في الخليج ... والسينما اللي مافيهاش فيشار بالكاراميل زي الكويت ...
اخوين ساعدتهما على الهجرة الى امريكا بطرق الله اعلم بها وكان ذلك قبل احداث سبتمبر ... الان يلعبان بالملايين واحدهما يمتلك صالة للالعاب القتالية (مارشال آرتس) في نيويورك ... طب اروحلهم؟ بس انا مش باحب الامريكان ... ناس مش مثقفة وعايشين حياة استهلاكية يعانون من حالة اسميها انا الرهاب اللامبالي (بارانويد أباثي) ... كمان يمكن (اتماج) او (اتسموك) في حارة ضلمة من حواري نيويورك علشان يسرقوا مني خمسة دولار ومحدش يسال عليا ... خصوصا اني سمعت ان المسدس كولت تسعة مللي في الشارع بتلاتين دولار بس ... يا بلاش ... حتى هناك لا توجد اثار ولا حضارة ولا دياولو ... حتما ساشعر بالملل هناك ... انت اكيد مش طبيعي يا وائل ... يا عم انا لو رحت هناك انا عارف ديتها ... هاشترك في قنوات الكابل وبالذات المحطات الكوميدية ... واجيب كرسي ليزي بوي زي بتاع جويي وتشاندلر في مسلسل فريندز ... واقعد فيه اتفرج على سيتكومز او (مسلسلات كوميدية) طول النهار ... وهاتخن وابقى قد الفيل ...
الحالة الوحيدة اللي ممكن تخليني اعيش في امريكا هي اني كنت اعيش في عاصمة الهيبز سان فرانسيسكو من 1966 حتى 1974 ... ميك لاف ... نوت وور ... والبنات اللى حاطة ورد في شعرها ... بس انا مش باحب المخدرات ... وكمان كان عندنا في نفس الفترة حربين في مصر ... اكيد كنت ها اتطوع في الجيش حتى لو ما اتجندتش اجباري مافيهاش كلام ... والمشكلة الاكبر بقى هي اني ما كنتش اتولدت اصلا ... خسارة ... لما اتولدت كان جيمي هندريكس وجيم موريسون ماتوا خلاص ... وحفلات الوودستوك مش زي زمان ...
حاولنا نعمل حاجات زي كده في مصر وكان فيه حفلات كاميل ومارلبورو ومونسترز اوف روك مونسترز اوف ميتال في منتصف التسعينات ... بس الله يجازيه بقى الألفي وزير الداخلية ... والاشاعة اياها بسبب ان الناس مش فاهمة ماهي موسيقى الروك ... وانها مجرد موسيقى وليست عقيدة ... والتجاوزات اللي كانت بتحصل في الحفلات ... خمور ومخدرات وبنات والذي منه طبعا ... بس يعني برضه ماهو ايام الست ام كلثوم كانت حفلتها على الراديو بتتقلب قعدة حشيش عند بعض الناس ... الألفي كان راجل بيموت في البروباجاندا ... حب يغازل الاسلاميين على حساب شوية عيال سذج اغلبهم مش فاهم حاجة ... فغزلوه صح في معبد حتشبسوت وعملوا مذبحة الدير البحري اللي اتشال فيها سيادته ... والنتيجة ان موسيقى الروك انتشرت اكثر في مصر كالنار في الهشيم بسبب الدعاية المجانية ولان الممنوع مرغوب ... لكن مستوى اللي بيسمعوا انحدر تماما ... لان اللي بيسمعوا اصبحوا من النوع اللي بيقلد بس مش بيفهم زي زمان ...
بمناسبة الالفي ... حفلة جان ميشيل جار بتاعة الالفية على هضبة الهرم كانت كويسة وضخمة برضه ... اعتقد من اهم الاحداث اللي حضرتها في حياتي ... ولو ان دي نوعية موسيقى مختلفة تماما ... لكن الليزر ما اشتغلشي للعرض على الاهرامات الله اعلم ايه السبب ... رغم اني حضرت البروفة اليوم اللي قبلها مع اصدقاء شاركوا في التنظيم بحكم عملهم في دار الاوبرا وكان كل شيء تمام ... ناس كتير يهمها تخرب حفلة زي دي ... مش عارف ليه فكرت في الصهاينة ... المهم شالوا فيها رئيس دار الاوبرا وجابوا لواء جيش!!! ... أول ما مسك غير رخام الاوبرا كله يظهر بجملة الخسائر ... شكله كان رئيس حي وواخد على مواضيع الرصف وخلع الارصفة والكلام اللي انتم فاهمينه ده ... واهو كله مصالح وبزنس ربنا يوعدنا ... وفاكر اياميها خلى المغنيين والمغنيات اراجوزات ... يلبسوا طرابيش ويمسكوا منديل ويقلدوا منيرة المهدية وكانها بقت عماد الدين قبل انقلاب يوليو العسكري مش دار اوبرا محترمة ... واخر ابداعاته اليومين دول انه حجب دار الاوبرا تماما عن المارة في الشارع بشكلها الجمالي وحدائقها وغطى السور الحديدي بقماش قبيح وكانها ثكنة باباه العسكرية وخايف عليها من الجواسيس ... المهم والخلاصة هو اني للاسف ما استمتعتش بحفلة الالفية دي لان كل اللي كنت بافكر فيه وقتها هو انه لحظة بداية الفية جديدة للبشرية قلبي خالي من حد يشاركني ...
...
اصدقاؤك في النمسا وفرنسا والمانيا وبلاد الاسكنديناف بتاعة انجريد برجمان وتليفونات نوكيا يحدثونك عن رغد العيش هناك وتظهر عليهم النعمة عندما يزورونك ... تزوجوا من اجنبيات واستقروا هناك ... اوروبا؟ لما لا؟ مهد الحضارة الحديثة وكثير من الاثار والمتاحف والمكتبات واشياء تستحق الرؤية والزيارة والاطلاع ... لكن لا استطيع التعامل جيدا الا مع الانجليز ... ببساطة لانهم باردين في حالهم مش بيتدخلوا في حياة حد ... وصرحاء جدا ولو ان الصراحة دي احيانا بتبقى لدرجة الصفاقة ... باحب لندن ... لكن صحتي ممكن ما تستحملشي البرد والضباب هناك لفترات طويلة ... ناهيك عن ان اعيش هناك ... صحتك ايه بس ... محسسني انك خلاص بتودع وقاعد لابس الروب ديشامبر والشبشب الفرو قدام الدفاية ... حجج ... حجج ... حجج ...
قدمت للعمل في البي بي سي ونسيت الموضوع واستعوضت ربنا ... افاجا بعد شهور بالبوسطجي بينده ومعاه جواب من البي بي سي ... وأمي كادت تزغرد مع انها مش من الستات اللي بيزغردوا خالص ... وافتحلك ياخويا الجواب ... قال ايه ... الست "جيني دانبار" مستشارة التوظيف في البي بي سي وورلد سيرفيس بجلالة قدرها باعتالي ... نشكرك على اهتمامك وانا بكل اسى اخبرك ان اسمك لم يقع عليه الاختيار ونأسف على تخييب املك ... يا لهوي ... انتي لسه فاكره يا حاجة ... الانجليز دول فعلا طلعوا ... ناس ذوووق ذوووق ذوووق الصراحة ... حاجة تفقع ...
طب لما عرضوا عليك تمسك شبكة الكمبيوتر بتاعة شركة انشاءات في شرم الشيخ واهي جوه مصر ومش بعيد عن القاهرة ايه حجتك؟ وليك تذكرتين طيارة كمان كل اسبوع يعني مش ها تسافر بالاوتوبيس ... خايف على اخلاقك تبوظ من الاغراءات هناك؟ خصوصا ان صحابك اللي هناك فسدة ومقضيينها؟ وتستحلى حياة العربدة وما تعرفشي ترجع مستقيم تاني؟ قال يعني الواد في القاهرة لابس توب العفة ... بلا خيبة ...
...
طب افرض وانا بعيد هفني الشوق أروح الحسين؟ أصلي وأترحم على الاموات؟ اقعد على قهوة مع صحابي أشرب سحلب؟ أروح الجيزة اتسلق هرم خوفو؟ احضر حفلة لمحمد منير؟ اتمشى في القاهرة الفاطمية واتحسر على العز والمجد والمباني الضخمة الفخمة ... بيمارستانات وكتاتيب وأسبلة وأضرحة ... اخرج مع واحدة افرجها على ليل القاهرة من فوق كورنيش المقطم واحنا قاعدين في العربية ... واعمل اني واد شاعري ورومانسي ... وانا دماغي فيها حاجات أبيحة ... وهي كمان عاملة عبيطة ما تعرفشي اللي بيروحوا المقطم بيروحوه ليه ... اطلع برج القاهرة واحاول ادور على بيتنا فين وعمري ما لقيته ... هنا مدرستي وايام الخناقات بالاحزمة ام توكة نحاس ... كنا بنتخانق على ايه مش عارف ... مش فاكر ولا سبب لاي خناقة حصلت ... وهنا السينما اللي كنت بازوغ فيها أنا وصحابي ... اربع افلام في البروجرام والعرض مستمر ... هنا مترو مصر الجديدة والاوتوبيس الاحمر ابو ربع جنيه اللي ياما اتشعبطت على بابه ... كان بيمر من هنا الترام قبل ما يلغوه ... هنا مترو الانفاق اللي باكرهه علشان بيمشي تحت الارض ومش بيخليني اشوف القاهرة وشوارعها ...
هنا الناصية اللي كنت باستنى عندها حبيبة ثانوي وهي راجعة من مدرستها من غير ما أكلمها حتى لو قعدت جنبها في الاوتوبيس ... حتى ما فكرتش اكتبلها مرة جواب زي ما صحابي كانوا بيعملوا ... برغم اني انا اللي كنت باكتبلهم جواباتهم ... واحد صاحبي طلب مني اكتب لحبيبته شعر بالانجليزي ... كتبتلها اغنية إترنال فليم بتاعة فريق البانجلز ... ونجح هو في استمالة قلبها وفضلت انا زي ما انا ... هنا جامعتي وكليتي ... كتبت للي باحبها شعر على الحيطان بقلم الماركر ... شافته دكتورة من الدكاترة المكلكعين فعلقت عليه وهي ماشية وقالت شعر رديء ... والبنت ... برضه ما كلمتهاش ... انا ما كنتش عاوزها هي ... لكن كنت باحب الحالة اللي انا فيها ... حالة حب وحرمان ... كنت بريء براءة يا جدع ... بس ساعتها كنت عاطفي وباقول للبنات كلام يدوخ ... كنت شبه باقدس مفهوم الفروسية ونظرة الرومانسيين للمرأة ... مفهوم القبلات والاحضان وحتى لمس الايادي كان ثانوي تماما بالنسبة لي وقتها ... ضحكت على دون كيشوت الذي ربما يحارب ويتعذب من اجل عاهرة ينالها الجميع ويتخيلها أميرته وهو فارسها ... ربما سربانتس أفاقني وانضجني ... كل ده اختفى دلوقتي فجأة ... مش فجأة قوي يعني ... لكن الصدمات الكتير يمكن خلتني اناني وشهواني اكتر من عاطفي ... يمكن محدش يستاهل يتقال له كلام من اللي بيدوخ ... ولا انا اللي ما بقيتشي اعرف اقوله زي زمان ...
نرجع لقاهرتي ... حبي الذي ما زال حيا ... هنا ياما ناس اتعلقت على باب زويلة ... وياما ناس اترمت من على أسوار القلعة ... وهنا وقف عرابي ... وخطب مصطفى كامل ... واندفن سعد زغلول ... واتقتل احمد ماهر والنقراشي ... والسادات ... هنا ما وصلش الصليبيين ولا المغول ابدا ... هنا انكسر الفرنسوية والانجليز ورحلوا ... وهنا ان شاء الله ينقهر كل من اراد القاهرة بسوء ...
فيلم قلّب عليا المواجع ... كم أدمنت هذه المدينة ولا شفاء لي ... انها خطيئة لا استطيع التوبة عنها والخلاص منها ... كم اكرهها واحبها في نفس الوقت ... واتحجج بالحجج الواهية للهروب من السفر وان كنت ساقبض بالدولار واكل ملء بطني مما ابتدعته شعوب العالم شرقا وغربا ... اهرب من هذا حتى ابقى فيها وان نمت على الرصيف واكلت كسرة خبز ...
وائل عباس
23:50 Posted in وائل عباس | Permalink | Comments (10)
Comments
عشان انت مجنون يا وائل
بتكتب ... كأنك قاعد مع نفسك
احييك على شجاعتك
برغم انك انسان بجح و معجب بنفسك
لكنك صريح .. و جواك نضيف
يمكن انضف من ناس كتير
Posted by: نسرين | Monday, 28 March 2005
شكرا سيد وائل من اجل دفاعك الدائم عن مصر...كنت اظن ان هذا الامر قد اختفي من زمن طويل ...لا اتفق معك في كل الاراء ولكني حقا اود شكرك علي دفاعك الرائع عن وطننا الذي لا يعرف قيمته الاوباش
Posted by: عمرو | Sunday, 15 May 2005
bas ya wael ya raghay
Posted by: noha | Wednesday, 01 June 2005
الحق الحق انابحييك ونفسي انضم ليك اذا ماكنش عندك !!!!!!!!! مانع
zaza love البلد دي
Posted by: gamal | Sunday, 06 November 2005
يا عم والله أنتا قلت كل حاجة عايز أقولها بالتمام حبيبتي القاهرة خاصة الفاطمية وشاره المغربلين والصليبو والخيامية وإنطباعاتي عن السعودديين مع أني عاتب عليك عشان مسألة الحج المهم أنا أتعودت معاك ألا أجادل في الدين وكمان الأمريكان وألأوربيين وقطعان العرب والزواج والظاهر انا أحنا الجوز هناعنس وغيرها لكن أنا أضيف شيء تاني هيا حبيبتي الثانية والصامتة الإسكندرية التي أشبهها بمراتي التانية الصامتة التي تلجاء لها من طغيان مراتك الأولي القاهرة وكمان مراتي التالتة سيوة مراتي البكر التي يدنسوا بكارتها كما دنسوا ميدان باب اللوق ( أجمل من الفلكي ) المهم يا عم وائل أنتا بدأت تحكي عن فيلم تسجيلي شاهدته والواقع أنك سطرت فيلم تسجيلي يجول بخاطر كل مصري قاهري جميل وائل أنتا جميل صدقني وسر علي بركة الله
Posted by: samir saad aly | Thursday, 10 November 2005
I think that you were very successful in writing this article; it was like an auto-biography of a modern days saint so to speak. I have couple of remarks. First you do not have to follow Whabis way to be a Muslim and also you do not have to follow their way to go to Hajj or to Omrah in Mecca since you are capable, from a religious point of view this is correct, you will have no excuse if you died now while being capable and you did not fulfil the last pillar of your religion. Second, I guess your impression about Kuwaitis is mostly wrong, for as many as their are people who like the Americans, twice exist who hate them, just do not look for this majority among the richest 10% of the population. Thanks to God, moderation is the majority in every country, and as much as there are wrong doers in Egypt, there are in any given Arabic or Muslim country, just don't look for the saints among the areas infested with pimps and drug addicts for your work will be hard.
Finally, I think you are a human with a beautiful soul, you my friend are a real Egyptian as I've known and remembered them all my life.
Posted by: Rashid | Thursday, 17 November 2005
متفرحش بالردود ال اتبعتتلك وال اكيد فيها تاليف كتير بس عايزاك تعرف ان فيه فرق بين الجراه والشجاعه فى مواجهه مشاكل وقضايا بلدك وفرق بين البجاحه ال بتظهر دايما بكلامك عن علماء المسلمين وال مش هتشهرك زى ما انت فاكر لا بتقللك وبتحرق من توهج نجمك باقرب وقت حتى لو كانوا على خطا لان الانسان المصرى لا يحترم ولا يضع ثقته الا بمن يكون مؤهل لذلك بتحضره فى النقد واسلوب كلامه الذى يضع ثقتنا فيه اكييده
مع تحياتى استاذى الفاضل
Posted by: nanaali | Friday, 25 November 2005
مش لما يبقوا علماء الاول يا نانا ويستحقوا الاحترام كده ولا كل واحد يهجص ويبتدي كلامه ببسم الله وينهيه بصدق الله بقى عالم، العلماء الحقيقيين ماتوا كلهم بعد تاريخ مضني وطويل من تلقي العلم مش العيال بتوع الفضائيات ولا الشيوخ المخرفين وبزنس وكله بيقبض بالدولار والشباب دماغه بتتخرب بالخرافات والقصص والهجايص ومش بنعرف نصنع حتى قلم جاف
Posted by: جعلص | Friday, 25 November 2005
انا معجب بكلامك وصراحتك لكن الي ماعجبنيش فيك الكلام الي قلته لقائد التورة الليبية القذافي يبن على انك جاحد للخير لان ليبيا ساهمت هلبه في تطوير مصر من القطاعات الخاصة
Posted by: محمود الروك | Wednesday, 07 December 2005
I was wondering if you could inform me where and when ca I see these kind of films.
Mahmoud
Posted by: Mahmoud | Thursday, 08 December 2005
The comments are closed.