Ok

By continuing your visit to this site, you accept the use of cookies. These ensure the smooth running of our services. Learn more.

Tuesday, 15 February 2005

الفدائي والارهابي - د. عمرو إسماعيل

من البديهيات أن مقاومة الاحتلال هو واجب وطني وهو حق مشروع تكفله كل الشرائع السماوية والمواثيق الدوليه .. هو واجب وحق وطني .. واجب علي كل مواطن يحمل جنسية اي بلد محتل بصرف النظر عن دياناته ..

أي انه ليس واجبا أسلاميا أو مسيحيا .. هو واجب علي الفلسطينين مسلميهم ومسيحييهم وعلي العراقيين سنة كانوا أو شيعة .. آشوريين و كلدانيين .. مسيحيين او مسلمين .. أو حتي يهود .. وهو حق مكفول لكل شعب يرزح تحت نير الأحتلال ..
ولكن كيف تكون المقاومة ولمن توجه ..
أولا المقاومة في الأساس هي عمل سياسي .. لها هدف واضح وهو الحصول علي الاستقلال و الحرية وحق تقرير المصير .. وتستخدم وسائل متعددة للوصول الي هذا الهدف عبر وسائل سياسية وأعلامية وعسكرية ..
والعمل العسكري وأن كان ضروريا ألا أنه كان وسيظل الخيار الأخير لأي شعب للوصول الي الهدف المرجو ..
لأن الحياة البشرية التي وهبنا الله أياها ليست شيئا هينا نضحي بها دون هدف واضح وخطة واضحة .. مقاومة المحتل عسكريا هو عمل شجاع يقوم به فدائي نحترمه ونرفعه الي مصاف الأبطال .. ولكنه ليس عمل غير مسئول وعشوائي .. العمل العسكري الفدائي لمقاومة المحتل هو عمل المقصود به أجهاد الآلة العسكرية للمحتل وتكبيده الخسائر في جنوده ومعداته ليعرف أن تكلفة الاحتلال غالية وتفشل مخططاته السياسية والاقتصادية والتي من أجلها تقوم أي دولة ما باحتلال دولة اخري سواء حدث هذا في الماضي أو في الحاضر ..
والفدائي عندما يخطط للقيام بعمل عسكري ضد قوات المحتل ورغم شجاعته واستعداده للتضحية بحياته فهو يخطط في نفس الوقت للحفاظ علي حياته أن أمكن وحياة زملائه من الفدائيين وحياة الأبرياء من المدنيين الذين قد يتواجدون في المكان ..
هكذا قاوم المصريون قوات الاحتلال الانجليزي في القناة .. وهكذا كانت العمليات الفدائية في سيناء أثناء حرب الاستنزاف وبعدها ... وهكذا قاوم الفرنسيون قوات الاحتلال النازي اثناء الحرب العالمية ,, وهكذا قاوم الفيتناميون قوات الاحتلال الأمريكية ...
العمل الفدائي هو عمل شجاع وليس عشوائي .. هو عمل مدروس ومخطط ومن أهم أهدافه هو محاولة الحفاظ علي حياة المجموعة الفدائية وعدم توريط المدنيين والتركيز علي الآلة العسكرية للمحتل من جنود ومعدات ..
اما من يفجر نفسه بدون هدف واضح ويصيب من المدنيين و اهل البلد اكثر مما يصيب من قوات الاحتلال .. ومن يستهين بالحياة البشرية سواء حياة من يقوم بالعملية نفسها وحياة من يتواجدون في المكان من أبرياء .. فهو أرهابي حتي لو كان هدفه نبيلا .. ومن يفجر الكنائس والمساجد الشيعية ويقتل للأختلاف في المذهب أو لفرض أجندة سياسية ليست لها علاقة بالاحتلال .. هو أرهابي ... من يقتل لأغراض سياسية .. فهو أرهابي .. كل ما يقوم به تنظيم القاعدة سواء التنظيم الأصلي بزعامة بن لادن والظواهري أو الفروع الأكثر شرا له في العراق و السعودية والكويت .. بقيادة بطل النحر والذبح الزرقاوي وغيره .. هي أعمال أرهابية مهما حاولت أن ترفع راية الاسلام ..
لقد قاوم الشعب الفيتنامي أمريكا ولكنه لم يفجر الابراج في اي مدينة أمريكية ولم يقتل مدنيين أمريكيين .. وقاوم الشعب المصري الأنجليز في قناة السويس عبر كتائب الفدائيين أسلامية ويسارية ووفدية .. ولكنهم لم يقتلوا مدنيا بريطانيا رغم ان شوارع القاهرة كانت تعج بهم ولم يخطفوا صحفيا ولم يحاولوا تفجير محطات القطارات في لندن .. بل وقاوم الاحتلال الصهيوني الاسرائلي لسيناء بأعمال فدائية وليست أرهابية في الفترة بين 67 و 73 .. أعمال كانت تستهدف الآلة العسكرية للمحتل و لا تورط المدنيين من الجانبين .. ولم نهاجم السفارات ولم نفخخ القطارات ..
أن أي مقاوم يستهدف الآلة العسكرية للمحتل وجنوده في العراق أو فلسطين أو أي مكان في العالم فيه احتلال هو فدائي له كل احترام ليس فقط بين أبناء وطنه ولكن حتي في نفوس قوات الاحتلال نفسه .. أما من يفجر السيارات المفخخة في الشوارع والأسواق دون أي أعتبار لأرواح الابرياء من المدنيين و أهل البلد .. ومن يفجر الكنائس والمساجد والحوزات ويقتل كل من يختلف معه سياسيا بحجة أنه متعاون مع الاحتلال دون دليل سوي الاختلاف في المذهب أو الدين أو التوجه السياسي فهو أرهابي .. مهما رفع راية المقاومة والدين ..
وأهم أنواع المقاومة هو العمل السياسي المدروس جيدا والذي يستخدم آليات المجتمع الدولي للوصول الي نفس الهدف العسكري دون التضحية بالأرواح .. ولعل أهم مثال علي ذلك هو استرجاع طابا من خلال التحكيم الدولي و العمل القانوني العظيم الذي قام به جهابذة مصريين في القانون ..
وعندما تساعد مصر الفلسطينيين للحصول علي حقوقهم بطريقة سلمية واضعة نفسها تحت سهام الهجوم والاتهامات الظالمة فهو عمل سياسي عظيم أن أتي بنتيجة وأن لم يأتي فالمقاومة المسلحة دائما مستعدة لرفع السلاح ودائما الشعب المصري مستعد لمساعدتها .. عندما توافق حماس والجهاد علي وقف العمل المسلح لأعطاء محمود عباس الفرصة للعمل السلمي للحصول علي نفس الحقوق .. فأنها تمارس أعظم أنواع المقاومة .. المقاومة السياسية والتي تحتفظ بالسلاح لأشهاره .. أن لم ينفع التفاوض ..
هذا هو الفدائي .. أما الأرهابي فهو من يقتل بدون هدف واضح غير عابيء لا بروح جنوده ولا أرواح الأبرياء من المدنيين .. خاصة أن كانت أهدافه سياسية الهدف منها الوصول ألي الحكم .. كما حدث من عمليات قتل للعراقيين الذين يمارسون حقهم الطبيعي في الانتخاب .. لقد قاطعت حماس الانتخابات ولكنها لم تهدد أو تقتل من شارك فيها .. فلماذا لم يحدث المثل في العراق .. وحدث القتل والخطف الذي طال العراقيين الغلابة علي أيدي جماعات العنف الظلامي والتي ترفع راية الجهاد والاسلام وهو منها براء .. ولهذا مهما اختلف البعض مع حماس فهي تحظي بالأحترام حتي بين الاعداء ..
أما أسوأ أنواع الارهاب و أحقر أنواعه فهو العنف الذي يمارس بغرض التغيير السياسي لحاكم أو نظام حكم .. العمل السياسي هو عمل سلمي في الأساس .. عبر آليات المجتمع المدني .. وعبر التظاهر ووسائل الأعلام وحتي العصيان المدني .. ولكن ليس عبر العنف والسيارات المفخخة والاغتيالات .. قد نختلف مع اي نظام حكم .. ولكننا ندعو ونحاول تغييره سلميا .. وليس بالقتل والتفجير .. قتل السادات هو أرهاب .. واغتيال باقر الحكيم في العراق أرهاب .. وتفجير السيارات في الرياض وجده وغيرها أرهاب .. وقتل السياح في الأقصر أرهاب .. وتفجير قطارات مدريد أرهاب .. وتفجير السفارات أرهاب .. وتفجيرات طابا أرهاب .. وأخيرا اغتيال رفيق الحريري ومعه قتل و أصابة العشرات في عملية انتحارية هو أرهاب ومن قام بها سيصلي نار جهنم باذن الله .. ومن خطط لها ومولها هو مجرم بكل ما تحمل الكلمة من معني ويجب ان يحاسب ويحاكم علي جريمته الشنعاء ..
هذا هو الفرق يا سادة بين الفدائي و الأرهابي .. الأول يستحق الاحترام ويجب اعتباره شهيدا أن مات وهو يقاوم والثاني يجب أن يدان ويقبض عليه ويحاكم ويعاقب مهما حاول أن يخدعنا بشعارات الجهاد والدين ..
لهذا يعتبر الكثيرون في العالم جيفارا بطلا حتي في أمريكا نفسها .. ويعتبر العالم بن لادن والزرقاوي أرهابيان .. فهل نفهم ونعي الفرق بينهما ..
لنا الله وأعاننا علي من يقتل أبنائنا باسم الدين وهو منه براء ..

ملاحظة :
هذا المقال أهديه الي الصديق العزيز الدكتور جمال علي حسن ..

The comments are closed.