Sunday, 08 January 2006
عدد خاص عن أقلية منسية
-
هل يشكل المعاقون في مصر لوبي سياسي
عقد بالقاهرة في الفترة من 20 الى 22 ديسمبر دورة تدريبية بعنوان إعداد متحدثين عن حقوق الأفراد المعاقين وذلك في إطار مشروع تنمية الوعي المجتمعي بحقوق الأفراد المعاقين والتي نظمتها مؤسسة ناس للتدريب والاستشارات والتقيم للافراد المعاقين بالتعاون مع هيئة أميدإيست وذلك بمركز إعداد القادة بالجزيرة. ومؤسسة ناس تسعى الى زيادة الوعي المجتمعي بقضايا الافراد المعاقين وحقوقهم وتنمية قدرات الافراد المعاقين في مجال الدفاع عن حقوقهم والمطالبة بها من خلال التعاون مع بعض الهيئات المحلية والدولية.
كانت لي فرصة حضور هذه الدورة والإلتقاء بكثير من العاملين في مجال حقوق الأفراد المعاقين والناشطين في هذا المجال الى جانب عدد من المعاقين أنفسهم وقد هالني هذا الوعي الكبير من جانبهم خصوصا في الجانب السياسي واهتمامهم الشديد بالمشاركة السياسية في الانتخابات لدرجة أن بعضهم نزل بنفسه لمراقبة الانتخابات فكما علمت قامت مؤسسة ناس بايفاد 34 فردا من المعاقين لمراقبة الانتخابات وينوى اخرون الترشح للمحليات ومجلس الشعب في دورته القادمة.
ويقول الدكتور أبو بكر سعيد باحاج المستشار الاعلامي لمؤسسة ناس ان عدد المعاقين في مصر حوالي سبعة ملايين اي عشرة في المائة من التعداد مما يجعلهم لوبي وقوة ضغط لا يستهان بها لكن لا أحد من العاملين بالسياسة يهتم بهذا الموضوع وليس هذا فقط فلو افترضنا ان لكل من هؤلاء المعاقين أب وأم أي أضف اربعة عشر مليون بالاضافة الى الاخوة والاصدقاء القريبين من المعاق والذين يشاركونه المعاناة والذين سيكونون مهتمين بالتاكيد بمرشح او تيار يقدم برنامج يهتم بالمعاقين. وفي مصر نحتاج الى جهد كبير في هذا المجال لان حقوق المعاقين الاساسية وليس السياسية فقط مهدرة وضرب مثال بقرية في الصعيد بها ثلاث قبائل تتزوج داخليا ونتج عن زواج الاقارب هذا نسبة اعاقة خمس وعشرون بالمائة من الافراد والمصيبة ان الذكر المعاق يعتبرونه مبروكا ومقدسا اما البنت المعاقة فيقتلونها.
وتقول الدكتورة محاسن السيد أمين صندوق مؤسسة ناس والمتخصصة في التخاطب انه للاسف لم يوجد حزب اسس لجنة خاصة للمعاقين الا الحزب الوطني والتقيت بالفعل خلال الدورة ببعض ممن كانوا بتلك اللجنة الذين قالوا لي انهم انسحبوا منها لان الحزب لم يكن يعتبر المعاقين الا مجرد اصوات عليهم كسبها وقيل لهم هذا صراحة من قيادات الحزب ووعدوا بكثير من الوعود ولم يفي بها الحزب بعد ذلك فكان قرار الانسحاب. واذا كان الامر كما يقول الدكتور ابو بكر فلماذا التركيز فقط على الاقباط في الانتخابات والاهتمام الاعلامي بتلك القضية والتجاهل التام للمعاقين وكان لا وجود لهم بالرغم من ان المعاقين بينهم المسلم والقبطي ويمثلون كافة اطياف وطبقات الشعب. والصراحة لم يهتم بهذه الدورة الا الحزب العربي الناصري الذي ارسل الاستاذ عاصم عابدين المحامي الذي فوض من الحزب خصيصا. بينما انا حضرت بصفتي الشخصية وليس موفدا لا من كفاية ولا من شباب من اجل التغيير.
ولاحظت ايضا ان المعاقين يرفضون كلمة متحدي الاعاقة هذه ويقولون ان سوزان مبارك هي التي فرضتها عليهم بسبب تاثرها بالانجليز في هذا المجال وقال احدهم رفض ذكر اسمه انا عاوز اعيش عادي انا مش سوبر مان ولا عاوز اتحدى وبعدين مش كل حاجة تخص المعاقين لازم سوزان مبارك توافق عليها لازم يبقى فيه نظام تمشي بيه الامور بسلاسة اكتر من كده لان دي حقوقنا مش منحة ولا هدية من سوزان مبارك.
سعيد سيد اسماعيل وهو من الصم احد الشخصيات التي لفتت الانتباه بشدة خلال الدورة فقد كان حريصا جدا على المناقشة اثناء المحاضرات وخارج المحاضرات هو شخصية اجتماعية جدا لا يتوقف اصدقاؤه عن الضحك بسبب ما يقوله لهم بالاشارة وكنت اضحك معهم واتمنى لو كنت افهم لغة الاشارة. لكنه ايضا شخصية جادة جدا ونشطة فقد نزل مع غيره من الصم موفدين من الجمعية الاهلية للصم لمراقبة الانتخابات في كل من شبرا ومدينة نصر ومدينة مايو وكان شاهدا على الكثير من المخالفات ففي لجنة مدرسة طه حسين بمدينة مايو شاهد استغلال الاخوان لفتاة معاقة حركيا لتنتخب مرشح الاخوان بالدائرة بوعود بالمساعدة والاهتمام بالمعاقين واعطوها نقود كما تعرض لتحرشات امنية حيث منعه ضابط من المراقبة بحجة ان ليس له حق في المراقبة كما تلقى معاملة سيئة في لجنة اخرى حينما منعه ضابط من الجلوس للراحة وقال له عاوز تقعد اخرج بره وعندم حاول تعليق بوستر خاص بحق المعاقين في التصويت قام الضباط بتمزيقه امامه والبوستر عبارة عن رسمة كاريكاتورية لشخص يجلس على كرسي بعجلات يحاول الوصول الى الصندوق فيجد امامه سلم مرتفع ومكتوب على البوستر "وأنا أيضا من حقي أن أشارك" واشتكى من عدم اعداد اللجان لاستقبال معوقين حيث لا توجد اي امكانيات لمساعدة المعاقين على الادلاء باصواتهم واخذ على القوى السياسية تجاهلها للمعاقين على عكس الاخوان الذين نجحوا تماما في حشد السيدات والمعاقين.
وتقول الدكتورة محاسن السيد انه اثناء مراقبتها للانتخابات في مدرسة مصر الجديدة الثانوية لجنة 29 شاهدت امين شرطة يعطي القاضي رزمة اوراق انتخابية بها حوالي مائتي ورقة ومكتوب على الرزمة مؤيدين وفي مدينة نصر كان مندوب السلاب يدخل بدون تصريح ويتم منع مندوبي المرشحين الاخرين خاصة الاخوان ثم ادخلوهم بعد تستيف الامور برغم ان معهم تصاريح. الى جانب ان السلاب عزم اللجنة كلها على الافطار والغداء ومن المضحكات انه عندما لا يجد ناخب اسمه في القائمة يقول له القاضي روح دور على اسمك عند بتوع السلاب!!! كما شاهدت مراقبين للانتخابات اتضح فيما بعد انهم عناصر امنية.
ويشكو علاء الدين السيد محمد من الصم ايضا وزميل سعيد انه ذهب الى القسم لاستخراج بطاقة انتخابية وفي كل مرة يقولون له تعالى بعد اسبوع وتكرر الامر ثلاث مرات حتى يئس من استخراجها لكنه يقول انا اعرف حقي ولابد ان استخرجها. وطالب بإنشاء لجان خاصة في كل دائرة للمعاقين يكون فيها ورق مطبوع بطريقة برايل للمكفوفين كما تفعل دول ندعي أنها أقل منا تحضرا مثل البانيا واوغندا مثلا ومترجم اشارة للصم والبكم على ان تكن اللجنة في دور ارضي بدون سلالم.
وحكت الدكتورة محاسن عن الدكتور حسام المساح وهو دكتور في القانون الدولي ومصاب بشلل دماغي ولا يستطيع صعود السلالم انه حينما ذهب للادلاء بصوته فوجيء بتعجب القاضي الذي ساله لماذا جاء وتعجب الناس من قيامه بذلك وهو مريض ونصحوه بالعودة الى منزله للراحة ولكنه قام بالتصويت.
وقال لي الاستاذ طارق عبد المعز المذيع الشهير باذاعة الشباب والرياضة وهو فاقد للبصر بالمناسبة انه عندما توجه للدلاء بصوته في دائرة حدائق القبة احتاج لمساعدة القاضي في التصويت وقال انه اعطى صوته لواحد من الاخوان وواحد من حزب التجمع اليساري ويتعجب من موقف القاضي الذي ساله كيف تعطي للاخوان والتجمع في نفس الوقت فما كان منه الا ان قال للقاضي هو بتاع التجمع ده كافر يعني وكيف يكون قاضي بهذه الدرجة من قلة الوعي. واشار الاستاذ طارق ايضا الى المعاملة الجائرة للمعاقين قضائيا حيث حكم القاضي على احد الصم والبكم بدون وجود مترجم اشارة في قاعة المحكمة وحكم قاض اخر على كفيف في قضية تزوير امضاء برغم من ان الكفيف يبصم فقط او يستخدم الختم!!!
وحكى احد الحاضرين عن تجربة شاهدها في مدينة المحلة الكبرى حيث اصطحب احد المرشحين مترجم اشارة وذهب به الى مدرسة التربية الفكرية ودعا المعوقين للمشاركة فما كان منهم الا ان خرجوا بمظاهرة وراؤه. واشتكى اخر من استغلال بعض الجمعيات التي يملكها اعضاء بالحزب الوطني لحاجة الناس في تحقيق اجندة الوطني والتصويت لمرشحيه بالضغط عليهم بالاعانات والخدمات.
وتقول الاستاذة سامية بديع عضو مجلس ادارة جمعية بر الامان ان جمعيتها نزلت تراقب الانتخابات وكانت هي رئيس مجموعة مدينة نصر وشاهدت فتاة من المعاقين ذهنيا اصرت على ان تصطحبها امها للتصويت فاحيانا الاعاقة الذهنية لا تعني فقد الاهلية والمعاق ذهنيا احيانا يعاني من بطء رد الفعل وهذا لا يمنع سلامة التفكير واحيانا الذكاء الشديد ولا يجب ان يحرم من حقه في الانتخاب واخذت على بعض اللجان كون بعضها في الدور الثاني والثالث وطالبت هي ايضا بتخصيص لجان للمعاقين وكبار السن وفاقدي البصر لانها شاهدت معاق حركيا بعد ان صعد الى الدور الثالث وجد انه نسي بطاقته الشخصية في السيارة فطلب منه القاضي النزول مرة اخرى لاحضارها لكنها اشادت بالوعي الشعبي في مدينة نصر بحق المعاقين في التصويت حتى ان الاحزاب السياسية طلبت منها ان تستمر لحضور لجنة الفرز ايضا واشادت بمبادرات فردية لبعض القضاة نزلوا بانفسهم لتلقي اصوات المعاقين.
اما الاستاذة جميلة عبد العاطي وهي مشرفة عامة في مستشفى الحوامدية ورئيسة جمعية اصدقاء مرضى مستشفى الحوامدية وهي معاقة حركيا فتقول انها سترشح نفسها لمجلس محلي الحوامدية مستقلة ولها علاقة بثلاثة الاف معاق بالحوامدية وتقول ان لهم مطالب يجب ان يعبر عنها احد ما مثل الاكشاك والكراسي والسيارات او حتى سفلتة الطريق وتطالب بتخصيص ارض لمدرسة التربية الفكرية لان موقعها مشترك مع المدارس الاخرى وتحدث مشاكل بسبب اعتداء الطلبة الاصحاء على المعاقين الى جانب قلة الوعي فالمعاقين يتم حبسهم خوفا من الفضيحة ولعدم التاثير على زواج اخواتهم ولا يتعلمون ولا يتلقون الخدمات وهو ما دفعها للترشح وجميلة حاصلة على شهادات تقدير من المجلس الثقافي الفرنسي ومن معهد الشلل وتنوي ايضا ترشيح نفسها لمجلس الشعب في الدورة القادمة.
اغرب القصص حكتها الاستاذة حنان نيقولا رياض المسئولة عن برنامج المساندة الاسرية بمركز سيتي التابع لجمعية كاريتاس مصر وهي عن شخص يدعى عصام فرحات لديه ابنة معاقة ذهنيا كافح من اجلها وعمل في العمل التطوعي ثم اصبح عضوا بالمجلس المحلي في الجبل الاصفر عن الحزب الوطني وبذل الجهد من اجل بناء مدرسة للتربية الفكرية هناك وبالفعل امرت سوزان مبارك بتخصيص قطعة ارض للمدرسة وتم البناء وعندما هم بالحاق ابنته بها رفضت المدرسة بحجة ان اعاقة ابنته شديدة !!! لكنه يقول انه سعيد لانه ساهم في ازالة المعاناة عن اخرين.
اما سلوى حندوق وهي باحثة اجتماعية في ادارة الزاوية الاجتماعية فتقول انه اثناء الانتخابات في منطقة الزاوية الحمراء شاهدت سيدة كفيفة بصحبة ابنتها اتت للادلاء بصوتها لكن القاضي عاملهم بطريقة غير لائقة ونرفزة لا داعي لها ثم في النهاية قام بالتصويت للسيدة الكفيفة بينما قاض اخر في لجنة اخرى شديدة الزحام ساعد احدى المعاقات بنفسه على التصويت وساعدها في وضع الورقة الا ان الستارة لم تكن كافية واضطرت الى التصويت خارج الستارة.
قابلت الاستاذ مصطفى محمد كمال سكرتير مشروعات الاعاقة بالمجلس القومي للطفولة والامومة ورئيس مجموعة من مجموعات مؤسسات المجتمع المدني المشرفة على مراقبة الانتخابات البرلمانية وقال انه لاحظ في دائرة دار السلام عدم وجود اي تسهيلات للمعاقين فكل اللجان اما في الدور الثاني او الثالث ولجنة 83 رفضت دخول المراقبين نهائيا كما لاحظ قلة او ندرة مشاركة المعاقين في الانتخابات ويعزو ذلك الى قلة الوعي وعدم اكتراث وسلبية المعاقين انفسهم وعزوفهم عن المشاركة وعدم سهولة الوصول الى اللجان وصعوبة التصويت داخل اللجنة نفسها بسبب الزحام والهرجلة.
والتقيت مع الدكتور اشرف مرعي رئيس مجلس ادارة مؤسسة ناس وهو استاذ بكلية التربية الرياضية بنين جامعة حلوان وعضو لجنة اليونسكو الوطنية وعضو لجنة الامم المتحدة لصياغة مسودة الوثيقة الدولية لحقوق المعاقين 2007 وهو بالمناسبة معاق حركيا وبطل اولمبي سابق وحاصل على ميدالية في اوليمبياد سيول الخاصة ويقول الدكتور اشرف لقد اكتشفنا قوة اصواتنا الانتخابية والمعاق يجب ان يكون له ثقل سياسي في الانتخابات ونقوم حاليا بالتنسيق مع باقي الجمعيات للقيام باستخراج بطاقات انتخابية للمعاقين وننوي تكوين لوبي ضغط يكون له تاثير في الحياة السياسية في مصر وبالفعل في اكتوبر الماضي اقمنا ندوة عن تنمية الوعي السياسي للمعاقين وفي شهر نوفمبر قبل المرحلة الاولى للانتخابات قمنا بعقد دورة تدريبة على مراقبة الانتخابات ووافقت اللجنة العليا للانتخابات على قيامنا بالمراقبة وهذه اول مرة يقوم فيها المعاقين بمراقبة الانتخابات وكان هدفنا الرئيسي مراقبة مدى سهولة الادلاء بالاصوات للافراد المعاقين وهذا لا يمنع اننا رصدنا كثير من المخالفات الاخرى ولكن لاحظنا انه لا توجد سرية للمعاقين في الادلاء باصواتها لان خلف الستار لا يكفي دخول الكراسي المزودة بعجلات الى جانب ان معظم اللجان في ادوار مرتفعة كما ان صندوق التصويت نفسه يجب ان يكون بارتفاع معين.
وفي النهاية اتساءل هل يتحقق ذلك ويكون للمعاقين لوبي قوى تخطب القوى السياسية وده كما تفعل مع الاقباط وهل سنشاهد قريبا مشاركة فعالة للمعاقين في الحياة السياسية كما شهدنا في المانيا وزيرا للداخلية معاق حركيا خاصة وان مصر شهدت اول وزير معاق وهو عميد الادب العربي طه حسين والذي تولى وزارة التربية والتعليم واول من اقام مجانية التعليم قبل ان يقتل النظام العسكري الحياة السياسية في مصر للأصحاء قبل المعاقين.
-
-
أربع صفحات عن المدونين المصريين
في مجلة لا ريفو ديجيبت
la revue d'Egypte
أربع صفحات كاملة عن المدونين المصريين في عدد يناير وفبراير من مجلة لا ريفو ديجيبت
صفحات 42 و 43 و 44 و 45
لقطات وتعليقات من بهية وعلاء ومنال و نورا يونس ووائل عباس وكاريكاتير من طنطاوي
كتب الموضوع حسين عمارة و ولوران روش
-
طنطاوي مختفي لدواعي المذاكرة
23:55 | Permalink | Comments (5)
Comments
مش لما الاغلبيه الغير معاقه تاخد حقها سياسيا نبقى ندور على حقوق الاقليه
Posted by: النقيب | Thursday, 12 January 2006
دعوة لتحرير مصر من الرئيس حسني مبارك
تجديد العصيان المدني
أوسلو في 10 يناير 2006
هل يحتاج حبُ الوطن إلى شهادة حُسن سير وسلوك أو اعتماد بختم النسر من أحد الأحزاب القومية أو المعارضة أو صك براءة من مكتب أحد قيادييها؟
إذا أردتَ أن تُجدد حبَك لوطنك فغادره، ثم شاهده من الخارج وستكتشف أنه خرج معك، وأن المشهدَ الذي اعتدت عليه وأنت في الداخل قد تغير وأصبح أكثر وضوحا وجلاء.
لكن الفاجعة أن مواطني الداخل لن يصدقوك، وسيظنون بك مسا من الجنون، وأنك تمارس رفاهية القلم فتشاهد نشرات الأخبار وأنت تداعب بيسارك الشعر الكثيف لكلبك المدلل، وتبحث بالريموت كونترول عن قنوات أخرى، ثم تخلد إلى نوم عميق في الوقت الذي يختلط عرق ابن بلدك في الوطن بجسده المنهك، ويؤرقه الوضع الكارثي الذي يشاهده ويعايشه في كل يوم.
الحقيقة أن العكس هو الصحيح مع شديد احترامي لآلاف المناضلين الأبطال الذين يقبعون في زنزانات رطبة ومظلمة داخل أقبية سجون سجّاني الوطن.
المغترب يفتح للوطن كُوّة يطل منها، ويعرض على أهل بلده المشهدَ الحقيقي من الخارج، ويحاول اقناعَ مواطني الداخل أن مأتم الوطن ليس عرسا، وأن سرادق العزاء ليس حفلة غنائية، وأن اللصوص والنهّابين والنصابين والمستبدين والطغاة لا يمزحون ، ولن يتحولوا إلى رعاة يطاردون الذئاب لأنهم في الواقع ذئاب يدّعي كلٌ منهم أنه يحمل عصا الراعي، ويهش بها على غنمه، أعني رعيته.
نعم فشلت دعوتي للعصيان المدني في الثاني من مايو من العام الماضي، ورفضتْ كل القوى الوطنية دعمها أو الاشارة إليها، أو الحوار حول أهميتها، وفضّلت قتلها بالصمت، فالمعركة،كما قال أحدهم، في الداخل فقط حتى لو أسقط مناضلو الداخل حفيدَ الرئيس حسني مبارك بعد نصف قرن حيث لن يبقى في مصر إلا قبور شاهدة على وجود شعب مَرّ من هذا المكان.
والمعارضةُ في مصر طاووس من الخُيلاء والغطرسة والاستعلاء والفوقية، وهي دون كيشوتية وعاجزة عن الوقوف صفا واحدا من أجل وطن واحد.
كل قوى المعارضة الوطنية والشرفاء وملايين من الذين رفضوا اعادة انتخاب الرئيس حسني مبارك سجّانا على وادي النيل العظيم لولاية سوداء خامسة يقفون الآن في مفترق الطرق، فاللعبة في بداية النهاية، والفصل الأخير من مسرحية التوريث تحت أي مُسَمّى ينتظر رفع الستار، والرجل الذي اعتقل الوطن كله لربع قرن لن يحتفل بعرس الديمقراطية إلا في خيال البلهاء والساذجين والمغرضين والجبناء الذين يشكرون العناية الالهية على فتات الديمقراطية ، ويحمدون الله لأنهم يستطيعون الصراخ، وصياحهم أعلى من صياح الديكة.
من تحصيل الحاصل أن نكرر ما يعرفه الجنين في بطن أمه ( وفقا للاعلان الأحمق عن برنامج الرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية )، والحديث عن ثلاثين ألف معتقل، وقانون الطواريء، وامتهان كرامة المواطن، ونهب مصر وصناعة الفساد وأختيار الفاشلين، وتفريغ الوطن من خيراته،.
جرائم الرئيس مبارك في ربع قرن ضد أبناء شعبه يصبح الحديثُ عنها سخيفا ولا معنى له لافتراضنا أن المصريين في الداخل والخارج يعرفون حجم الكارثة، وعمق المأساة بنفس القدر.
من يدّعي عدم معرفته بما حدث في ولايات الرئيس الخمس فنحن نشك في أنه سمع عن مصر من قبل.
كتاباتي كلها الأكثر لسّعاً وشدة ويأسا تحمل في ثناياها تفاؤلا يخرج من رحم التشاؤم، وأملا عظيما في مستقبل مشرق رغم أن الدلائل والشواهد والقرائن كلها تشير إلى حجم المأساة التي تصغر بجانبها جبال اليأس المستوطنة في أعماق المصريين.
لن أبدأ دعوتي لتجديد العصيان المدني بنفس النهج السابق، لكن فكرة تحديد يوم لتحرير مصر من أسرة مبارك تبدو لي الأقرب إلى التحقيق ليلتف حولها المصريون على اختلاف مشاربهم وأوجاعهم.
لو أن المشتركين هم فقط العاطلون عن العمل لكان ذلك ضمانا بانفجار بركان الغضب في أنحاد البلاد.
لو انضم إليهم كل المتضررين من حكم هذا الطاغية وأسرته فإن مصر ستخرج في اليوم الموعود .
تحتاج الثورة إلى قائد قبل احتياجها للثوار، ومصر العظيمة الولاّدة التي يختفي فيها العباقرةُ خلف حجاب خشية بطش النظام تنتظر لحظة تاريخية نادرة يلتف فيها الغاضبون على القصر حول ذلك الزعيم الذي طال انتظاره.
المستفيدون من نهب الوطن وانحداره واستبداد السلطة وقمع الجماهير واستمرار القهر والخوف والتعذيب والفقر والمرض والبطالة والفساد يختلطون بالأغلبية الصامتة فلا تدري إنْ كان الصامتُ متواطئا أم خائفا أم متضامنا أو معارضا .. بأضعف الإيمان!
ترى ماذا سيكون ردُّ الفعل هذه المرة على دعوتي لمظاهرة غضب مليونية بديلا عن العصيان المدني لتحرير مصر من أسرة مبارك الأكثر عفنا وفسادا وطغيانا وتكبرا وإيذاء لشعبنا؟
مقالي هذا بيان ما قبل البيان، ودعوة للاشتراك في اختيار الموعد المناسب للقيام بمظاهرة الغضب المليونية، واعتبار كل من يقرأ هذه الكلمات ويتعاطف معها مشتركا في أهمية اختيار اليوم المناسب، وأقترح بداية أن يكون بُعيّد الانتهاء من امتحانات طلاب الجامعات، وعودة مليوني مصري من الخارج كانوا قد شاهدوا الوطن من الخارج وسيتعاطفون مع أبناء بلدهم.
كل رؤساء الأحزاب الوطنية وقوى المعارضة عاتبت وغضبت في المرة السابقة معتبرة أن القفز فوق دورها وعدم استشارتها في تحديد موعد العصيان المدني خروج على الآداب العامة التي تقتضي انتظار موافقة كبار المعارضين، والآن أعرض على الجميع الاشتراك مخلصين لوجه الوطن لتحديد موعد مناسب قبل نشر البيان الختامي، آملا أن يصمت هذه المرة القانطون والخائفون والمباركون واليائسون والمتهكمون، فلم يعد الانتظارُ إلا موافقة صريحة وواضحة للرئيس حسني مبارك أن يلقي خطابا أمام قبور سبعين مليونا استأنسوا بالذل والمهانة، ورفضوا الاعتراف بكرامتهم، ومنحوه ورجالَه صكّ بيعِ مصر العظيمة في مقابل تركهم يأكلون بقايا طعام حيتانه، ويشكرونه كلما خف ضغط حذائه فوق رؤوسنا.
أيها المصريون .. حملة أعرق ثقافات وحضارات الأرض،
الحياة الحرة والكريمة والجميلة تنتظر موافقتكم عليها، فماذا تنتظرون؟
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
Taeralshmal@gawab.com
Taeralshmal@hotmail.com
Fax: 0047+ 22492563
Posted by: محمد عبد المجيد | Thursday, 12 January 2006
نعم لقتل السودانيين
Oslo 01.02.2006
لماذا نحتج على قتل السودانيين الذين دخلوا مصر آمنين مطمئنين، وقدّموا احتجاجهم لمنظمة دولية، وقضوا عدة أشهر في قلب أهم ميادينها تحت سمع وبصر السيد الرئيس؟
لماذا نحزن على قتل أطفال سُمْر كانوا يلعبون بالقرب من أمهاتهم وآبائهم في عاصمة المعز، وقيل لهم بأن المصريين شعب عريق أعطته الحضاراتُ المتعاقبةُ حِكمةً وروحاً سامية وشهامة في نجدة الملهوف والمظلوم؟
ما الضير أن يأمر الرئيسُ رجال أمنه بفتح النار على مقترعين في الانتخابات، أو تعليق المصريين من أقدامهم في أقسام الشرطة أو ذبح أطفال سُمْر تعلو وجوهَهم البريئةَ بسماتٌ وضحكاتٌ جميلة تَبْين منها أسنانٌ بيضاء فلا تدري إن كانوا سعداء بوجودهم مع المصريين أمْ مطمئنين إلى أن رئيسَ مصر والسودان، وزعيمَ وادي النيل، وسيّد القصر وحلايب سيرفع سماعة الهاتف ويأتيه صوت جهوري من أعلى مكتب في وزارة الداخلية: تمام يا أفندم .. تم حل المشكلة؟
لماذا نحزن على مذبحة هنا، ومذابح هناك سقطت من ذاكرة المصريين؟
لماذا لا ندرّب أنفسَنا على المذبحة الكبرى عندما يأمر الرئيس الحالي أو ابنُه الرئيسُ القادمُ بالتخلص من ربع المصريين أو ثلثهم أو نصفهم أو فتح مقابر جماعية لالقاء الشعب فيها ، ألم يعطنا الرئيسُ سبعين إشارة على الاستعداد للمذبحة الكبرى يوم تبلغ القلوبُ الحناجرَ ويبلغ غضبه وسخطه علينا مبلغاٌ عظيما، ويصل احتقارُه وازدراؤه لنا إلى اللحظة الحاسمة: تخلصوا من هؤلاء الغوغاء والرعاع الذين لم تغضبهم مرة واحدة جرائمي طوال ربع قرن ولا يزالون يطمعون في فتات ديمقراطية وبقايا كرامة لم تعد ملكا لهم ؟
معذرة أيها السودانيون فنحن أجبن من أن نتولى حمايتَكم، وأضعفَ من الدفاع عن أضعفكم.
معذرة أيها السودانيون الطيبون ذوو البشرة السمراء التي لوّحتها شمسُ جنوبنا وهي لا تفرق بين النيل وجَمالِكم، بين البحر الأزرق وعيونكم، بين طيبتكم التي تخترق حُجبَ السماء في دعواتها وثقتكم في مصرييكم الذين احتضنوكم في قاهرة الحضارة فاكتشفتم ، متأخرين، أنها عاصمة الأسرة المباركية الأكثر فسادا وعفنا واستبدادا وطغيانا في تاريخ وادي النيل العظيم.
معذرة أيها السودانيون الأحباب، فنحن لا نرفع رؤوسنا من أجل كرامتنا، فكيف نرفعها من أجل أرواح أطفالكم؟
أيها السودانيون...
قبل أن نعزّيكم في أبنائكم الذين قتلهم رجالُ الرئيس بدم أكثرَ برودة من أوامره، نرجوكم أن تعزّونا في بلدنا فالرئيس منتخَبٌ انتخاباً حرّا، ونحن سعداءُ بوضع جباهِنا تحت حذائه
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
Taeralshmal@gawab.com
Taeralshmal@hotmail.com
Fax: 0047+ 22492563
Posted by: محمد عبد المجيد | Monday, 16 January 2006
الوصايا العشر للاطاحة بالرئيس حسني مبارك
Oslo 05.12.2006
هذه الوصايا العشر هي تحريض لمحاولة قلب نظام الحكم، لكنني أعترف مسبقا بأنها لن تجد أذنا صاغية، وسينساها قارئوها قبل الانتهاء من السطر الأخير فيها، وسينظر لها المصريون بعزة وإباء واستعلاء رافضين أي صوت يأتيهم من الخارج فأبطال الداخل قادرون على تحرير وطنهم كما يظنون.
عندما يصبح الجهاز العصبي للمرء معبرا عن تحضر وتمدن وأحاسيس راقية وانسانية، تتقدم الكرامة حاملة كل مقومات التقدم ، ويرتعش الزعيم في قصره، وترتجف يداه، ويفكر سبعين مرة قبل السماح بانتهاك كرامة مواطن ولو كان أميا بسيطا متواضعا في قرية مجهولة في أحد نجوع مصر الموجوعة حتى الموت.
* عندما تستيقظ مبكرا عليك بالقاء نظرة متأملة قي المرآة، وأن تحرص على الحديث بصوت مرتفع أمامها، وأن تقول أربع وعشرين مرة: أنا ليست لي كرامة ولا أستحق العيش وأنني لا أصدق أن نفخة من روح الله أعطتني هذه القيمة!
* أن تقول بصوت أكثر ارتفاعا ووضوحا : نعم، أنا أعرف أن هناك عشرات الآلاف من المصريين يعانون العذاب المهين والظلم الشديد في زنزانات قذرة لعدة سنوات دون محاكمة، لكنني لن أدافع عنهم، ولن أكترث من أجلهم، ولا يهمني أن يحرقهم الرئيس أو يأمر بتصفيتهم أو يظلوا هكذا حتى يأتيهم ملك الموت، وليذهب محبوهم وذووهم وأهلهم وأمهاتهم وآباؤهم إلى الجحيم فأنا مواطن أناني وجبان ولا يعنيني أمر الآخرين .
ثم ترتفع حدة صوتك وتقول: وأعرف فضلا عن ذلك أن مئات المصريين قضوا تحت التعذيب في أقسام الشرطة والتخشيبة والحجز بعدما تعرضوا لكل عذابات البشر بمخالب ذئاب ساديين من رجال الأمن منحهم الرئيس رضاه وصمته وموافقته الضمنية، بل إنه قلد بعضهم أوسمة الاستحقاق امعانا في احتقار المصريين.
وتنهي صراخك بالاعتراف بأنك شريك في الجريمة، وأن تبريراتك تضيف ضحايا جددا، وأنك لا تستحق شرف المواطنة ولا قيمة الانسان وأنه لو نطق الحجر غضبا وتمردا فإنك ستظل خاضعا لسيد القصر، مانحا قفاك لكف غليظة تهوي عليه من كل مؤسسات الدولة، من الشرطة إلى رئيسك في العمل، ومن الفقر والمرض والعوز والحاجة والمهانة والحقوق الضائعة إلى اقتسام اللصوص خيراتك وأنت تفغر فاك مستعذبا الهوان.
* أن تقول لمرآتك وأنت تتأمل وجهك : ليس في مصر بديل لهذا المستبد، وأن سبعين مليونا منهم ينبغي أن يكونوا تحت حذاء الرئيس، وأن لا حل لمشاكل مصر المستعصية، وأن رجال الرئيس نهبوا، وسرقوا، وهبروا، وأمعنوا فسادا فلنتركهم أفضل لمصر من استبدالهم لئلا يأتي من هم أكثر سوءا واجراما.
ثم تبحث عن كل مبررات استمرار نهب وطنك، ولذتك بالمذلة والخنوع، فتدعي أن المعارضة لم تقدم بديلا، وأن للرئيس منجزات، وأن خطوات الديمقراطية قد لاحت في الأفق، وأن العناية السماوية ستقف مع المصريين في يوم من الأيام حتى لو لم يقف المصريون مع أنفسهم.
* أن تتقدم بخطى واثقة وشجاعة وتعترف لأهلك وأصدقائك ومعارفك وأحبابك وزملائك أنك لن تتمرد، ولن تعارض السلطة ولو أشعلت فيك النيران حيا، وأنك ترضى بالحياة التي وهبك العلي القدير إياها مسكنة وخضوعا وسلاما وبردا وسيرا بجوار الحائط ولو طلب منك الزعيم أن تلعق حذاءه أو تسجد لابنه الرئيس القادم فلن تتردد لأنك تؤمن بأن العبيد لا يرفعون رؤوسهم أمام الأسياد.
* أن ترفض أي صوت يأتي من ستة ملايين من ابناء شعبك يعيشون في الخارج، ويتنفس أكثرهم حرية ، ويشاهدون وطنهم الحبيب يحتضر، وشعب مصر يعيد اختيار سجانه ست سنوات أخريات، وأن ترفع يدك إلى السماء وتقول بأن الله لن يتخلى عن عباده، وأن تستدعي من ذاكرتك عدة حكم ومأثورات تخدر بها ضميرك.
* أن تتهم المصريين بأنهم جبناء ولن يتحركوا وأن وعيهم في حده الأدنى، وأن لا فائدة من الاحتجاج والشجب والرفض، وأن الرئيس الذي أذلك وأهانك وسلط عليك كلاب قصره وأعطى الضوء الأخضر لحيتان الفساد أن ينهشوا جسدك وخيرات أهلك، هو الوحيد القادر على منحك فتات ديمقراطيته العرجاء، وأن روحك ليست فيها نفخة من روح الله، وأن الحياة والموت يستويان لديك.
* أن تمسك ورقة وقلما، وتكتب كل جرائم الرئيس من الفساد والبلهارسيا ونهب المصارف وقوانين الطواريء والتزييف والتزوير واعتقال الأبرياء واختيار الفاشلين وتحقيق الصفر في كل المجالات تقريبا وتعميم الفساد في السياحة والادارة والأوقاف والعقارات والدواء والعلاج والتعليم والكتاب والقلم والأمن والاقتصاد والزراعة، ثم تتأمل في الأمية ، وتشرب كوبا من المياه الملوثة، وتدخل إلى رئتيك هواء أكثر تلوثا، وتعرض كبدك على طبيب ليؤكد لك أنك مصاب بفشل كلوي بفضل زراعات يوسف والي وتوجيهات الرئيس الذي كان يعلم ويصمت انتظارا لموتك واحتقارا لروحك وازدراء لحقك في حياة حرة كريمة، ثم بعد ذلك تمزق هذه الورقة وتذرها للرياح فهي ستوقظك من غفوتك وأنت تريد أن تستمتع بست سنوات من الذل والهوان ترافقها سلامة العودة إلى البيت والابتعاد عن مناكشة ومناهضة السلطة.
* أن تصم أذنيك، وتغمض عينيك، وتخرس لسانك لعل الأمن والسلام والهدوء يتسلل إلى نفسك وأسرتك وأهلك وأقاربك، وأن تنتظر القضاء والقدر، وأن ترى حياتك أقل قيمة من جيفة الأرض.
* أن لا تقرأ هذه الوصايا العشر، وإذا قرأتها فلا ترسل نسخا منها لمن تتوسم فيهم اقتراب ثورة الكرامة، وأن تمارس حياتك الطبيعية وتبتلع كرامتك، ولا تتحسس قفاك الأحمر، وأن تشكك في نية كاتب هذه الوصايا، وأن تقول بأنه يمارس رفاهية الكلمة وحرية القلم من بعيد ومن أقصى الشمال ولا يعرف طبيعة الحياة اليومية المصرية ولا يفهم لغة الخطاب التمردي المصري الذي تمخض عن مظاهرة من ثلاثة آلاف في عاصمة الأربعة عشر مليونا، وأن الأمل باق في الصدور وسيأتي عون الله أخيرا ولو طال تعذيب المستبدين لنا.
* وأخيرا ...
أن تنظر إلى المرآة نظرة غضب، وتبصق عليها، وتشتعل نار الحزن على نفسك في نفسك، وتقسم بأنك تستحق حياة حرة كريمة، وأنك ستنظر من اليوم في عيون أهلك وأولادك وأخواتك وجيرانك ومحبيك وتقول لهم بأن فيك من روح الله، وأنك ستقود الآن وقبل شروق اليوم التالي حركة تمرد ورفض ودفاع عن بلدك وشعبك ولن تجعل اللصوص يهنئون بساعة سلام واحدة، وأن مسؤولية انقاذ مصر في رقبتك قبل الآخرين، وستوزع من هذا البيان عشر نسخ، وأن البيان سيكون في متناول المصريين كلهم في وقت وجيز، وأن الحملة التلميعية لتأهيل جمال مبارك التي ستبدأ قبل الأول من يناير لن تكتمل قبل أن يلفظ النظام العفن الفاسد أنفاسه الأخيرة.
وستقول بصوت مرتفع: نعم، أنا مصري حر، وسأعلم الظالمين أن لا خضوع ولا خنوع ولا خوف ولا جبن بعد اليوم.
قل لنفسك بصوت مرتفع: لن أقبل بديلا عن حياة أستحقها، وشرف من أجلها، وكرامة أحيا بها، وضمير حي يقظ يمنح انسانيتي قيمتها الحقيقية.
قل لحياة الهوان والخضوع والجبن والتواطؤ مع الاستبداد: وداعا بغير رجعة.
قل لنفسك بأنك أرقى من الخيل التي إن خُدِمَتْ خَدَمَتْ وإنْ ضُرِبَتْ شَرَسَتْ، وأرقى من الصقور التي لا تُلاعَب ولا يُسْتَأْثَر عليها بالصيد كله ( حسب تعبير الكواكبي )، وأنك لست كلبا إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث، لكنك أكرم خلق الله جميعا.
قل للعالم كله: نعم أنا مصري، وعندئذ سيهرب الرئيس من الباب الخلفي للقصر الجمهوري ويهرول إثره كل لصوص ومجرمي العهد المباركي.
قل لأجيال قادمة: تلك هي مصر حررناها لكم فتمتعوا بها وحافظوا عليها حرة وكريمة.
وسلام الله على مصر.
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
Taeralshmal@gawab.com
Taeralshmal@hotmail.com
Fax: 0047+ 22492563
Posted by: محمد عبد المجيد | Monday, 16 January 2006
رسالة مفتوحة من الرئيس جمال مبارك للمصريين
جمال مبارك: سوطي ينتظر ظهوركم العارية
أيها المواطنون المصريون،
لم أعد أتحمل الانتظارَ حتى تحملني ظهوُركم التي أنهكتها سنواتُ حُكْم أبي إلى القصر الجمهوري بعابدين أو قصر العروبة، وأصارحكم الحقيقة بأن حالة من الرعشة تنتابني، والسوط الأكثر لسعاً وألَماً الذي يعدني في صباح كل يوم بأنه سيهوي فوق سبعين مليونا من البشر والحجر على حد سواء لم يعد يتحمل هو الآخر صبرا أكثر بطئا من هذا!
كنت أظن أن بإمكاني الإنتظار عاما أو اثنين أو أكثر حتى يتفضل عزرائيل بزيارة خاطفة لوالدي، لكن المشهد الذي سال على إثره لعابي لاستحماركم واستعبادكم وإذلالكم كان أكبر من طاقتي على تحمل سنوات انتظار أخرى، فقد شاهدت بأم عيني الانتخابات المهزلة التي اشترك فيها المصريون، ورأيت رجال أمننا يُفَجّرون غَضَبَ أسرتنا في أجساد أبنائكم وآبائكم، وسقط قتلى، واستقبلت المستشفيات خمسمئة جريح كانوا يحاولون الوصول لصناديق الانتخاب بعدما صدقوا بطيبتهم المفرطة وسذاجتهم المصرية البحتة بأن أبي قد يكونوا صادقا هذه المرة بعدما كذب عليهم ربع قرن.
استقيظت مبكرا في صباح اليوم التالي وكانت المفاجأة أكبر من قدرتي على الاستيعاب. لقد عاد الهدوء إلى الشارع المصري، ورأيتكم تلهثون وراء لقمة العيش، ويتصبب العرق من أجسادكم المنهكة، وتقفون صفوفا طويلة أمام كل شيء وأي شيء، من استخراج شهادة وفاة إلى البحث عن دواء غير موجود، ومن مجمع التحرير إلى الشهر العقاري، ومن عيادة طبيب إلى أحد الأفران التي تمدكم بالخبز ومحتوياته من نشارة خشب ومسامير صغيرة.
اتصلت فورا بوالدي السيد الرئيس موقظا إياه من نوم عميق فهو آمن في قصره ما أنفك المصريون يلوذون بالصمت الأخرس مؤمنين بأن اللسان خلقه الله للتذوق وإلقاء النكات فقط.
قال لي: هل تحرك عسكري أو رجل أمن أو سجان أو لص مصارف أو منتهك حرمات في قسم شرطة أو بلطجي إنتخابات دون علمي ومعرفتي ورضائي؟
قلت له: لا يا أبي العزيز، فكلنا نعرف أنه لا تتحرك دابة في مصر ولا برغوث ولا قملة ولا ينزل سوط فوق مصري في تخشيبة ولا يخرج ناهب لأكثر من مليون دولار من مطار القاهرة الدولي دون علمك، فقد علّمتنا أن هذا البلد متاح لنا جميعا شريطة معرفتك بأسماء اللصوص والقتلة ومعذبي مواطنيك من رجال الأمن، حتى الثلاثون ألف معتقل الذين لم يعرض أكثرهم على القضاء والعدالة تعرفهم وتأمر كلابنا بالاحتفاظ بهم وتأديبهم وتعليمهم أن قيمة المصري في عهدنا ينبغي أن لا تتجاوز قيمة الحشرة أو الجيفة.
قال لي: أريد أن أعود إلى الفراش، فهات ما عندك!
قلت له:أصابتني صدمة السيد أمام العبيد عندما يطالبون باستمرار استرقاقهم، فقد عاد الهدوء إلى الشارع المصري بعدما قتلنا عشرين أو أكثر وأطلقنا الهراوات والرصاص المطاط والحي على المئات تماما كما كان الهدوء يخيم على العاصمة عقب كل مظاهرة لـــ ( كفاية ) وكأن الأمر لا يعني هؤلاء الرعاع الذين نحكمهم!
قال لي أبي وسيدكم: ألم أقل لك أنك قادم لا محالة، وأن أحزاب المعارضة التي رفضت العصيان المدني في مايو لأنها أقدر على معرفة نبض الشارع المصري صفعناها على قفاها ثلاث مرات في مراحل الانتخابات التشريعية، ثم أسقطنا أهم رموزها، وقريبا سينتظر الرجل الحالم الدكتور أيمن نور زيارة في سجنه تحمل له السجائر الأجنبية وبيجامة نظيفة وأربعة كيلو تفاح لتوزيعه على زملاء الزنزانة وحارسهم.
قلت له: هل يعني هذا أنني عندما أصبح سيد القصر أستطيع أن آمر باغتصاب المصريين واحدا تلو الآخر دون أن تتحرك مجنزرة من موقعها أو جنرال من ثكنته أو لواء من مكتبه أو منزله احتجاجا على ما يحدث لأهل بلدهم؟
أيها المصريون،
معذرة فلن أستطيع البوح برد أبي السيد الرئيس، لكنني أعترف لكم جهرا وعلانية وأمام العالم أن سنوات حكم والدي التي شهدت النهب الختامي لأم الدنيا، وكادت تفرط في كل شبر من أرضكم، وفتحت مغارة علي بابا لأربعين ألف حرامي كل في تخصصه ومبتغاه، فمنهم من يسرق الأراضي الزراعية ليقيم عليها مشروعاته الخدمية، ومنهم من تخصص في تخصيب أجسامكم بعدة أنواع من السرطان، ومنهم من ساهم بجعل أكباد ثمانين بالمئة منكم تعمل بنصف طاقتها وتعد العدة لالتقاط أمراض أخرى تعجل في موتكم، هي سنوات البهجة والسعادة مقارنة بفترة حكمي التي سأجعلكم خلالها متسولين وشحاذين وأقل شعوب العالم شأنا وقيمة وكرامة.
أما البطالة الحقيقية والمقنعة، والأمية، والتعليم الفاشل، والتطرف الديني، والتمييز العقيدي، والفتنة بين أبناء الوطن الواحد، ونصف مليون مدمن، ومئة ألف مسجل خطر، وملايين من سكان المقابر، فأعدكم أنها ستتضاعف ولن يتسلم مصر من بعدي أحدٌ إلا ويجدها قاعا صفصفا تذروه الرياح.
لقد قرأتم وسمعتم وشاهدتم كل أنواع التحريض الشرس لعلكم تثأرون لكرامتكم، وتقرأون على الانترنيت، ويسمع الأميون منكم حكايات يشيب لها شعر الولدان، وليس لأحد منكم العذر في عدم المعرفة، فكل منكم حسب مستواه الفكري والثقافي يعلم تفاصيل جحيمية عن عهد أبي، ثم يلتزم عهدا قطعه على نفسه بقطع لسانه.
أيها المصريون،
ألا ترتعش أجسادكم؟
ألا تسري في نفوسكم الآن رغبة في التمرد والثورة؟
ألا يقرأ كلماتي تلك رجل منكم عاقل وحكيم وثوري يخرج من بينكم فوق دبابة أو في انقلاب في القصر أو يحيط ورهط من زملائه الأحرار بماسبيرو؟
ألا تريدون أن تعيشوا كبقية خلق الله؟
ألا تتبادلون كالأحرار بيانات الغضب والثورة، مثل( الوصايا العشر للاطاحة بالرئيس حسني مبارك) و (كيف تقنع المصريين بأن لهم كرامة؟) وعشرات غيرها، وتضيفوا إليها حرقتكم ودموعكم وحسرتكم على بلدكم، للتتكوم في النهاية بوادر تحرير شعب؟
مرة خامسة وعاشرة وللمرة السبعين: ماذا نفعل بكم لكي نستثير الغضب والكرامة ومشاعر انسانية بسيطة تجعلكم تنظرون في يوم من الأيام في عيون أولادكم دون خجل أو مشاعر ذل ومسكنة؟
هل تعرفون الآن ماذا سأفعل بكم؟
لابأس من ممارسة الحياة العادية، وأن يقرأ كل منكم كلماتي تلك، ويبتسم، ويتصفح ما بعدها فالأمر لا يعنيه، وهي كلمات كرذاذ المطر أو كنسمة صيف، فوالدي محق في كل ما علمني إياه، وأنتم محصنون ضد مشاعر الغضب للكرامة، فتفضلوا، وانتقلوا إلى صفحة أخر وموقع آخر، وتبادلوا الحوارات والتعليقات، واستخرجوا من كلماتي مبررات لصمتكم القاتل.
أيها المصريون،
الآن أستطيع أن أنام ملء جفوني، وأحلم بفترة رئاستي الرابعة بعد ربع قرن من الآن، هذا إن بقي في مصر شيء واحد أحكمه.
أما لو أعد لي القدر معجزة تحقيق المستحيل وبدأتكم في تبادل بيانات الغضب تلك، فأغلب الظن أن المظاهرة المليونية ضد حكمنا التي سيدعو لها كاتب هذه السطور في موعد يتحدد لاحقا ستكون نهاية حقبة المذلة والهوان.
أيها الغضب .. أيتها الكرامة، كم خذلكما المصريون؟
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
Taeralshmal@gawab.com
Taeralshmal@hotmail.com
Fax: 0047+ 22492563
Posted by: محمد عبد المجيد | Monday, 16 January 2006
The comments are closed.