الوعي المصري

أخي العزيز وائل

أتمنى أن تكون بخير

أولا أود أن أحييك على جهدك الدءوب ومتابعتك المتواصلة
التي تنقل لنا الأحداث طازجة . ولتواصلك المستمر
وانتشارك الايجابي.ثانياً كنت عملت مداخلة لك عبر سندباد
كوفي ولكن أود أن أتحدث أليك حديث خاص وللأسف أنا موجود
خارج مصر حتى أول أغسطس القادم لذلك رأيت أن أرسل إليك
رسالة خاصة مباشرة بعيداً عن المنتديات.

أنا مقدر حماسك وبحثك الجاد لابتداع أشكال ووسائل جديدة
للحركة تكسر طوق العزلة وتحقق التواصل مع الجمهور وهو
هدف عظيم نسعى جميعاً من أجله.ولكن أتمنى أن يتسع صدرك
لمناقشة هادئة حول موضوع المظاهرات الأخيرة ، واسمح لي
أن أوضح بعض الحقائق ومنها:
ـ كانت التظاهرات حتى وقت قريب تعتمد على التجمع في
ميدان التحرير باعتباره قلب القاهرة ولكن ذلك كان يسهل
حشد القوات لمنع التجمع ويسهل حصار المتظاهرين ومنع
الناس العاديين من الالتحام بالمظاهرات.
ـ كانت هناك فكرة نقل المظاهرات إلى أماكن متفرقة
بالقاهرة مثل مجلس الشعب وأمام سفارة قطر وفى السيدة
عائشة وغيرها ، وكانت غالبية المظاهرات قاصرة على النخبة
السياسية لا توجد وجوه جديدة.
ـ مع بداية التحركات الأخيرة وظهور التجمعات المطالبة
بالإصلاح السياسي ، تم الخروج من دائرة مظاهرات التحرير
إلى دار القضاء العالي ( كرمز للعدالة للمفقودة) وأمام
جامعة القاهرة وفى شبرا بما يحقق الانتشار وزيادة حجم
المشاركة من غير المسيسين والخروج من دوائر النخبة.
ـ إن ضريح سعد على سبيل المثال هو رمز للدستور
والديمقراطية والإصلاح السياسي الحقيقي الذي ننشده ، فهو
ليس مجرد مكان ولكنه مكان رمز. 
ـ إن التجمع أمام نقابة المحامين والصحفيين هو أيضا رمز
لوجود الفعاليات السياسية بين منظمات المجتمع المدني
وخارج دوائر الأحزاب المرخصة.
ـ إن الأخوان المسلمين أصحاب التوجهات الدينية لم
يتظاهروا أمام جامع الفتح باعتباره مسجد بل باعتباره في
ميدان من أهم ميادين القاهرة وتم ذلك بالتوازي مع
تواجدهم أمام نقابة الصحفيين وأمام نقابة الأطباء كرموز
لمنظمات المجتمع المدني.
ـ إن ما حدث مع علاء سيف يوم 25 مايو شئ صعب وهو كان له
موقف شجاع ولقد طرحت على النت ضرورة أن ننظم حملة لشراء
لاب توب لعلاء بدل الذى سرق ولكن لم يستجيب اى من زعماء
الحنجورى لهذا النداء الذى يدعوا لموقف عملي . ورغم ذلك
ارسل لى عشرات الزملاء عبر النت يسالون كيف يمكن دفع
تبرعاتهم وأرسلت عدة رسائل اليكترونية للزملاء بالقاهرة
ولكن ما من مجيب وأنا مهاجر قليل الحيلة . أليس ذلك موقف
عملي كان يمكن الاستفادة منه وهو ليس مجرد خدمة لعلاء بل
إعلان عن رفض ما حدث بطريقة عملية ولكن ماذا نفعل " هذا
طينك يا الله !!! " .
ـ إن التظاهرات والتحركات الاحتجاجية التي تتم يجب أن
تكون في مواقع ذات رموز ودلالات واضحة لدينا ولدى
الجماهير ولدى الحكومة وليس لمة والسلام وهيصة وصلى صلى.
إن هدفنا المشترك هو جذب أوسع قطاعات من الجمهور
للمشاركة والخروج من دوائر النخبة المثقفة إلى الجماهير
البسيطة وابتداع أشكال جديدة تحقق ذلك.
ـ إن شعار كفاية بلونه الأصفر أو شعار " الحرية الآن "
شعارات نسعى لترسيخها في أذهان الناس بكافة الأشكال ولكن
ذلك لن يتحقق سوى عبر تطوير وعي الناس والارتقاء بهم إلى
المشاركة السياسية الفاعلة وليس مجرد الفرجة .التحول من
المشاهدة إلى المشاركة هذا هو هدفنا الذى اعتقد إننا لا
نختلف حوله.ولكن تطوير الوعي العفوي إلى وعى اجتماعي
ووعي سياسي يحتاج إلى ابتداع وسائل جديدة لن تتحقق بكنس
السيدة أو إشعال الشموع أمام كنيسة الزيتون. إننا بحاجة
إلى اختيار مواقع تعبر عما نريده وتكون لها دلالتها
السياسية الواضحة لدي الحكومة ولدي الناس العاديين .

من حق علاء سيف ومنال أن يفكروا في موضوع كنس السيدة ،
ومن حقك أيضاً أن تدعوا لإشعال الشموع أمام كنيسة
العذراء ولكن ذلك لن يقدم جديد بل أنه يرسخ الوعي العفوي
ويكفى الشعب المصري شعبان عبد الرحيم والبانجو والإعلام
الحكومي الذى يصب مخلفاته في عقول الناس ليل
نهار.فواجبنا جميعاً هو تطوير وعي الناس لا التعامل مع
تخلفهم.

إن التظاهر وسيلة والمكان رمز وأنا متفق معك في إننا لا
يجب أن نحمل الأمور فوق طاقتها ، أنا واثق من حماسك
ونيتك ومعك في البحث عن أشكال جديدة وابتداع طرق جديدة
للتواصل ولكن ليس عبر تأبيد التخلف القائم.أتمنى أن يتسع
صدرك لهذه الملاحظات من أخ عجوز يريد التواصل معك من
واقع الحرص على أن نستمر نسير معاً على نفس الطريق الوعر
ونهدف إلى تحقيق إصلاح شامل حقيقي.

بالمناسبة فيه كتاب قديم مهم للدكتور سيد عويس اسمه "
رسائل إلى ضريح الأمام الشافعي " ياريت لو عندك وقت تبحث
عنه وتشوفه لأنه بيحلل مضمون رسائل البسطاء الذين ضاقت
بهم الدنيا ولم يجدوا أمامهم سوى الإمام الشافعي ( قاضى
الشريعة ) لينقذهم .   

أتمنى تكون فهمت وجهت نظري وان يستمر الحوار بيننا ، وأن
نتفق معاً على أن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .
وأن أظل صديقك العجوز الذى يبحث معك عن الجديد ويتمنى أن
نصل إليه معاً بالعديد من المبادرات الخلاقة .

منتظر رأيك .