Ok

By continuing your visit to this site, you accept the use of cookies. These ensure the smooth running of our services. Learn more.

Friday, 10 June 2005

أزهى عصور الاصبع الوسطى - طارق جابر

رغم أن ما حدث يوم الاستفتاء من بلطجة وتحرش وضرب وهتك أعراض كان كارثة بكل المعاني، إلا أن الكارثة الأكبر كانت رد فعل النظام تجاه ما حدث.



فحتى على فرض براءة النظام من تدبير هذه الجريمة وحتى بمفهوم الأب رب الأسرة الكبيرة كان ما نقلته الكاميرات يوم الاستفتاء من تجاوزات بحق مواطنين مصريين كفيل بزلزلة عرش الملك وإثارة ثورة النظام ومواطنيه يتعرضون لهذا الامتهان والانتهاك.



كان أقل رد فعل هو تحميل وزارة الداخلية المنوط بها حفظ الأمن في ربوع البلاد المسئولية عن هذه التجاوزات وتقديم اعتذار رسمي للشعب والاعلان عن تحقيق علني وشفاف لتقديم المسئولين والمتورطين للمحاكمة دون أدنى تقاعس أو رحمة.



لكن الكارثة التي فاقت الحدث ذاته هي أن أي من ذلك لم يحدث، وكان رد الفعل الرسمي هزيل بدرجة مشينة، حتى أن رائحة التواطؤ بالصمت والقبول قد فاحت وزكمت الأنوف، وقد كان من سخريات القدر أن يصدر الاستنكار والرفض عبر المحيط وأن يصدر الوعد بالتحقيق في ما جرى بعد لفت النظر والتوبيخ الذي تلقاه النظام هنا على هذه التجاوزات.



إن ما وقع يوم الاستفتاء والصمت المريب الذي تلاه والتحرك الهزيل الذي تبعه ليس نذير شر ولا فأل شؤم بحال، بله هو شر مستطير وشؤم محقق قد وقع، وتداعياته آتية لا محالة.



**



الحل



لا شك أن هناك من ورط النظام والحزب الحاكم في شر أعماله بإخراج أعمال البلطجة والسفالة والوضاعة التي وقعت يوم الاستفتاء، وسواء أوقع النظام في هذه الخية بارادته بالتحريض على ما جرى وترتيبه أو رغما عنه بالاستهانة بكرامة المصريين وأعراضهم لحد غض الطرف عما جرى والتستر على فاعليه، سواء كانت هذه أو تلك فإن على النظام أو الحزب أن يفكر في مخرج من هذه الخية.



الحل البسيط والمنطقي كان هو تقديم الاعتذار للشعب واقالة المسئولين المباشرين من رجال الأمن وفتح تحقيق علني لمحاكمة كل مسئول ومتواطيء في الفضيحة.



لكن الطبيعة المركبة لعقل النظام أهدرت الحل البسيط، ربما كنوع من الكبر وانكار الجرم أو الانفة عن الاعتراف بالمسئولية أو التقليل من شأن ما وقع، أو حتى بإعتبار أن من وقع في حقهم الجرم مجرد قلة فاسدة خائنة مندسة لا كرامة لها ولا إل ولا ذمة.



أيا ما كان السبب يبقي من واجب النظام أن يبحث عن مخرج من هذه الخية، وقد يكون المخرج أبسط من الحل الأول وأقرب إلى فكر النظام والحزب.



فكل ما على النظام هو أن يتخذ من الاصبع الوسطى شعارا لفكره ومنهجه، يدمجه مع عبارة الفكر الجديد التي يسوق بها سياساته.

وليكن نص الشعار المصاحب لصورة الاصبع الوسطى المشهرة هو أزهى عصور الاصبع الوسطى، وحتى يجبر النظام خاطر المواطنين الذي تعرضوا للأذى بإعتبار أن ما وقع لهم على يد أنصار الحزب والنظام إهانة وهتك عرض وإمتهان فليس على النظام إلا أن يعلن أن التحرش الجنسي وهتك الأعراض ليس إلا مظاهر احتفاء وترحيب تنفلت فيها مشاعر المحبة فلا يقوى المحب على كبت فيض مشاعره وتحرقه لمحبوبه الذي هو الشعب فتخرج انفعالاته في صورة ما عاينه الناس يوم الاستفتاء.



أما مسألة اشهار الاصبع الوسطى في وجه المتظاهرين فيمكن للنظام أن يتغلب على تداعياتها السيئة باعتماد الحركة كتحية رسمية للحزب بجانب اعتمادها كشعار مرسوم ومكتوب.



وليلعب الاعلام دوره في فك هذا الالتباس وسوء الفهم من جانب المواطنين والمراقبين من الداخل والخارج بأن ينقل على الهواء اجتماعات للحزب أو الحكومة يقوم فيها أمين الحزب بأداء الحركة لأمناء المحافظات فيردون عليه التحية بأحسن منها، وأن يشهر رئيس الوزارة اصبعه الوسطى للوزراء في اجتماعات مجلس الوزراء ويبادله الوزراء نفس التحية.



وسيكون من بين الفوائد الجمة لهذا الحل أنه عندما يحتدم النقاش أو النزاع بين مسئول ومواطن فإنه سيكون بمقدور المسئول أن يشهر اصبعه الوسطى للمواطن كنوع من التحية، كما سيكون بمقدور المواطن رد الحركة بمثلها كنوع من تهدئة النفوس وإعادة النقاش إلى هدوئه وطابعه الودي.



وعلى النظام ألا يأنف من رد التحية من قبل الاعضاء الأدنى مرتبة لأصحاب المواقع القيادية، وذلك حتى ينفي أي شبهة اساءة من هذه الحركة.



أعتقد أن هذا الحل أبسط بكثير وسيحفظ للنظام والحزب ماء وجهه ولن يصبح معه مضطرا إلى الاعتذار لأحد، وربما سرت العدوى بين المواطنين فأصبحت تحية الناس لبعضهم البعض في الشارع والاوتوبيس والمصالح الحكومية هي اشهار الاصبع الوسطى.



بذلك تنفك العقدة وتنحل الازمة ويرفع الحرج ويهتف الجميع..عاش الاصبع الوسطى في أزهى عصوره.

Comments

جامدة جدا

Posted by: Ahmed | Saturday, 18 June 2005

The comments are closed.