Ok

By continuing your visit to this site, you accept the use of cookies. These ensure the smooth running of our services. Learn more.

Friday, 13 May 2005

مرة واحد دكتور - زينب بنداري

فى عصرنا يوجد مصاصو دماء.. وعلى كل شكل ولون.. يتلذذون بتسخير الناس
وبإحساسهم المزيف ان رقباهم فى أيديهم.. وبرغم زيف الإحساس.. فانهم ينجحون لأن
الناس لا ترى الزيف بل ترى الحاجة التى من أجلها ترضخ لمصاصى الدماء

و من اهم أنواع مصاصى الدماء فى زمننا.. دكاترة الجامعات
طبعا صددت نفسك وقد لا تكمل قراءة الموضوع, وعندك حق أكيد أنك قضيت فترة
من عمرك بين قبضتهم ولا تريد أن تتذكر الأيام الجميلة حين كنت تضطر لدفع
ثمن الكتاب الذى يفرضه عليك الدكتور لتحصل على شيت الأسئلة "قال يعنى هتعرف
تجاوب" ثم تسلمه مرة أخرى "قال يعنى الدكتور هيقرأ الشيت" وبذلك لا يضعك
الدكتور فى القائمة السوداء للراسبين فى مادته لهذه السنة ولكنك "يا حلو"
لا تضمن أنك ناجح.. هو فقط أمل فى النجاح.. والذى لا يعتمد على عبقريتك فى
أجابة أسئلة أمتحان أخر التيرم ولكن على الكمية التى كتبتها والتذويق
والترويق فى ورقة الإجابة

يالها من أيام.. رائعة كنسائم الربيع مرت... و يا عم اكسر قله وراها
أتتذكر الأبحاث التى كان يطلبها مصاص دمائك.. وتدخل فى بلاهة إلى المكتبة
تبحث عن كتب "تنقش" منها المراد أو تنتظر أن ينتهى شطورة دفعتكم من عمل
"الشغلانة كلها" وتوزيعها على الرفاق.. "وفى بطنك بطيخة صيفى" فمصير الأبحاث
إلى سلة المهملات و تحصلون على درجات أعمال السنة ويا دار ما دخلك شر

أما المحاضرات.. فلا فائدة كانت ترجى منها وانت أعلم بكفاءة الدكتور فى
شرح المادة وقدرته الرائعة على الكلام المتواصل وأنت فى آخر المدرج "هذا إذا
كان حضرت المحاضرة مجبرا لأن الدكتور يأخذ الغياب" المهم أنك فى آخر
المدرج سارح فى ملكوت الله.. ونهارك لن تعرف له لون إذا فجأة طقت فى دماغ
الدكتور وسألك "هو كان بيقول إيه".. شوف سؤال سهل خالص

تذكرت حكاية.. حدثت بحق لدفعتى فى إحدى سنوات الدراسة المجيدة

قال إيه.. قرر علينا الدكتور فصلين من كتاب مادة شعر.. و دورنا يتلخص فى
حفظ الفصلين بأشعارهما وتحليلات الدكتور المذكورة فى الفصلين
وفى اليوم المنتظر دخلنا لجنة الإمتحانات.. وهى بالمناسبة خيمة كبييييييرة
منصوبة فى أرض خالية بجانب الكلية.. يتواجد فيها كل لجان الدفعة بأقسامهم
المختلفة
و تم توزيع ورق الأسئلة علينا.. وكانت عادتى أن أخذ الورقة مقلوبة و أقرأ
أولا الدعاء المأثور "اللهم لا سهل إلا جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إن شئت
سهلا" ثم أقلب الورقة و أبدأ فى قراءة الأسئلة

...ولكن

الورقة الكريمة تشتمل على .. سؤالان فقط... دا عادى يا جماعة.. دا الطبع
الدكتور

طيب.. أين المشكلة؟

المشكلة أنى لما قرأت السؤالين.. لم أتعرف عليهما.. ولا أعرف إجابة ولو
سؤال واحد منهما.. مع إنى والله يا ناس داخلة الإمتحان وأنا مذاكرة المادة
كلها.. الفصلين يعنى.. فى حين أن هناك من زملائى من لم يذاكر غير فصل احد

طيب يعنى إيه.. أكون اخدت المنهج غلط؟؟
نظرت حولى.. ولاحظت أن الجميع مضطرب مثلى وبدأت الاصوات ترتفع.. الأسئلة
دى مش علينا..الحمد لله.. مش انا لوحدى.. و ارتفعت أصوات الجميع فى كل
لجنة.. وطبعاً اللجان كلها مفتوحة على بعضها
حاول المسئولون عن مراقبة الإمتحان تهدئتنا.. وقالوا انهم سيبعثوا للدكتور
أن يأتى

..وفعلا هدأنا وقعدنا نتكلم شوية .. فى إنتظار بطلنا المنتظر

ودخل الدكتور واثق الخطى كأنه كان ولد فى عز الشتاء وأخذت برودته تسرى فى
الدم القرمزى لدكتورنا الحبيب

"سلامو عليكو يا ولاد.. إيه فى إيه بأه".. الصراحة الراجل كان ذوق معانا
أوى على غير العادة
"قلنا" يا دكتور الأسئلة دى مش علينا
"قال والبرود قطرات متلئلئة تنزل من جبينه الوردى" إنتو سنة كام؟
"قلنا "إحنا سنة تانية يا دكتور
"قال" قسم إيه؟
"قلنا "إنجليزى يا دكتور؟

ثم صمت قليلاً.. وأطلق علينا قذيفته المدوية " طيب.. إنا قررت عليكو كتاب
إيه السنة دى؟"
"قلنا" الكتاب الفلانى
"قال" طيب.. انا قررت علكيكو إيه السنة دى منه؟
"قلنا" الفصل الفلانى والفصل العلانى

"ثم.. سألنا الدكتور واللطف والرقة كأنهما غلاف سوليفان لكلماته.. "طيب..
أكتبوا الفصل الفلانى
"والحقيقة أن الفصل العلانى كان أسهل من الفلانى.. فاتدلعنا على دكتورنا
حبيبنا وقلنا له " لأ يا دكتور عايزين نكتب الفصل العلانى

وابتسم الدكتور ووافق على طلبنا المتواضع... وبسرعة البرق قام المراقبون
بتجميع أوراق الأسئلة ورقة ورقة

وجلسنا فى هدوء نكتب ما نحفظه من الفصل بأشعاره وتعليقات الدكتور
وبينما كنا نكتب جاءت ورقة الأسئلة تحمل سؤالا واحدا كما وعد الدكتور

وانتهى الامتحان الجميل.. واطبخت العملية وكأن شيئا لم يحدث.. وفى هذه
السنة أكرمنا الدكتور آخر كرم كما لم يكرم الدكتور أى دفعات سابقة أو تالية

The comments are closed.