Ok

By continuing your visit to this site, you accept the use of cookies. These ensure the smooth running of our services. Learn more.

Friday, 01 April 2005

سؤال مجنون - يوسف فضل الله

رئيس جمهورية
الأخ العزيز حسام عبد القادر الصحفي لدى مجلة أكتوبر يقوم بتحقيق صحفي إجابة عن سؤال يقول : " ماذا تفعل لو كنت رئيساً للجمهورية ؟" مع أن السؤال مفتوح أي لم يوضح أي جمهورية ؛ عربية أم غير عربية ، وذلك حتى تتحدد رؤيتي كرئيس جمهورية لما أريد أن أفعله من واقع طبيعة الحياة التي تعيشها تلك الجمهورية . مع قناعتي أنه لا توجد جمهورية عربية باستثناء الجمهورية اللبنانية التي إلى حد ما كانت تعد جمهورية سابقا مع أنها قائمة على التوازن الطائفي . ما أقصده بكلمة سابقا : انه بعد 16 عاما من الحرب الأهلية عاد اللبنانيون إلى اكتشاف المعادلة السياسية القديمة حسب دستور لبنان الصادر عام 1943 والذي وضعه الإستعمار الفرنسي " بأن لبنان لا يمكن أن يعيش إلا بطوائفه " أي عدم إلغاء الآخر . فاي جمهورية عربية ، وكل جمهوريات العالم الثالث باستثاء الهند ، هي في واقع الحال دكتاتورية شمولية ، مع أن الدستور للجمهورية وضعه الإستعمار إلا أن الحاكم الدكتاتوري ألغاه وفصَّله لاحقا على مقاسه لحفظ مصالحه الخاصه وللبقاء على كرسي الحكم مدى الحياة في العهد الذي يسمى عهد الإستقلال . لكن والدي يرحمه الله أجاب لي عن هذا السؤال قبل 30 عاما مضت حينما سألني ماذا تريد أن تصبح ؟ أي ماذا تريد أن تكون مهنتك في الحياة ؟ لم أكن أعلم بعد أن عيش مستقبل المواطن العربي الكريم سينحصر بلعب الكرة والتمثيل والغناء والرقص. لكني أجبت والدي :" رئيس دولة " . ضحك مني وعلي وعقب :" هذه المهنة لا تجيب همها ، فان لم يقتلوك بانقلاب عسكري قتلتك هموم الشعب الذي لا يعرف ماذا يريد ". أقنعني جوابه فصرفت النظر عن هذه المهنة ، لكن لا زلت أمتلك المقدرة والرغبة بالإجابة عن سؤال :"ماذا يريد الإنسان العربي من رئيسه ؟" . يريد الإنسان العربي أن يشعر أنه إنسان عادي يعيش في دولة قوية . أهذا كثير؟ أم حقا لا يعرف الرئيس العربي ماذا تريد الرعية منه ؟

الداعية " رقية "

ثارت ضجة إعلامية عندما تولت الدكتورة آمنه عبد الودود ،أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة كومنولت في ولاية فرجينيا الأمريكية ، خطبة وإقامة صلاة الجمعة المختلطة في كنيسة سينود هاوس في مدينة مانهاتن ، نيويورك مما يثير أكثر من علامة استفهام . حتى أن العقيد معمر القذافي تناول الحدث من باب الإتهام والزعم بأنها حائض وذلك في كلمته في قمة الجزائر . وكأن القذافي كان على علم بموعد الدوره الشهرية للدكتورة لآمنه .ماذا لو كانت الدكتورة آمنه في سن اليأس أي لا تأتيها الدورة الشهرية ؟ وكيف يعرف العقيد القذافي أن الإمام الذي يصلي وراءه على طهارة ؟ ألا يعلم العقيد القذافي أن هناك قارئات قرآن في مساجد اندونيسيا التي يؤمها الرجال ؟ لم يثر الحدث استهجاني لأن إمامة المرأة المسلمه لصلاة الجمعة المختلطة ليس بجديد إذ كنت قرأت مقالا للدكتور عبد الرحمن حمود السميط رئيس تحرير مجلة الكوثر الكويتية العدد 65 اصدار مارس 2005 عن الداعية " رقية " والتي أعتبرها جندي إسلامي مجهول حين أسلمت بعد تردد بين الوثنية والنصرانية . وقد استقرت رقية في قرية " أيو " التي يقطنها حوالي خمسة آلاف نسمه وتبعد جنوبا عن عاصمة بنين حوالي 68كيلوا متراً ويعيش سكانها على محصول الكسافا وهو نوع من الخضر شبيه بالبطاطا ولكن حجمه أكبر ويتراوح وزنه بين خمسة وعشرة كيلو ويطبخ مع الفاصوليا ويصنع منه الخبز . اعتمدت الداعية رقية في عيشها على بيع المواد الغذائية في تلك القرية . وبعد حوالي 35 عاما على استقرارها في تلك القرية فكرت في نشر الإسلام بين أهلها رغم أن معلوماتها الدينية لا تتجاوز حفظ سورة الفاتحة ومعلومات بسيطة جدا عن الدين الإسلامي . إذ آمن القليل من سكان قرية " أيو " بالإسلام ، لكنها احتارت في أمرهم فهم لا يعرفون الفاتحة بل لا يحفظونها ولا يعرفون عن كيفية الصلاة . فاهتدت باجتهادها إلى إقامة صلاة الجماعة فيهم بحيث تكون هي الإمام للجماعة التي تضم الرجال والنساء وفي مكان واحد ( ليس داخل كنيسة )فأصبحت بذلك إمام المسلمين في القرية ومرجعهم الديني . يختتم الدكتور عبد الرحمن مقالته " وطلبت مني رقية تعيين داعية يقيم بينهم ويؤمهم في صلاتهم ويعلمهم أمور دينهم بعدما علمت أنها لا يصح لها أن تصلي بالرجال والنساء ".

إمامة الداعية رقية في الصلاة ( ليس يوم الجمعة فقط ) لم يثر الاستنكار إما لأنه حدث في قرية أفريقية ولم يعلم به أحد وإما لأنه يلبي حاجة وبعيد عن الأهداف السياسية . وإذا كانت أمريكا حريصة على مشاركة المرأة لديها في كافة نواحي الحياة فالأولى أن تقيم المرأة الأمريكية صلاة الأحد والقداس . وهل تقيم المرأة اليهودية الطقوس الدينية في الكنيس ؟

سؤال مجنون

كتب جوزف جوف في مجلة Foreign Policy عدد فبراير 2005 مقالا مطولا تحت عنوان " عالم بلا إسرائيل " يسرد فيه فوائد وجود دولة إسرائيل في العالم العربي والغربي منها ؛ لولا وجود دولة إسرائيل لم يكن بالإمكان أن يكون للفلسطينيين دولة مستقله لأنه حتى لو انتصرت الجيوش العربية في حرب 1948م لما أنشأت دولة فلسطينية في ذلك الوقت لأن هدف الجيوش العربية كان الإستيلاء على فلسطين وليس تحريرها . وأن إسرائيل لا تخلق التوترات بل تحتوي العداوات أكثر مما تتسبب فيها . فاسرائيل " دولة اليهود الشجعان " ازدهرت ديمقراطيتها في مناخ عربي معاد للحرية . الكاتب لا يقبل مناقشة فكرة وجود إسرائيل لأن هذا حق لها ولم يتواضع بالقبول بمسائلة إسرائيل عن سلوكها ربما لاعتقاده أن ما فعله اليهود بالشعب الفلسطيني ليس نابعا من كراهيتهم بل من تبرير عقدة خوف اليهود الدائم منهم .

أقول طبعا الشعب الفلسطيني ناكر للجميل بأن أوجدت له إسرائيل دولة مستقلة السجون . وأن اليهود انشأوا دولتهم بسبب التوترات التي خلقها لهم الشعب الفلسطيني الذي صنع المذابح ضد اليهود لأن الشعب الفلسطيني حزب نازي . لذا جا ء اليهود لينشروا في أرضنا ديمقراطية القتل والتشريد . والظاهر للكاتب أن الشعب العربي لم يكن موجوداً قبل نشوء إسرائيل ؟ أيضا الحضارة الإسلامية لم يعرفها العالم إلا بعد نشوء إسرائيل . ما يدخل السرور إلى قلبي أنه قبل موتي اكتشفت بفضل هذا الكاتب بركات إسرائيل . السؤال الذي لم يجب عليه الكاتب ولو من باب البعد الأخلاقي هو طالما أن إسرائيل حسب رؤية الكاتب هي البلسم الشافي الذي يروج له فلماذا لا تداوي إسرائيل جراح الشعب الفلسطيني وتقبله للعيش معها بدولة مشتركة للشعبين . لترينا إسرائيل بعضاً من انسانيتها إذا قدرت ؟ أم أن هذا سؤال مجنون يخاطب ضمير ميت ؟ أم أن الكاتب كريم بالتلذذ بمأساة هذا الشعب ؟ أنسي هذا الكاتب أن يقول لنا بأن المذابح التي حصلت ضد الشعب الفلسطيني هي من نسج الخيال الفلسطيني والدعاية العربية ؟

يستنكر الكاتب الصيغة اللينة " السبب الجذري " القائله بأن الإسرائيلين المتعنتين هم المذنبون الرئيسيون وأنهم لا يريدون السلام . فهو بذلك يمارس ما يذكرنا به سيغموند فرويد من أن الهوس يميل للانتشار " على العرب أن يقبلوا الحقائق الجديدة من وجهة النظر الإسرائيلية فقط " . وكأن الشعب الفلسطيني الذي يعيش معظمه في الشتات قد ترك أرضه بمحض ارادته ولم يطرد منها وانما بإتفاق مع الشعب اليهودي وأن الشعب الفلسطيني لم تكن تحدث له المذابح لو (حرف امتناع لامتناع ) لم يقاوم الإحتلال أي ببساطة أن قدر الشعب الفلسطيني أن يذبح بأيدي اليهود لأن إسرائيل لها الحق بالوجود . حتى أن الكاتب يناكف بأن إسرائيل ليست بجار سيء للعرب وليست بدخيل بل جار يتوجب الترحيب به .

يطرح الكاتب سؤال خبيث جداً على أمريكا :" هل ستقل كراهية العالم الإسلامي للولايات المتحدة إذا اختفت إسرائيل ؟" وهل كانت هناك عداوات بين الولايات المتحدة بل واليهود أنفسهم والعرب والمسلمين قبل انشاء دولة إسرائيل . بل إن الكثير من الجنود العرب والمسلمين كانوا يحاربون مع الحلفاء ضد دول المحور .

أميل إلى اللقاء على أرضية مشتركة مع الكاتب الذي (أختلف معه ) حين يطلب من كل ضمير صاف ( الذي يفتقده الكاتب ) أن يعلن بصراحة ما إذا كانت عناصر العجز العربي ستختفي مع اختفاء إسرائيل ؟ الجواب الجازم لا ، لأن كوارثنا هي صناعة عربية عربية لأننا نعاني من نقص الحرية والإفتقار إلى المعرفة وحركة النمو الاقتصادي . ولو لم نكن كذلك لما أتيحت للكاتب جوزف فرصة طرح هذا السؤال أو حتى التفكير به !!

The comments are closed.