Ok

By continuing your visit to this site, you accept the use of cookies. These ensure the smooth running of our services. Learn more.

Friday, 15 April 2005

راسبوتين الصغير - د. محمد منير مجاهد

بعد صمت طويل أطل علينا يوم السبت 12 مارس 2005 الفنان الشاب أحمد الفيشاوي في برنامج "البيت بيتك" الذي استضافه ومهندسة الديكور هند الحناوي مع الشيخ جمال قطب أحد المشايخ السابقين بلجنة الفتوى ليدلي بدلوه في قضية إثبات النسب المرفوعة ضده من المهندسة هند. وخلاصة ما قاله هو اعترافه بعلاقة جنسية وأنها تمت خارج إطار الزواج مع كمية لا بأس بها من اللغو المتستر بالدين الذي أصبح الفنان الشاب من فرسانه الجدد ويتكسب من ورائه في الفضائيات العربية.



استخدم الفنان الداعية نفس حجج راسبوتين رجل الدين الروسي الشهير قبل الثورة الروسية من أن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابين (وهي مقولات دينية صحيحة) ولكن ما أضافه كل من راسبوتين الكبير وراسبوتين الصغير هي الخطأ عن عمد ثم التوبة والخطأ والتوبة في دائرة لا نهائية وفي كل مرة يتضاعف الثواب. وقد نجح راسبوتين الكبير باستخدام هذه النظرية في الإيقاع بالعديد من نساء الأرستقراطية الروسية.



النوع الوحيد من الزواج الذي أعرفه هو الزواج الموثق ولا أعترف بما يسمى بالزواج العرفي الذي انتشر مع ما يسميه البعض بالصحوة الإسلامية حيث أصبح الهم الشاغل للمجتمع البحث عن فتوى. وسمعنا عن الزواج العرفي وزواج المسيار وزواج المتعة وكلها أغطية لعلاقات جنسية صريحة ولا هدف لها إلا الجنس. وتقر بعض المجتمعات العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج وتسمح بها دون الحاجة للنفاق والتسربل بالفتاوى التي تحلل الحرام. وحينما كنت طالبا بالجامعة منذ أكثر من ثلاثين عاما - قبل الصحوة الإسلامية - لم يكن النفاق قد انتشر ولم نسمع عن زواجا عرفيا كالمنتشر الآن. وقد شهدت بعض حالات الزواج السري بين المحبين من الزملاء والزميلات في ذلك الوقت وكان معناه الوحيد هو أن يذهب المحبين – دون علم الأهل - بصحبة أصدقائهم إلى المأذون لعقد القران. ولن أدخل في جدل حول مدى صحة أو خطأ هذا النوع من الزواج فليس هذا موضوعنا الآن. المهم من وجهة نظري هو استعداد الشباب في تلك الأيام لتحمل مسئوليتهم بتوثيق هذا الزواج رغم سريته على الأهل. أما في زمن الصحوة فالزواج العرفي هو وسيلة للاستمتاع بمزايا الزواج مع اتاحة الفرصة للشاب بأن يتنصل من مسئولياته بسرقة الورقة العرفية إن وجدت أو بالإدعاء كما فعل راسبوتين الصغير بأنها مجرد علاقة زنا .... يا سلام.



أما الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا فقد كان كغيره من الأزهريين الذين تقاس معرفتهم وعلمهم بمقدار ما استظهروه وحفظوه من كتب السلف التي اصفر ورقها من القدم دون أن يعملوا عقولهم أو يستخدموا أدوات العصر الذي يعيشون فيه، ويظنون أن الزمن قد أكسب هذه الكتب الصفراء قداسة وأنها كلام وحكم الله. وكلنا نعاني من فهم هؤلاء لما ورد في القرآن الكريم عن تحديد بدايات الشهور العربية والتي لم يكن من الممكن تحديدها في فترة نزول القرآن بأي وسيلة أخرى غير رؤية العين بينما في عصرنا الراهن يتم إرسال مركبة إلى الفضاء ويقول العلماء أنها ستصل إلى كوكب كذا في يوم كذا الساعة كذا .... وتصل فعلا في التوقيت المحدد بعد إطلاقها بأعوام. وكلنا لا زال يذكر فضيحة تغيير موعد عيد الأضحى بعد الإعلان عنه ببضعة أيام.



لقد ردد الشيخ شروط الزواج الصحيح وخرج علينا بأن الولد للفراش (يقصد فراش الزوجية) أي ينسب للزوج حتى ولم يكن هو الأب الحقيقي. وبالطبع حين وضعت هذه القاعدة لم تكن هناك أي وسيلة للتيقن من انتساب الأولاد بيولوجيا للأبوين، ولحماية الأبناء أساسا من إدعاءات بعض الآباء نكاية في زوجاتهم عند وجود خلافات زوجية أو لغيرها من أسباب فقد وضعت هذه القاعدة الرحيمة. أما سيدنا الشيخ فيرى أنها عقوبة للزوج المقصر (جنسيا!) سواء بسبب السفر أو الهجر أو حتى المرض. المهم أن عدم استخدام أدوات ومعارف العصر يخرج الشريعة عن مقاصدها وأذكر في هذا السياق أنه منذ نحو ثلاثين سنة كتب الأستاذ النابغة السعدي الذي كان مشرفا على صفحة الحوادث بجريدة الأخبار أن إحدى المحاكم في مصر قد نسبت رضيعا عمره شهرين لرجل كان مسافرا للعمل بالخارج لمدة ثلاث سنوات وجاء في حيثيات الحكم أنه "قد يكون أتى زوجته على جناح الجن". ويرى فضيلة الشيخ أنه بالنسبة لأبناء السفاح فإذا اعترف الأب بهم يكون ثواب للأب وإذا لم يعترف فلا تثريب عليه، وقد أمسك بهذه النقطة راسبوتين الشاب وظل يردد طوال ظهوره في البرنامج أنه إذا اعترف يثاب وأن الأمر متروك له مما يوحي بأنه ليس في حاجة لهذا الثواب، ربما لأن ما يحصل عليه من دورة الخطأ والتوبة أكبر وأبقى فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له. وأخذ منه الشيخ الكلمة وأضاف أن ابن الزنا لا يرث حتى ولو اعترف به الأب!!! المسألة إذن مسألة ميراث ولا أظن أنه شرع الله فسبحان الله عن الظلم وهو العدل الرحمن الرحيم. ما ذنب الطفل أو الطفلة الذي يأتي من سفاح هل سؤل أحدنا قبل مولده عن الأب أو الأم الذين يريدهما لنفسه بحيث يحاسب (أو يثاب) عن هذا الاختيار.



أما ترك موضوع الاعتراف بالنسب متوقفا على إرادة الأب فقط - بناء على ما جاء بكتب الفقه – دون تفهم لحقيقة مقصدها ودون الاحتكام إلى العلم فهو مناف لروح الدين ومقاصد الشرع. وقد كان الاعتراف هو الوسيلة الوحيدة الممكنة في هذه العصور الغابرة. أما الآن في عصر العلم نستطيع دون اللجوء إلى الجان أو المشايخ أن نتأكد من تحليل الحمض النووي للخلية (الدنا) أن نعرف من هو الأب ومن هي الأم، كما نستطيع ومنذ عقود أن نعرف اللص ببصمة أصبع تركها على الخزانة. وفي حالة راسبوتين الصغير فقد قررت المحكمة استخدام تحليل الدنا الذي طلبته المدعية عليه فإذا ثبت أنه الأب البيولوجي للطفلة "لينا" فسوف تحكم المحكمة بثبوت النسب دون الحاجة لاعترافه وستحرمه من الثواب الذي أفتى به الشيخ.



وأخيرا أظن أن الغرض من هذا البرنامج الذي قدمه الأستاذ محمود سعد الذي سبق له أن قدم في أحد برامجه الرمضانية الفنان فاروق الفيشاوي حول نفس الموضوع، هو الإساءة إلى المهندسة هند الحناوي وأهلها، ولكن في حقيقة الأمر فإن الموقف الوحيد الذي يبعث على الاحترام هو موقف هند الحناوي نفسها التي اعترفت بشجاعة بخطآها وتحملت مسئولية النتائج. ولقد توقفت طويلا عند قولها "لا أستطيع أن أعالج خطأ بخطأ آخر" وأعملت فيه النظر واستعرضت كيف كنا نعالج الأمر في مجتمعنا حتى الآن؟ ووجدت أنه إذا ما تورطت فتاه في علاقة وحملت فالأمر لا يخرج عن الاحتمالات الأربعة التالية: إذا كانت في الصعيد أو الريف تقتل ويقتل معها الجنين، إذا كانت في المدينة وتستطيع التصرف تجهض نفسها ويموت الجنين وتقوم بعملية ترقيع لغشاء البكارة، إذا كانت قليلة الخبرة وولدت بالفعل إما تقتل المولود أو تتركه على باب أحد الجوامع. في جميع هذه الحالات يتحمل الجنين/المولود النتائج إما وحده أو بمشاركة أمه. أما الشريك اللآخر (الأب) فيظل بعيدا عن أي مسئولية وكان الله بالسر عليم.



الآن وبعد واقعة هند الحناوي يستطيع الأبناء الذين ولدوا خارج إطار الزواج أن يدافعوا عن حقوقهم في الحياه والنسب لآبائهم، ولن يستطيع راسبوتين آخر أن ينجو بفعلته ثم يعطينا عبر الفضائيات دروسا في الرجولة وتحمل المسئولية وبناء الإنسان المسلم.

Comments

الحقيقة استطاعت هند الحناوي وأهلها بشجاعة فائقة تفجير أمر مسكوت عليه منذ أبد الآبدين، أمر لطالما عاشته مجتمعاتنا وتكتمت عليه وطمرته بأى الوسائل التي ذكرها الدكتور محمد منير مجاهد في مقاله الهام هذا، المرأة طوال عمرها تتحمل خطأ ارتكبته ( هذا إن أطلقنا عليه خطأ من الأساس )
حيث أفضل تسميته بضعف إنساني حيث خلقنا جميعا رجالا ونساء بعاطفة الحب والانجذاب للجنس الآخر والرغبة في الجنس وهذا أمر لم نختره لأنفسنا ولكن خلقنا الله عليه
المهم بعيدا عن مناقشة هذه المسألة وعودة إلى الموضوع الأصلي أحب أن أزيد على ما ذكره الدكتور مجاهد أن المرأة لطالما تحملت عواقب هذا الضعف الانساني ورغم أن مجتمعاتنا ظلت تشبه الرجل على أنه الذئب البشري الذي يتربص بالحمل الضعيف ليفتك به في أول لحظة ضعف، إلا أن نفس المجتمع أصر على الغفران للذئب ومعاقبة الحمل ، دوما تتحمل المرأة بسبب الأعراف والأخلاق السائدة والدين عواقب هذا الأمر من حمل أو حتى من فقدان للعذرية، هذا طبعا قبل شيوع عمليات الترقيع السائدة الآن، فكان الطريق الوحيد للمرأة التي تفقد عذريتها هو الانحراف كما تعودنا أن نشاهد في الأفلام المأخوذة من الواقع بالطبع، أو أن تبقى في دار أهلها عانس وحيدة للمات، بينما يتمتع الطرف الآخر بالمضي قدما في حياته والنظر لتلك الحادثة أو تلك على إنها إجدى نزوات الشباب ومغامراته ليضحك عليها ويتندر ويطلق شتى أنواع السخرية على كل الفتيات اللائي أوقعهن في حبائله، بينما يساعده الدين والأعراف والتقاليد على أن يستمر في سلوكه هذا وكل بني جنسه
منتهى العجب ...وفي نفس الوقت يشجع الشرع المرأة على الزنا ويالها من كلمة قميئة أكرهها ، وتنسب طفلها من عشيقها لزوجها طالما هناك ورقة بينهما
أعتقد أنه آن الآوان لعدم الالتفات إلى فتاوي الفقهاء الغابرين وبدء التعامل مع قوانين العصر الأكثر وضوحا وعلمية
أنا بالفعل أحيي هند الحناوي ووالديها لأنها فجرت قضية هامة وبمنتهى الشجاعة لفتت النظر إلى كثير من المسكوت عنه لمجرد الخضوع لأعراف والتقاليد البالية التي يجب أن ننفيها من حياتنا وكفى بنا عيشا في الخرافات في زمن لا يعترف إلا بالعلم والمنطق العقلي
أما عن أحمد فاروق الفيشاوي وشيوخ عصرنا المحدثين فأنا لا أحب التحدث عنهم لأنهم لا يستحقون مني تضييع وقتي في تحليل مواقفهم، أعتقد أنه يجب علينا نفيهم من حياتنا بتجاهلهم فهم لا يستحقون سوى ذلك
أمنية طلعت

Posted by: أمنية طلعت | Thursday, 21 April 2005

د محمد اعتقد ان الموضوع كان ملوش لازمة إنه يتعرض فى التليفزيو ن والفضائيات لأن دا فى مجتمعنا الشرقى فضيحة لهند أكتر من انه مساعدة ليها او لاصدار الحقائق
هى طبعا اعترفت انها أخطأت ودى حاجه تحسب لها بس المهم انها بالطريقة دى والاعلان المستمر هى اللى تحولت فى نظر معظم الناس الى الذئب .
وكان الموضوع يكون فى المحكمة فى مجراه الطبيعى بالاضافه للتحاليل الطبية والمحكمة صاحبة القرار وبيتهألى ان القضاء المصرى لسه بيقاوم غزو الكوسه ولسه شغال كويس بس بطىىىىىىىىء؟؟؟؟؟؟

Posted by: Taher Amin | Friday, 10 June 2005

لسه فيه ناس بتحاول وضع قوانين لتنظيم الخروج عن العرف او المالوف او الفوضى؟؟
الشجاعة ليست فى الجهر بالفواحش( ما ظهر منها وما بطن) او فى بيان تحامل القوانين
السماوية او البشرية على مرتكبى الهفوات او الكبائر, والمشكلة ليست فى المطالبة بالتغافل عنها باسم التسامح او التحضر, وليست المشكلة فى راسبوطين ولا فى الحنائى, المشكلة فينا احنا المتفرجين !!!!! ليه؟ لان اقصى ما يكننا عمله هو استخدام الريموت كونتزول لتغيير المحطة
بدل ما نتحضر اكتر من كده والواحد يلاقى نفسه قدام اعلانات تطلب التبرع لاثبات النسب بالموبايلات والرسائل الالكترونية

Posted by: kalidon | Friday, 28 October 2005

The comments are closed.