Friday, 08 April 2005
الانتفام من قتلة أحمد زكي - طارق جابر
الإنتقام لأحمد.
لا أريد أن أسهب كثيرا في تفصيل مدى حزني الشخصي لرحيل الأستاذ أحمد زكي، ولا حجم الخسارة التي أشعر بها لوداعه، ففي النهاية أنا مجرد واحد من معجبيه وعشاقه، كما أنني في النهاية مؤمن بقدر الله وسنة الموت مهما كان الفراق أليما وكانت الخسارة مفجعة.
ما يهمني هنا بالمقام الأول والأخير بعد أن أصبح رحيل أحمد – أناديه أحمد مع حفظ مقامه ولقبه ومنزلته ملتمسا شعورا بالقرب والحميمية معه – واقعا مرا مرارة العقلم والحنظل في نفسي وقلبي، حتى وحواسي لم تتقبل بعد – استغفر الله العظيم – تلقي وصف الفنان الراحل في تقديم أعماله أو الحديث عنه، ما يهمني هنا شيء واحد فقط هو أن أشفي صدري من ضيق وغل يصعب على الكلمات أن تصفه وأنا أتابع معاناة أحمد طوال العام الماضي مع المرض ثم أراه يذهب غيلة في نهاية رحلة المعاناة.
أشعر بغيظ وكمد رهيب لأنني أشعر أن أحمد قتل ومثل به بيننا دون أن يلتفت أحد لقاتليه أو يرفع في وجههم صحيفة إتهام.
أشعر بغيض وكمد بشع لأنني كنت أرى أحمد ثروة بكل معاني الكلمة، ليس فقط لأنه ممثل مبدع أو فنان موهوب، وهو كذلك، ولكن لأنني أرى فيه نموذجا للإنسان كما يجب أن يكون، الإنسان صانع الحضارة والتقدم وملهم الخير والجمال، الإنسان المتفاني في عمله وفي اتقانه وتجويده وابداعه والارتقاء به دون حد أو مدى أو سقف.
وأشعر بغيض وكمد لأنني كنت أريده أن يكمل فيلم حليم ويراه بيننا، وكنت أرجو أن أراه في رسائل البحر وأن يراه معنا، وكنت أتوق أن أراه في ألف ودور، أن أرى وجهه على الشاشة الفضية وقد حال توهجه وحضوره بيني وبين أن أرمش بعيني حتى لا توفتني لحظة مع هذا الحضور الطاغي والمتعة الصافية والتواصل الساحر.
لا أعرف كيف نخسر أحمد بهذه الطريقة وبهذا السبب دون أن نصب جام غضبنا ولعنتنا على من قتله وإغتاله خسة ووضاعة وحرمنا منه.
نعم الأجل والعمر بيد الله وحده، ولكن هذا لا يمنع حقيقة أن التدخين والتبغ الذي كان يدخنه الأستاذ أحمد في كل صوره وأشكاله وبكل شراهة كان سببا واضحا ومباشرا فيما آلت إليه نهايته.
إنني أطالب وأدعو إلى حملة شرسة ضد التدخين وصناعه وتجاره، وأدعو إلى تحريك قضية رأي عام ضد عادة التدخين، وقضية تعويض ضد شركات انتاج التبغ والسجائر بأقصي تعويض مادي متاح، وإن كانت بليونات الدنيا لن تعوضني عن لحظة كانت تمد في عمرك يا أحمد.
عقلي يرفض أن يرى جريمة واضحة ترتكب على هذا النحو، ويروح ضحيتها إنسان مثل أحمد زكي دون أن ينوه أحد مجرد تنويه بالقاتل المجرم وراءها.
وإذا كان قتل الأستاذ أحمد هو الذي حشد طاقة الغضب لإثارة هذه القضية فإن استمرار القاتل في جرمه واستمرار وتكرار وقوع الجريمة دافع أقوى لتغذية هذه الحملة وتوجيهها ضد هؤىء المجرمين.
لقد جسد فقدنا لأحمد حقيقة الخسارة والكارثة التي يلحقها بنا التدخين، في كل إنسان في بلدنا يدخن السجائر يوعرض نفسه ويعرضنا معه لهذه الخسارة.
إنني أرجو أن يتحرك من يملك الوسائل لشن حرب شاملة على التدخين، بلا هوادة ولا رحمة، كما أرجو أن نبدأ جميعا في حملة ضغط لسن تشريعات جديدة لمحاصرة هذه الصناعة الخبيثة أسوة بما تنتهجه الدول التي تقع أكبر مصانع التبغ والسجائر على أراضيها.
كتن أكره السجائر والآن أمقتها، وأعتبر أن الأستاذ أحمد رحمه الله مات مقتولا، وأن كل من يحب أحمد يجب أن ينتقم من قتلته بكل وسيلة ممكنة، وأتمني من كل قلبي أن يبدأ فريق من المحامين بتحريك قضية ضد شركات التبغ وتوجيه الإتهام لها بمسئوليتها المباشرة عن قتل أحمد زكي وضرورة تحملها للعواقب القانونية والمادية والأخلاقية عن هذه الجريمة الشنعاء في حق أحمد وكل إنسان كأحمد.
كما أدعو وأصلي إلى الله أن يأتي يود لا أرى فيه سيجارة واحدة ولا مدخن واحد في مصر.
أضع الإقتراح أمام كل من يهمه الأمر، وأرجو أن نتخذ من فاجعة رحيل أحمد دافعا للتعامل مع القضية بالجدية والصرامة التي يستحقها.
ولاحول ولا قوة إلا بالله.
23:50 | Permalink | Comments (1)
Comments
Good Site
Posted by: irinie | Saturday, 16 April 2005
The comments are closed.