Friday, 25 March 2005
المايسترو الاعلامي العربي - د. ابراهيم علوش
في التغطية الإعلامية، السياق هو كل شيء. فليس من تغطية إخبارية محايدة، والخبر نفسه يكتسب معانٍ مختلفة حسب السياق الذي يقدم فيه، وهو ما يجعلنا نرى مقاومة مثلاً حيث يرون إرهاباً.. والرسالة السياسية للتغطية الإعلامية لا تعرف من الخبر نفسه بل من سياقه الذي يتشكل من أدواتٍ ظاهرةٍ أو مستترةٍ: المصطلحات المستخدمة، ونوعية التفاصيل التي يتم التركيز عليها (أو تهميشها)، وزاوية وقوع الضوء في الصور المنتقاة، وتوجهات "الخبراء" الذين اختيروا للتعليق على موضوعٍ ما، وطريقة تكرار كذبة ما حتى تُقبلَ "حقيقة" أو "واقعاً"، وغير ذلك كثير. بالإمكان تقديم شخص يمارس التعاون الأمني مع العدو الصهيوني للجمهور من خلال تركيز الأسئلة الموجهة له على التنازلات التي رفض تقديمها مثلاً، وليس تلك التي قدمها فعلاً... مما يكرسه فجأةً ممثلاً سياسياً لنا، كما يجري عادةً مع الدحلان والرجوب ومن لف لفهم. وينشأ السياق المحيط بالخبر دوماً من عين محرر الخبر نفسه وموقعه السياسي، وبالتالي، رؤيته لمصلحة الكيان الذي ينتسب إليه، سواءٌ كان الأمة وأكبر شرائحها مثلاً، أو إحدى شركات سايكس-بيكو القطرية أو الطائفية أو شرذمة من المنتفعين من العلاقة مع الطرف الأمريكي-الصهيوني. ونرى الإدارة الأمريكية تتدخل عنوةً لدى الفضائيات العربية لتفرض سياقها هي على الحدث. ففي لعبة الإعلام، ينتصر الطرف الذي يفرض، من خلال سيطرته على وسائل الاتصال الجماهيري، سياق ورؤى جماعته بالذات. ولأن العقل البشري يتمتع أصلاً بمرونة الخروج من واقعه المباشر، بالتجريد وبالتحليل، يسعى المعسكر الآخر دوماً لأن يستقطب عقلنا ضمن شبكة سياقه، بهدف تشكيل وعي زائف لدينا، وعي يناقض واقعنا ومصلحتنا كأمة ويتفق مع مصلحته. وقد اتضح وقوع وسائل الاتصال الجماهيري في قبضة المعسكر الآخر أكثر ما يكون من الطريقة التي همشت أو تجاهلت فيها عشرات وسائل الإعلام العربية المظاهرة المليونية في بيروت يوم 8 آذار/ مارس 2005، أو حاولت أن تحتوي آثارها السياسية، كما فعلت الجزيرة من خلال بث أصوات وخطاب المعارضين للمظاهرة بشكل منهجي في الخلفية (السياق). وفي اليوم التالي، أظهر مسح مجموعة من المراقبين المقاومين لعشرات وسائل الإعلام العربية الرئيسية، المرئية والمكتوبة والمسموعة والافتراضية، جهداً منظماً في إخفاء حدث رئيسي من هذا المستوى وكأنه لم يكن.. وفي نهاية صيف 2004، قال أحمد سعيد (من إذاعة صوت العرب سابقاً) عبر إحدى الفضائيات العربية أن معظم تلك الفضائيات يحركها مايسترو واحد يحدد ماذا تطرح ومتى وكيف، وقد رأيت في قوله وقتها شيئاً من المغالاة باتجاه نظرية المؤامرة غير العلمية. وقد استثنى أحمد سعيد فضائيتي المنار وفلسطين. ولكن لا بد من الاعتراف أنه كان على حق، على الأقل في الخطوط العريضة، كما أظهرت (عدم) تغطية مظاهرة 8 آذار / مارس 2005 في بيروت المقاومة. خرج المايسترو بعدها من ذهول صدمته ليعيد تشكيل رؤيتنا لتلك المظاهرة العظيمة ضمن سياقه باعتبارها "بداية دخول حزب الله في العمل السياسي وابتعاده عن المقاومة"! ولكن مهلاً، ألم يكن حزب الله في مجلس النواب اللبناني أصلاً خلال المقاومة؟! ثم، أين التناقض في أن تسيّر المقاومة مظاهرة مليونية في اللحظة المناسبة، وأن تقاوم عسكرياً في لحظةٍ مناسبة أخرى؟! بل أتت المظاهرة تأكيداً مليونياً على مشروعية المقاومة المسلحة، وليس بديلاً لها، لكل من سمع ورأى... ويبقى لبنان البلد العربي الوحيد الذي تخاف "إسرائيل" الاعتداء عليه بسبب قدرات مقاومته، واللبنانيون يعرفون ذلك.. فلسطينياً، استغل المايسترو الإعلامي حوارات القاهرة ليوحي ليل نهار أن حماس والجهاد ومنظمات المقاومة "ألقت السلاح" و"دخلت لعبة الانتخابات الأمريكية". والهدف دائماً نشر الإحباط والقنوط والإيحاء أن كل شيء انتهى، وأن المشروع الأمريكي هو الوحيد السائر على الأرض. ولكن، لحظة! أليست الهدنة مشروطة بالإفراج عن الأسرى بالكامل؟! ألا تقول الفقرة الأولى منها بمشروعية المقاومة؟! بل هي تدعو لدولة فلسطينية دون تحديدها بالضفة وغزة لمن قرأ جيداً... لا أدافع عن الهدنة أو حوارات القاهرة بالطبع، بل أدعو لكشف أهداف ووسائل الخطاب الإعلامي المعادي. فهي معركة على العقول والقلوب لا تقل أهمية عن أي تحدٍ أخرٍ تواجهه أمتنا، ولهذا علينا التفكير جيداً كيف يكون للمقاومة الشعبية العربية منابرها ووسائل إعلامها المستقلة عن المايسترو.
11:45 | Permalink | Comments (2)
Comments
يا أخي إبراهم سبق وأن تكلمنا وجها لوجه في هذه الأمور منذ بضعة سنوات وقلت لك أن المؤامرة ليست مجرد نظرية بل هي واقع نعيشه وأصبحنا اليوم وقد حكمنا عملاء للصهيونية الأمريكية مثل خفي الذكر محمد حسني مبارك أو صبي الأردن أو بقايا يهود يثرب الذين يحكمون دول ودويلات الخليج.
التعتيم الإعلامي في الفضائيات العربية أشد منه في الإعلام اليهودي الأمريكي البريطاني، ولولا الإنترنيت ما عرفنا أن أمريكا هزمت في العراق وأن رحيلها عنه وشيك مهما حاول الأذناب والعملاء ممن كان على شاكلة عمرو موسى أو غيره من خبيث العملاء.
أطيب تمنياتي وأتمنى أن يجمعنا لقاء آخر.
Posted by: محمد عبد اللطيف حجازي | Sunday, 23 October 2005
عندما يكذب عمرو موسى ويسرب من خلال أجهزة إعلام مرتبطة بالنظام السعودي، بأنه وفقا لترتيب كردي قد اجتمع مع قيادات مزعومة وغير مسماة من حزب البعث العربي الاشتراكي، فإنه يكون قد حقق في تنفيذه لتوجيه الخارجية الأمريكية تناغما متعمقا مع سياق الكذب الذي مارسته وزارة الدفاع الأمريكية وغيرها من مؤسسات الاحتلال سابقا عن اجتماعاتها المزعومة مع البعث وقياداته والمقاومة وقياداتها.
إن حزب البعث العربي الاشتراكي لم تجتمع أيا من قياداته - أو من هو مخول من قيادة قطر العراق - مع عمرو موسى، والمحاولة البائسة بافتراض قيادات وهمية يجتمع معها عمرو موسى ليس إلا تغطية على حقيقة أهداف الزيارة الموجه بها أمريكيا. البعث العربي الاشتراكي بكل هياكله التنظيمية وكوادره المناضلة في القطر العراقي يعمل وفقا للمنهاج السياسي والاستراتيجي للمقاومة العراقية المسلحة، ويعزز موقفه الجهادي المقاوم وفقا للتوجيه الاستراتيجي الصادر بتاريخ الثاني من تشرين أول الجاري عن الرفيق المناضل أمين سر القطر وكالة.
ألا بئس كذب عمرو موسى الموظف العربي الكبير، وهو يحقق وللأسف - وفقا لتوجيه الخارجية الأمريكية - حالة الاندماج الإقليمي العربي مع مخططات ومشروعات الاحتلال الأمريكي في العراق المقاوم، حيث يحقق البعث و تحقق المقاومة العراقية المسلحة أرجحية فعلهما الجهادي المؤسس على قاعدة المقاومة والتحرير، والمنطلق من خيار المقاومة المسلحة غير المرتد.
جهاز الإعلام السياسي والنشر
حزب البعث العربي الاشتراكي
العراق في الثالث والعشرين من تشرين أول 2005
التوقيع: المقاومة الوطنية العراقية ... الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراق
Posted by: محمد عبد اللطيف حجازي | Monday, 24 October 2005
The comments are closed.