جريدة الوعي المصري الإلكترونية في شبرا الخيمة
هل هنا حقا مفرخة الجيل الثالث من الارهابيين


عزبة عثمان - برك مجاري واكوام قمامة

كان اليوم يوم شم النسيم ... ركبنا مترو الانفاق الى آخر خط شبرا الخيمة اكثر مناطق العالم في تلوث الهواء حيث يسكن مليونان من البشر ... تركنا محطة المترو ... زحام شديد وضوضاء حتى وصلنا الى موقف الميكروباص وسالنا عن ميكروباص العزبة ... والعزبة هنا هي عزبة عثمان حيث يقع شارع الازهري الذي كان يسكن به بشندي المرتبط بتفجير خان الخليلي.
تحرك الميكروباص ومشى في شوارع وحارات ضيقة لم ترصف من ايام الهكسوس او بالاحرى منذ دحا الله الارض ... كنت اشعر باني في مركبة قمرية تستكشف وتتجول فوق سطح المريخ الغير ممهد .. وبرغم بطء الميكروباص المتهالك كان الكرسي يتقاذفني الى سقف الميكروباص لاستقر فيه ثانية ... وتعجبت كيف ان هذا الميكروباص الذي يقطع هذا المشوار عشرات المرات في اليوم ما زال يعمل وتساءلت كم العمر الافتراضي لاي سيارة اذا كان صاحبها يسكن هنا ... واكتشفنا ان الميكروباص الذي نركبه هو انظف وسيلة مواصلات هنا لانه بيروح عند المترو - بره - اما بقية وسائل المواصلات - جوه - هنا فعبارة عن سيارات نقل يحشر الناس في صندوقها !!!


شارع الازهري حيث كان يسكن بشندي واطفال يلعبون الكرة بعضهم حفاة
ولا مظاهر اخرى تدل على ان اليوم شم النسيم

الجميع هنا يعرف شارع الازهري ولم نجد صعوبة في الوصول اليه ويبدو ان قبضة الامن قد خفت قليلا عن هذه المنطقة فاصبح الناس يتحدثون بحرية اكثر على عكس منطقة عزبة رستم كما سترون فيما بعد ... ولكن حرية محدودة وقليلون من رحبوا بنا والاخرون كانوا ينظرون الينا بحذر ... جلسنا في محل للهدايا يمتلكه احد شباب المنطقة والذي رحب بنا ... انا بابيع برفانات ومستحضرات تجميل باجيبها من الموسكي ... دلوقتي مش عارف اروح الموسكي لانهم بيشوفوا البطايق ولو شافوا انا ساكن فين تبقى وقعتي سودة ... انا مش فاهم ايه اللي حصل ... العيلة دي متدينة وطيبة لكن اكيد الواد ده حد عمل له غسيل مخ ... تلاته من اصحابي اتقبض عليهم من ضمن المائتين ... انا لو اقدر اسيب شبرا الخيمة واعزل كنت سبتها ...


منظر اخر لشارع الازهري


شارع الازهري


هذا الرجل في اقصى اليسار سالناه عن بشندي قال معندناش مسيحيين هنا !!!
وهذه السيدة التي ترتدي الخمار تسكن في بيت بشندي وقالت لنا كفابة الرعب اللي شفناه روحوا عزبة رستم !!!
بينما يجلس شرطي يرتدي زي شرطة محافظة القليوبية

لم تكن هذه السيدة وحدها الخائفة فكل سكان المنطقة يتوقعون حملات من القبض العشوائي كلما حدث شيء في البلد ... صاحب محل بقالة حكى لنا عن صديقه محمد اللي مسكوه لمجرد انه مربي دقنه ... لكن هو كان محظوظ وسابوه تاني يوم على عكس كثيرون اخرون لم يتركوهم ... والجميع يعرف التعذيب الذي يجري عليهم.
لاحظوا اللوحة الملونة على العمارة والتي تشبه علم مصر ... هذه اللوحة عبارة عن اعلان لدار حضانة اسلامية ثم احد الماثورات التي يعتقدون انها اسلامية ثم اسم الشارع لان الحكومة ببساطة لم تضع لوحات باسماء الشوارع في تلك المنطقة العشوائية وتركت الامر لاي كان فاستخدمت في الدعاية وفي ترويج الافكار ايضا ... فعلى تلك اللوحات والتي تتكرر بطول الشارع وكل الشوارع المحيطة تقرا مثلا ... السعادة في طاعة الله ... راحة القلوب في ذكر الله ... الخ ... غابت الحكومة حتى عن لوحات الشوارع ... وحل محلها الاسلاميون وخدماتهم لسكان المنطقة مثل دور الحضانة والعيادات وغيرها ... وانا هنا لا اشكك في نية الاسلاميون فربما هم يقومون بافعال الخير فقط ... ولكن لا يجب ان نغفل اي افكار قد تقدم باليد الاخرى للمساعدة في ظل غياب الحكومة عن تلك المنطقة العشوائية التي يعيش شبابها في خطر اعتناق التطرف هربا من ظروف الحياة الصعبة ...
اما الجامع او بالاحرى الزاوية الموجودة في الشارع تحت احد المنازل فانها تغلق مباشرة بعد كل صلاة ويبدو انها تعليمات امنية ...


منزل بشندي


طوابير الخبز والتي اصبحت معتادة في كل مصر وليست قاصرة على شبر الخيمة فقط
وما ينفعشي تاخد عيش باكتر من جنيه


تلال القمامة في شوارع شبرا الخيمة مفرخة للبط ام مفرخة للارهاب


شارع الطوخي حيث عائلة الارهاب المزعومة

انتقلنا الى عزبة رستم سيرا على الاقدام حيث استغرقت المسافة حوالي ربع ساعة عن طريق التخريم في حواري شبرا الخيمة وتوقفنا لشرب العصير عند محل لعصير القصب تديره سيدة شابة اسمها هيام تصادف انها من سكان شارع الطوخي ... دردشنا معها قليلا واشتكت لنا من ان المنطقة سيئة وانها تريد تركها ... المراهقون يتجولون بحرية بالسلاح الابيض وضرب حقن الماكستون فورت منتشر والمنطقة خطيرة ليلا ... الحكومة مش بنشوفها ولا بتسال فينا الا لما تحصل مصيبة زي دي ... دلوقتي بقينا بنشوفهم كل يوم!!! السيدة لا تعرف القراءة والكتابة لكنها كانت متعاونة لاقصى درجة حتى انها تركت المحل لاطفالها وسارت معنا لترينا اين يقع شارع الطوخي ...


الشارع طويل برغم ضيقه يقطع عزبتين هما عزبة رستم وعزبة الجبلاوي
وعندما راينا الهضاب والحفر في الشارع عرفنا لماذا سميت عزبة الجبلاوي بهذا الاسم
لا تستطيع دبابة الوصول الى اخر الشارع بسبب تضاريسه التي تشبه تضاريس افغانستان
فماذا لو شب حريق واحتاج الامر دخول سيارات المطافي

في شارع الطوخي اسم يسري ياسين معناه الخطر ... الجميع ينكر معرفته بهذا الاسم ... فهذه هي عائلة من يزعمون انه نفذ عملية عبد المنعم رياض ونفذت اخته عملية السيدة عائشة ... لا حظنا وجود عدة مقاهي انترنت في الشارع ... اما المقاهي العادية فكلها تعلق صور لمطلوب القبض عليهم في التفجيرات الاخيرة ... الشارع كان ملغم مخبرين ومباحث في ملابس مدنية ... شكلهم باين الصراحة مهما حاولوا التخفي وهو ما يبرر احجام سكان الشارع عن التعاون معنا ... جلسنا على مقهى وسالنا صاحبه عمن يعلق تلك الاوراق فاجاب انها المباحث ... تعلقها دون ان تاخذ راينا ... لم يدلنا احد على بيت الارهابي وانكر الجميع معرفتهم به بل ولم يرحب احد بالحديث معنا حتى ان صاحب محل خضار بعد ان تحدثنا معه قليلا قاطعنا بوجه متجهم قائلا اتفضلوا اشربوا شاي ... وهي تعني بوضوح خلاص وقتكم معايا خلص واتفضلوا من غير مطرود ... واقتصر كلامه القليل معنا حول ان ازاي الارهاب مش كويس وها يبوظ البلد وكانه بيقتطف مقتطفات من برنامج تلفزيوني مصري ممل ... شعرنا بالجوع فاشترينا بعض المخبوزات من احد الافران وهذا هو المكان الوحيد الذي راينا فيه اثار للاحتفال بشم النسيم حيث كانوا ياكلون وجبة من سمك الرنجة وعزموا علينا نشاركهم ... وقال احدهم ان المنطقة فيها قلق امني وبيوقفوا الناس ويشوفوا البطايق ...


القهوة التي جلسنا عليها

جلسنا نتناقش اذا افترضنا حقيقة ما تزعمه الحكومة حول العمليات الاخيرة اليست الحكومة هي المسئولة عن هذا ... جعلت الشباب يلجأ للتطرف الديني للهروب من حياته المهملة من الحكومة ... وتكون الشهادة كما يفهمها ملاذه الاخير ... وهنا قاطعني صديقي الصحفي الاسباني ولكن لماذا يصر على ان ياخذ اخرون معه الى الاخرة ... لم اعرف الاجابة ... من اجوبة الناس لاحظنا انه لا احد يريد ان يعيش في شبرا الخيمة ... كل الناس عاوزة تعزل وتسيبها ... مجاري وتلوث وقمامة ... شوارع ضيقة وشقق لا تتجاوز مساحتها اربعون مترا ... في هذه العتمة والظلام والمستقبل المجهول لا يجد الناس خلاصهم الا في الاسلام ووعده بجنة الخلد ... لكن البعض فهمه قاصر لا يفهم صحيح الدين ويتعجل الاخرة ... هروبا من الدنيا ... وفي شبرا الخيمة اربعة تعجلوا الذهاب الى الاخرة واخذوا معهم ما تيسر من السياح الاجانب ... ام ان هناك يد خفية وراء ذهاب هؤلاء الى الاخرة ... يد لا يعلمها الا الله ...


مسجد ضخم يبنيه احد رجال الاعمال في تلك المنطقة الفقيرة
رغم ان المثل بيقول اللي يعوزه البيت يحرم على الجامع